جواز الفطر للمسافر ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع، وإن صام المسافر أجزأه (١).
وبالتأمل في الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع يظهر أن صيام المسافر على ثلاث حالات على النحو الآتي:
الحال الأولى: أن يشق الصيام عليه مشقة شديدة (٢) غير محتملة بحيث لا يستطيع تحملها، أو يضره الصيام (٣) فيجب عليه أن يفطر، ويحرم عليه الصوم؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (٤)؛ ولقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٥)؛ لأن النبي ﷺ عندما شكا إليه الناس في غزوة فتح مكة - فقيل له: إن الناس قد شقَّ عليهم الصيام، دعا بقدح فرفعه حتى نظر الناس إليه فشرب، فقيل له: إن بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» (٦).
الحال الثانية: أن يَشُقّ عليه الصيام مشقّة يسيرة محتملة، بحيث يستطيع تحملها، ولكن الفطر أرفق به، فيستحب له أن يفطر، ويكره له
(١) المغني لابن قدامة، ٤/ ٤٠٦.
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين، ١٩/ ١٣٥، والشرح الممتع له، ٦/ ٣٣٨ و٣٥٦.
(٣) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، ٥/ ٢٥٨،٢٦١.
(٤) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٥) سورة البقرة، الآية:١٩٥.
(٦) مسلم، برقم:١١١٤، وتقدم تخريجه.