فقالت: «لا أظن أمرا يهمك لا يهمنا ومهما كان من شأنه فان بالنا لا يهدأ إلا بمعرفته.»
فقال: «دعينا من الخوض فيه وقد يكون سحابة صيف تنقشع ولا تمطر.»
فاشتاقت سعدى إلى استطلاع الخبر وعلمت انه منقبض من خبر سمعه ولم يتحقق صدقه. فقالت: «هب انك لم تتحقق ما سمعته فاطلعنا عليه.»
قال: «جاءنا قادم من الحجاز يخبرنا بقدوم جند من العرب لمحاربتنا.»
فبغتت سعدى وقالت: «وما سبب قدومهم ولا نعرف بيننا وبينهم ما يوجب حربا.»
فهز رأسه واعتدل في مجلسه وجعل يمشط لحيته بإصابعه وقال: «أن هؤلاء العرب عصابة قوية برئاسة نبي ظهر بينهم يدعو الناس إلى دين جديد وقد بعث كتابا يدعونا فيه إلى دينه فوصل كتابه إلى الحارث فمزقه وامتهن حامله فشق ذلك على صاحب الدعوة فأنفذ جندا من رجاله لمحاربتنا فبثثنا العيون والأرصاد لمراقبة مسيرهم ولا نعلم متى يصلون.»
فبغتت هند عند ذكر الحارث وقالت في نفسها (قد كتب علينا الشقاء على يد الحارث وابنه فلا حول ولا) ولكنها نظرت إلى والدها وقد ثارت فيها الحمية وقالت: «وما يخيفنا من قدوم هؤلاء العدنانيين ونحن بني غسان رجال أشداء لا نرهب القتال.»
فانشرح صدر جبلة لما أظهرته هند من الشهامة وقال: «نعم إننا لا نخاف حربهم ولكننا كنا في غنى عن حشد الرجال وإعداد معدات الدفاع وحصوننا لا تزال مهدمه على اثر حروبنا مع الفرس سامح الله الحارث لما جره علينا من البلاء.»
فقالت سعدى: «يظهر أن هؤلاء العدنانيين إنما يريدون قتال الحارث لا قتالنا.»
قال: «نعم ولكننا جميعا تحت سيطرة الروم فإذا احتاجوا إلى دفاع استنجدونا جميعا ولا يسعنا إلا الإذعان.» فقالت هند: «أيخطئ الحارث ونحن نحارب عنه.»
अज्ञात पृष्ठ