﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ - قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ - وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ - إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الشعراء: ١١١ - ١١٥] ومقصودُهُم أنَّ أتْباعَكَ فقراءُ، آمَنوا بِكَ؛ لِينالوا مقصدَهُمْ مِن العَيشِ، لا أنَّ إيمانَهم كان لِدَليلٍ يَقْتَضي صِحَّةَ ما جئتَ بِهِ؛ فَلِهذا رَدَّ عَلَيهم بمِا رَدَّ.
[التكبر عن نصرة الحق لأن أنصاره ضعفاء]
التكبر عن نصرة الحق لأن أنصاره ضعفاء (الثالثة عشرة) من خصالِ الجاهلِية الإِعراضُ عَن الدخولِ في الحَقِّ الَّذي دَخَلَ فِيهِ الضعَفاء؛ تَكَبُّرًا وأنفَةً. فردَّ الله تعالى عَلَيْهم ذلِكَ بقولِهِ في سُورةِ [الأنعام ٥٢-٥٣]: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ - وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٢ - ٥٣] ومِثلُ ذلكَ قوله تَعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ١ - ٢] وغيرِ ذَلِكَ.
وحاصلُ الرَّدِّ أنَّ مَن آمَنَ مِن هؤلاءِ الضُّعفاءِ، إِنَّما كانَ إيمانُه عَن بُرهانٍ، لا كما زعم خصومهم، ولست أنت بمسئول عنهم، ولا هم بمسئولين عن حسابك، فطردُهم عن بابِ الإِيمانِ من الظلمِ بِمَكانٍ.
[استدلالهم على بطلان الشيء بكونهم أولى به لو كان حقا]
استدلالهم على بطلان الشيء بكونهم أولى به لو كان حقا (الرابعة عشرة): الاسْتِدْلالُ على بُطلانِ الشَّيء بِكَونِهم أوْلى بِهِ لَوْ كانَ حَقًّا. قَالَ تَعالى في سورةِ [الأحقاف١١] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ [الأحقاف: ١١] بعدَ قوله [١٠] ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: ١٠]
1 / 221