تنبَّه أخي فماذا العمى ... وقد بَلَغَ السيلُ أعلى الرُّبى
تواريتَ في جُنح ليل الذنوب ... ولم ترَ إشراق فجر الدُّجى
فكيف رضيتَ ترى قاضيًا ... وفوقكَ بالقهر قاضي السما
وكيف عجزتَ يحمل القميص ... وتقوى على حمل حقِّ الملا
وأصبحتَ بالظلم في غاية ... ومرتبةٍ ما لها منتهى
وقال:
أما في الأُلى سلفوا عبرة ... لمثلكَ دلَّت على ما نأى
فأينَ القضاةُ وأين الملوك ... وأين الحُليُّ وأين الحُلى
وأينَ الأحاديثُ في سردها ... وقد أنبأتكَ بذمِّ القضا
فإن قلتَ إني امرؤٌ عادلٌ ... فلا تنس "من حام حول الحمى"
درءُ المفاسدِ تقديمهُ ... على جلب مصلحةٍ يرتضى
وإن قلتَ إني أمرؤٌ منكرةٌ ... عليها فدونكَ رحب الفضا
وكلُّ مَنْ تخلفُهم للذي ... أحاط بما كان تحت الثرى
فقد رزَقَ الطير في وكرهِ ... وخصَّ الجنينَ بِطيبِ الغِذا
وعشْ باليسير وأكل الشعير ... وترك الحرير ولبس العبا
فذلك أهونُ من بيع دينكَ ... يا غافلًا بدين الدُّنى
فلما أن اطلع الأمير يوسف الشهابي على هذه الأبيات دخلت قلبه خشية الله، فبادر إلى إعفاء الشيخ من القضاء وعيَّن له مرتَّبًا يكفيه، فامتدحه الشيخ البربير بقوله:
أميرُنا أَكرِمْ من حاتمٍ ... له بَنانٌ ضاق عنها الفضا
بحلمهِ أدركتُ ما أشتهي ... وقد كفاني الله شرَّ القضا
1 / 15