फरसा वा दबाबा
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
शैलियों
ونظرت إليه بوجهها الحبيب المعروف الذي طالما ظهر في المجلات النسائية الشهيرة، والذي لم يتدهور إلا قليلا من جراء الشراب، ومن جراء السهر، إلا أن تلك المجلات لم تظهر محاسنها الخفية، ولا يديها الرقيقتين الصغيرتين. وإذ نظر ورأى ابتسامتها اللطيفة المعهودة، شعر بالموت يأتي ثانية. وفي هذه المرة لم يكن في عجلة من أمره. كان نفخة هواء كالريح الذي يمايل الشمعة ويطيل شعلتها. - يمكنهم أن يحضروا شبكة النوم فيما بعد ويعلقوها من الأشجار ويوقدوا النيران. إني لن أدخل إلى الخيمة هذه الليلة. لا يستحق الأمر عناء الانتقال. إنها ليلة صافية. ولن يسقط المطر.
إذن ... فهكذا تموت، وسط همسات لا تسمعها. حسن، لن يكون هناك مزيد من الشجار. إن بوسعه أن يعد بذلك. إنه لن يفسد الآن التجربة الوحيدة التي لم يمر بها أبدا من قبل. قد ينجح في ذلك. إنه قد أفسد كل شيء. ولكن ... ربما ينجح هذه المرة. - هل يمكنك أن تكتبي ما أمليه؟
قالت: إنني لم أتعلم ذلك من قبل. - لا عليك.
ليس هناك متسع من الوقت طبعا، ولو أن الأمر يبدو واضحا لدرجة قد يمكنك معها أن تضعه كله في فقرة واحدة إذا أمكنك أن تجيد صياغتها.
كان هناك بيت من كتل الأخشاب ملطخ هنا وهناك بالمونة البيضاء قائم على تل أعلى البحيرة. وكان ثمة جرس مقام على عمود خشبي إلى جوار الباب لدعوة الناس إلى تناول الطعام. وخلف المنزل تقع الحقول، وخلف الحقول الأشجار التي يؤخذ منها الخشب. وثمة صف من شجر الحور اللومباردي يمتد من المنزل حتى المدفأة. وأشجار حول أخرى على طول النتوء البحري. وثمة طريق يصل إلى التلال على طول حافة الأشجار، وكان يقطف الفراولة البرية من ذلك الطريق. ثم حدث أن احترق ذلك البيت الخشبي، واحترقت كل البنادق التي كانت معلقة على الرفوف المصنوعة من أقدام الغزلان فوق المدفأة المكشوفة، وبعد ذلك أصبحت مواسير البنادق - والرصاص ذائب في خزاناتها وكعوبها محترقة تماما - ملقاة على كومة الرماد الذي كان يستخدم كقلوي لصناعة الصابون في الغلايات الحديدية الكبيرة، وسألت جدك إذا كان يمكنك أخذها لتلعب بها فقال: كلا. أترى، أنها كانت لا تزال بنادقه، ولم يشتر أي بنادق أخرى غيرها، كما أنه لم يعد يصطاد بعدها أبدا. وأعيد بناء المنزل في نفس موقعه من العروق الخشبية هذه المرة، وطلي باللون الأبيض، ومن شرفته يرى المرء أشجار الحور ووراءها البحيرة، ولكن لم تكن هناك بنادق أخرى بعد ذلك. وأضحت خزانات البنادق التي كانت معلقة على أقدام الغزلان على الحائط في المنزل الخشبي القديم راقدة هناك على كومة الرماد ولم يلمسها أحد قط.
وبعد الحرب، في الغابة السوداء، قمنا باستئجار غدير يزخر بأسماك الأطروط. وكان ثمة طريقان للوصول إليه، أولهما من الوادي عند «ترايبورج» إلى طريق جانبي يصعد في الجبال، مرورا بكثير من المزارع الصغيرة ذات البيوت التي يشتهر بها الريف الألماني، إلى أن يفضي إلى الغدير، حيث يبدأ صيدنا. والطريق الثاني يمر من حافة الغابة إلى أعلى التلال من خلال غابات الصنوبر، خروجا إلى حافة المرج إلى الجسر. وكانت هناك أشجار سندر على طول الغدير، الذي لم يكن كبيرا بل كان ضيقا، صافيا، جاريا، مكونا بحيرات في الأمكنة التي ضربت فيها جذور الأشجار. وكان موسم الصيد طيبا بالنسبة لصاحب الفندق في «ترايبورج». كان كل شيء بهيجا، وكنا جميعا أصدقاء حميمين. وفي العام التالي جاء التضخم ولم يكف المال الذي ربحه صاحب الفندق في العام الذي قبله لشراء التجهيزات اللازمة لفتح الفندق فشنق نفسه.
