फरसा वा दबाबा
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
शैलियों
وقد لاحقته أسطورة الموت مرة أخرى وهو في «مالقة» بإسبانيا؛ إذ صدرت إشاعة قوية تفيد وفاته هناك. وكان كل ما فعله همنجواي حين سمع تلك الإشاعة أن قال وهو يرفع كأسه ويشرب: «إن المرء يحيا في إسبانيا ولا يموت فيها.»
وحين عاد همنجواي في أواخر عام 1960م إلى منزله بكيتشوم في ولاية «آيداهو»، بدأ الأصدقاء المقربون منه يلاحظون عليه تغيرا كبيرا. كان المرح والانطلاق قد زايلاه، وبدأت تهاجمه الشكوك والريب في استمراره ككاتب، وفي مستقبله في مهنته، كما بدأ يجد صعوبة وثقلا في الكتابة. وسر ذلك أنه كان قد تعود أن يعيش على مستوى معين من القوة والنشاط والإقدام في كل شيء، في ممارسة الرياضة، وفي الصيد، وفي الكتابة وفي الشراب، وفي الرحلات، وفي كل أوجه الحياة، فلما بدأت هذه القوة تضعف فيه، فقد الثقة في نفسه وفي فنه.
وخانته أعصابه أخيرا، واختلطت عليه الحقيقة والوهم، فبدأ يتصور أن السلطات تطارده بتهمة إغواء القصر ، وأن البوليس الفيدرالي يتتبعه ليثبت عليه الجريمة، كما كان يراقب البنك الذي يودع فيه أمواله، وينتابه القلق حين يرى الموظفين يعملون هناك ليلا؛ لإيقانه أنهم مدفوعون من قبل البوليس الفيدرالي لمراجعة حساباته لإثبات أنه تهرب من دفع الضرائب والقبض عليه وزجه في السجن لذلك السبب. ولما تفاقمت حالته وكثر ترديده عزمه على أن يقتل نفسه بعد أن توهم عجزه عن الكتابة، لم يستطع المقربون منه أن يتجاهلوا حقيقة ما أصابه، ودفع الخوف زوجته وأصدقاءه إلى العمل، فأدخلوه مستشفى مايو
17
تحت اسم مستعار لكي يعالج من الإرهاق العصبي. ووضع هناك تحت إشراف مستمر، وتلقى عدة جلسات من الصدمات الكهربائية، ولكن كل ذلك لم يفده كثيرا، فبعد أن خرج من العيادة وتفاءل الجميع بتحسن حالته، فوجئت زوجته ماري صباح أحد الأيام بطلقة تنفجر في الطابق السفلي، فهرعت إلى أسفل لتجد همنجواي وقد أطلق النار على رأسه من بندقيته. وقد قالت ماري للصحفيين: إن طلقة قد خرجت بطريق الخطأ بينما كان همنجواي ينظف البندقية فقتلته على الفور. ثم تجلت حقيقة ما حدث بعد ذلك في وقائع كتاب «بابا همنجواي» الذي كتبه واحد من ألصق أصدقاء همنجواي به، وهو «هوتشنر»، وصف فيه ضمن ما وصفه الأحداث الأخيرة في حياة همنجواي، والمحاولات التي بذلها للانتحار بإطلاق الرصاص على نفسه، وبإلقاء نفسه من الطائرة التي كانت تقله إلى مستشفى مايو، إلى أن نجحت محاولته الأخيرة وقضى على نفسه في النهاية.
وهكذا لاقى همنجواي الموت الذي طالما كتب عنه ودارت معظم رواياته وقصصه حوله.
مجموعة القصص القصيرة
تم اختيار المجموعة التي يجدها القارئ بين يديه بحيث تقدم له صورة كاملة لفن القصة القصيرة لدى همنجواي. ورغم أن الكاتب قد اشتهر برواياته، فإن قصصه القصيرة تقدم هي الأخرى نماذج قصصية ذات معمار فني محكم مما يجعل من معظم تلك القصص أعمالا خالدة ضمن إنتاج الكاتب.
وقد صدرت قصص همنجواي القصيرة أول ما صدرت في مجموعات هي: في زماننا (1925م)، رجال بلا نساء (1927م)، المنتصر لا يربح شيئا (1933م ). كما نشر الكاتب عددا آخر من قصصه في الصحف والمجلات بخلاف تلك الكتب الثلاثة. وتقدم المجموعة الحالية عدة قصص تنشر لأول مرة باللغة العربية.
وكان همنجواي يحب أن يكتب عن موضوعات وتجارب مر بها بالفعل؛ نجد ذلك في رواياته كما نجده في قصصه. وضمن مجموعة قصصه القصيرة - التي بلغت في مجملها حوالي الثمانين - نجد سلسلة قصص «نك آدمز» التي تصوره صبيا وشابا ورجلا يتعرض لمواقف مختلفة تزيد من تجاربه بالحياة والطبيعة الإنسانية، وهو يظهر هنا في قصص: المخيم الهندي، الطبيب وزوجة الطبيب، قصة أفريقية، عشرة هنود.
अज्ञात पृष्ठ