فقال سلمان: «وهل يمنعك من ذلك بعد المسافة أم أنت سائر في مهمة على عجل.»
قال: «نعم أني سائر في مهمة على عجل ولكن ذلك لا يمنعني من المسير إلى مكة لو لم يكن أعداؤنا لنا فيها بالمرصاد.»
فقال سلمان: «وأي الأعداء تعني.»
قال: «أعني بني قريش أعمام نبينا فإنهم لا يزالون يتوقعون فرصة للفتك به وهو إنما جاء المدينة مهاجرا فنصرناه كما قدمت وقد تبعه إليها نفر من ذوي قرباه أما الباقون فلا يزالون في مكة وقد تحالفوا على عدوانه وفى مقدمتهم أبو سفيان الأمير التاجر الشهير.»
فقال سلمان في نفسه (أن تلك مشكلة لم تكن من حسباننا وتصور أن في الطريق بين المدينة ومكة خطرا لما بين أهل البلدين من العداوة) فنظر إلى المدني وقال: «هب أننا تركناك في المدينة فهل في طريقنا إلى مكة من خطر.»
قال: «لا خطر عليكم إذا سرتم في طريق معروفة ولو كنتم من دعاة الإسلام مثلنا لكان في مسيركم خطر ولكنكم غرباء سائرون في سبيلكم ولعل الأفضل أن تسيروا في قافلة لأنكم تكونون في كثرة فلا خوف عليكم من طارق بإذن الله.» قال ذلك وصمت وأطرق كأنه يفكر في أمر طرق ذهنه بغتة.
فنظر سلمان إلى حماد كأنه يستطلع رأيه بعد ما سمعاه من ذلك اليثربي فقال حماد: «أرى أن نرافق الرجل إلى المدينة ثم ننظر ما يكون من أمرنا.» ثم إلتفتا إلى الرجل فإذا هو مطرق يتلاهى باصلاح ثنيات ثوبه فابتدره سلمان قائلا: «ما بال أخي قريش مطرقا يفكر ألعل رأيا جديدا فتح عليه به.»
قال: «لم يخطر لي رأى جديد ولكني تذكرت أمرا ذا بال أظنه يهمكم أيضا.»
فتطاول سلمان بعنقه وقال: «وما ذلك.»
قال: «تذكرت حديثا سمعته من معسكرنا في عمان فإذا صح مسيرنا إلى مكة قريبا فتدخلونها آمنين مطمئنين.»
अज्ञात पृष्ठ