قلت: إنما نرى الشيء لأجل صفته المقتضاة عن صفته الذاتية ولا يجوز خروج الباري عنها، وذلك مثل الجوهر فإنه إنما أدرك لأجل التحيز والتحيز صفة مقتضاها عن الجوهرية فما دام متحيزا أدرك وإذا خرج عن التحيز لم يدرك والباري تعالى لو أدرك في دار الآخرة لدل ذلك على أنه قد خرج إلى صفة مقتضاها لم يكن عليها الآن وهو تعالى لا يخرج عن حال إلى حال اتفاقا بين المسلمين فثبت بالدليل السمعي أنه لا يراع.
وأما العقلي قوله: (وإلا رأيناه في هذه الأوقات) يعني وإن لم يصح قولنا لا تجوز عليه الرؤيات بل يجوز أن نراه في بعض الأوقات إذا لرأيناه الآن.
قلت: لأن حواسنا سليمة والموانع من الرؤية مرتفعة وهو تعالى موجود، وإذا كان كذلك رأيناه الآن. فإن قلت: ومن أين أن الموانع مرتفعة.
قلت: لأن الموانع ثابتة وهي الرؤية كما في أجسام الجن والملائكة واللطافة كالجوهر العربي [8 ب -أ]والحجاب والكشف والبعد والقرب المفرطان وكون المرئي في خلاف جهة المرئي أو في بعض ما ذكرناه من اللوم والصوت الثامن عدم الضياء المناسب للغير لكنه يستعر وهذه الموانع لا تمنع إلا من رؤية الأجسام والأعراض لأنها لا تجوز إلا عليها والله تعالى ليس بجسم ولا عرض فلا تمنع رؤيته. فإن قلت: وما يؤمنك أن ثم مانع غير هذه.
पृष्ठ 35