قال: «ذلك ما لا بد منه إذا دعت الحالة إليه وسنرى ما يكون من أمر هذا الجند ولكن الحارث جاءني بالأمس وتداولنا في الأمر مليا وأخذنا في حشد الرجال وإعداد معدات القتال وعلى الله الاتكال.»
فلما سمعت سعدى باجتماع الحارث بزوجها أيقنت أنهما تداولا في شأن هند وتوقعت أن تسمع حديثه من جبلة ولكنها علمت انه لا يذكر ذلك وهند حاضرة تظاهرت بالملل وقالت: «أظنك تعبا من جراء السفر في هذا الصباح فهل تريد الذهاب إلى الفراش.» فأدرك مرادها فأجاب دعوتها ونهض ونهضت هند ولم يفتها المراد من ذلك فانصرفت إلى غرفتها بدعوى الرقاد وقد نظرت إلى والدتها بطرف خفي كأنها تذكرها بوعدها فافترقوا وخلت سعدى بزوجها في غرفة الرقاد وقد أعد له الخدم ثياب النوم فبدل ثيابه وبدلت هي ثيابها وكلاهما صامت يفكر في جهة والموضوع واحد.
الفصل السابع والعشرون
كشف السر
فاتكأ كل منهما على سريره والسريران متقابلان وفي الغرفة شمعات مضيئة على مائدة وقد هدأ الليل واستولى السكوت على ذلك الصرح لذهاب الناس إلى منامهم إلا ما كانوا يسمعونه من صهيل خيول في معسكر حاشية جبلة عن بعد.
فبدأ جبلة بالكلام قائلا: «عهدت إليك مهمة منذ أيام وكنت أتوقع قدومك إلينا بخبر إتمامها فأبطأت حتى استبطأ الحارث جوابي فجاء يستعجلني فيه وقد آنست منه تغيرا لما كان يتوقعه من سرعة الإجابة خصوصا بعد ما سمعه من قدوم هؤلاء العدنانيين فانه يرى التعجيل في الاقتران قبل وصولهم.»
فأحست سعدى بما جرته على نفسها من المشاق بما أكدت لهند من الوعود فترددت برهة في الجواب.
فابتدرها جبلة قائلا: «ما بالك لا تجيبينني ألعل في الأمر مندوحة للتردد.»
قالت: «لا أعلم ذلك ولكنني اعلم أن هندا لم ترصحة منذ ذكرت لها هذا الأمر.»
فقال: «وماذا كان جوابها.»
अज्ञात पृष्ठ