والقبول هو الإسقاط ذم وعقاب وإيجاب مدح وثواب والتوبة هي الندم على فعل القبيح لقبحه والإخلال بالواجب لوجوبه والعزم على الاندراع عن ذلك ووجوب القبول أمره بالتوبة فلو لم يقبلوها قبح أمره بها، والثواب للمطيعين وهو منافع مستحقة مفعولة على وجه الإجلال والتعظيم وإنما وجبت من حيث ألزمنا الشأن، فلو لم تخبره بنفع لكان ذلك ظلما يتعالى الله عنه فإذا عرفت وجوبها، فالدليل على أن الله لا يخل بالواجب أنه لا يخل به إلا الجاهل قبح الإخلال أو محتاج الله أو عاجز عن أداء الواجب وكان هذه ممتنعة عليه تعالى لما تقدم. فإن قلت: ولما كانت أفعاله كلها حسنة.
قلت: كيف بالدلالة على أنه تعالى لا يفعل القبيح فما عداه حسن.
المسألة الثانية:
قوله: (وإن أفعالنا الحسنات والسيئات) هذا ما ذهبنا إليه وأضاف الجهمية الأفعال جميعها إلى الله تعالى عما يقول الظالمون، قالوا: وإنما يضاف إلى العباد لخلوها فيهم كما يضاف إليهم ألوانهم، وذهبت الأشعرية إلى أن المبتدأت وهي التي توجد في محل القدرة فعل الله تعالى وكسبت للعبد والسيئات كالطعن والضرب فعل الله ينفرد بها بل الكل كسب للعبد وفعل الله تعالى. فإن قلت: وما تريدون بالكسب.
قلت: قد ذكر مشائخنا أنه غير معقول وفسره بعضهم بالاختيار على معنى أن الإنسان متى اختار الطاعة خلقها الله فيه، وكذلك المعصية فهو بيان ويعاقب ويمدح ويذم على ذلك الإحسان لأنهم يجعلوه مقدور للعبد، والدليل على صحة ما ذهبنا سمعي وعقلي.
पृष्ठ 40