كالجمل الهائج، وفي يمينه سطل العسل، وفي كتفه اليسرى يعلق جرابا فيه زاده. راقبه خصومه ليعرفوا كيف يتوجه، ولما اختفى عند الصليب تأكدوا أنه ذاهب إلى جبيل، وفيما هو يصعد في عقبة شامات
34
سأله رجل مجد في سيره: من هنا الطريق إلى عين كفاع؟ - نعم، خط مقوم، انظر، عين كفاع قبالتك، وجهك والدرب. قال له كل هذا وهو يفكر في مصيره، وما تقتضيه الدعوى.
وما ابتعد الرجل عنه مقدار رمية حجر حتى استوقفه قائلا: يا عم، من تقصد من عين كفاع؟ - الخوري يوسف مسرح. - بالبيت، حظك طيب.
وتوجه كل منهما في سبيله: قرياقوس يزحف ليبلغ جبيل مع الغروب، وتفتح له هديته الباب كما زعم، والرسول ليؤدي الرسالة في حينها. الرسول يغني العتابا والميجانا، وقرياقوس يشكو إلى نفسه خفة كيسه. لم يبق لديه غير ثلاثمائة قرش والموسم بعيد. الدعوى كبيرة، جناية يحتاج النفوذ في مضيقها إلى ألوف، ومن أين له الألوف؟ واشتدت عليه وطأة ذلك الحلم الواعي، فصاح: القرش الأبيض لليوم الأسود، بالمال ولا بالرجال، بيني وبينهم إسطنبول.
وتذكر الرجل الذي التقى به فصرخ: ها، ها. بان الفرج، وعن له في ذلك الوادي - وادي حبالين
35 - أن يهد علي الزير بما يناسب المقام، فصرخ:
ألا يا خال خليها على الله
ولا مستعجلا يبلغ مناه
اصبر يا قرياقوس، هذا مكتوب المطران بو نجم لخوري مسرح، يحرس دين لحيتك ولحيته يا خوري يوسف. شدوا يا كلاب العرب، أنا قرياقوس أنا! الليلة ننام عند يزبك القويق في جبيل، ثم خفض صوته وقال: وبكره نكون في «المنصف».
अज्ञात पृष्ठ