بإمكانك أن تملي هذا ولكن ليس بإمكانك أن تملي مشاهد ميدان «كونتر سكارب»، في باريس، حيث بائعو الأزهار يصبغون أزهارهم في الطريق وتسيل الصبغة على الرصيف عند رأس خط الأوتوبيس، والشيوخ والعجائز سكارى على الدوام بالنبيذ وبالبراندي الرديء، والأطفال سائلة أنوفهم في البرد، ورائحة العرق النتن والفاقة والسكر في مقهى «أما تيرز»، والعاهرات في مرقص «ميزيت» الذي كان يقيمان أعلاه. وبوابة المبنى التي احتفت بجندي الحرس الجمهوري في شقتها، وخلع عنه خوذته ذات الريش المصنوع من شعر الجياد ووضعها على الكرسي. ونزيلة الحجرة التي تقع في آخر الصالة، التي يعمل زوجها في سباق الدراجات، وفرحتها ذلك الصباح في محل الألبان حين فتحت صحيفة «الأوتو» ووجدت أنه قد حاز المرتبة الثالثة في سباق «باريس-تور»، أول سباق كبير يشترك فيه، وتورد وجهها وضحكت ثم صعدت إلى الطابق العلوي تصيح وهي تمسك الصحيفة الرياضية الصفراء في يدها. وزوج السيدة التي تدير مرقص ميزيت، ويعمل سائقا للتاكسي، وحين كان يتعين عليه هو، «هاري»، اللحاق بطائرة الصباح الباكر، طرق عليه الزوج الباب لإيقاظه وشرب كلاهما كأسا من النبيذ الأبيض عند حوض البار قبل أن ينطلقا إلى المطار. كان يعرف كل جيرانه في ذلك الحي آنذاك، لأنهم كانوا جميعهم فقراء.
وكان قاطنو ذلك الميدان ينقسمون إلى فئتين: السكارى، والرياضيون. فالسكارى يقتلون فاقتهم عن طريق الشراب، والرياضيون يستهلكونها في الرياضة. كانوا سلالة أهل «كوميون باريس»، ولم يكن صعبا عليهم معرفة أين ينحازون في السياسة. كانوا يعرفون من أغتال آباءهم وأقاربهم وإخوانهم وأصدقاءهم حين جاءت قوات «فرساي» واحتلت المدينة بعد «الكوميون» وأعدمت كل شخص وجدته متورم اليدين أو يرتدي قلنسوة، أو يحمل أية علامة أخرى تنم عن أنه عامل وفي هذه الفاقة، وفي ذلك الحي المجاور لجزارة «شفالين» وبقالة النبيذ، قام بكتابة خطة كل ما سوف يكتبه بعد ذلك. لم يكن هناك مكان في باريس أحبه مثل هذا المكان: الأشجار المنبسطة في غير نظام، البيوت البيضاء العتيقة المكسوة بالجص والمطلي أسفلها باللون البني، والصف الأخضر الطويل من الأوتوبيسات في ذلك الميدان، وصبغة الأزهار الأرجوانية على الرصيف، والانحدار المفاجئ للتل عند شارع «الكاردينال ليموان» نحو نهر «السين»، وفي الناحية الأخرى العالم الضيق المزدحم لشارع «موفتار». وذلك الطريق الذي يفضي إلى «البانثيون» والآخر الذي كان يقطعه دوما بالدراجة - الوحيد المغطى بالأسفلت في ذلك الحي، الذي ينبسط ممهدا تحت عجلات الكاوتشوك - بمنازله الطويلة الضيقة والفندق الرخيص العالي الذي مات فيه الشاعر «بول فرلين». كانت الشقة التي يعيشان فيها لا تحتوي إلا على غرفتين فقط، وكانت لديه غرفة في الطابق العلوي من ذلك الفندق يدفع فيها ستين فرنكا في الشهر، حيث كان يكتب، وبوسعه أن يرى منها أسطح باريس ومداخنها وكل تلالها.
أما في الشقة فلا يمكنك سوى رؤية الغابة ومحل بائع الفحم. وكان يبيع النبيذ أيضا، النبيذ الرديء ... ورأس الحصان الذهبي خارج جزارة «شيفالين» حيث اللحوم حمراء وذهبية معلقة في الفترينة المكشوفة، ومحل البقالة المطلي بالأخضر حيث كانوا يشترون نبيذهم، نبيذ جيد ورخيص. وما بقي بعد ذلك فهو الجدران المطلية بالجص ونوافذ الجيران. الجيران الذين يفتحون نوافذهم ويأخذون في الهمهمة حين يستلقي أحدهم سكرانا بالليل يئن ويتوجع في تلك الحالة من الثمالة الفرنسية المشهورة التي كانوا يحاولون قبل ذلك أن يجعلوك تعتقد أنها لا توجد أبدا. يهمهمون: «أين رجل الشرطة؟ حين لا نريده يكون دائما واقفا هناك. إنه ينام في أحد الفنادق. اتصلوا بقسم الشرطة.» إلى أن يلقي أحدهم جردل ماء من إحدى النوافذ فيتوقف الأنين. «ما هذا؟ ماء؟ هذا عظيم!» وتغلق النوافذ «وماري»، الخادمة، تحتج على يوم العمل ذي الثماني ساعات بدلا من التسع ساعات فتقول: «إذا كان الزوج يعمل حتى السادسة مساء، فإنه لا يثمل إلا قليلا عند عودته إلى المنزل ولا يضيع نقودا كثيرة. أما إذا عمل حتى الخامسة مساء فقط فإنه سيشرب كل ليلة ولن يتبقى معه أية نقود. إن الزوجة هي التي ستعاني حقيقة من تقصير ساعات العمل.»
وكانت المرأة تسأله الآن، هنا، في أفريقيا: هل تحب أن تتناول مزيدا من المرق؟ - كلا، وشكرا جزيلا. إنه لذيذ للغاية. - حاول أن تشرب قليلا. - إني أفضل تناول بعض الويسكي بالصودا. - إنه ليس مناسبا لصحتك. - كلا، إنه ضار بي. لقد كتب «كول بورتر» كلمات الأغنية وموسيقاها، إنك ستجنين بي غراما. - إنك تعرف أنني أحب أن أدعك تشرب كما يحلو لك. - أوه، أجل، إلا أنه ضار بي.
अज्ञात पृष्ठ