फराह अंतूनः उनका जीवन - उनका साहित्य - उनके लेखन के अंश
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
शैलियों
ثم قال: لو فرضنا صناعة الهندسة في وقتنا هذا معدومة، وكذلك صناعة علم الهيئة (علم الفلك)، ورام إنسان واحد من تلقاء نفسه أن يدرك مقادير الأجرام السماوية وأشكالها وأبعاد بعضها عن بعض؛ لما أمكنه ذلك ولو كان أذكى الناس طبعا، إلا بوحي أو شيء يشبه الوحي. وهذا أمر بين بنفسه ليس في الصنائع العلمية فقط، بل وفي العملية، فإنه ليس منها صناعة يقدر أن ينشئها واحد بعينه، فكيف بصناعة الصنائع؛ وهي الحكمة؟!
قد تبين من هذا أن النظر في كتب القدماء - يعني الكتب اليونانية - واجب بالشرع، إذا كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه، وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلا للنظر فيها؛ وهو الذي جمع أمرين؛ أحدهما: ذكاء الفطرة، والثاني: العدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية؛ فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس إلى معرفة الله؛ وهو باب النظر المؤدي إلى معرفته حق المعرفة. وذلك غاية الجهل والبعد عن الله تعالى. (13) وجوب التأويل
ثم انتقل من هذه القضية بعد إثباتها إلى قضية التأويل، فقال: وإذا كانت هذه الشرائع الإسلامية حقا، وداعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق، فإنا معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع، فإن الحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له؛ أي إن العلم موافق للدين كما أن الدين موافق للعلم. وبناء على ذلك، قال الفيلسوف: ونحن نقطع قطعا أن كل ما أدى إليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع، أن ذلك الظاهر يقبل التأويل على قانون التأويل العربي. وإذا اعتبر الشرع وتصفحت سائر أجزائه وجد في ألفاظ الشرع ما يشهد بظاهره لذلك التأويل أو يقارب أن يشهد؛ ولهذا المعنى أجمع المسلمون على أنه ليس يجب أن تحمل ألفاظ الشرع كلها على ظاهرها، ولا أن تخرج كلها من ظاهرها بالتأويل. والسبب في ورود الشرع فيه الظاهر والباطن هو اختلاف نظر الناس وتباين قرائحهم في التصديق، والسبب في ورود الظواهر المتعارضة فيه هو تنبيه الراسخين في العلم على التأويل الجامع بينهما؛ ولهذا المعنى ورد في القرآن:
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ، إلى قوله:
والراسخون في العلم .
وكثير من الصدر الأول قد نقل عنهم أنهم كانوا يرون أن للشرع ظاهرا وباطنا، وأنه ليس يجب أن يعلم بالباطن من ليس من أهل العلم به ولا يقدر على فهمه، مثلما روى البخاري عن علي (رضي الله عنه) أنه قال: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟» ونحن نعلم قطعا أنه لا يخلو عصر من الأعصار من علماء يرون أن في الشرع أشياء لا ينبغي أن يعلم بحقيقتها جميع الناس.
رده على الإمام الغزالي
ولكن هل إجماع الآراء في التأويل ممكن؟ قال الفيلسوف: كلا. إذا فما تقول في الفلاسفة من أهل الإسلام كأبي نصر وابن سينا؟ فإن أبا حامد الغزالي قد قطع بتكفيرهما في كتابه المعروف بالتهافت في ثلاث مسائل؛ أولا: في القول بقدم العالم. ثانيا: بأنه تعالى لا يعلم الجزئيات، تعالى عن ذلك. ثالثا: في تأويل ما جاء في حشر الأجساد وأحوال المعاد. قال الفيلسوف في ذلك: ليس تكفيره في ذلك قطعا؛ إذ قد صرح في كتابه «التفرقة» أن التكفير بخرق الإجماع فيه احتمال. ثم تناول ابن رشد مسألة علم الله بالجزئيات، وهي المسألة الثانية، فقال:
علم الخالق بجزئيات الأمور
وقد نرى أن أبا حامد الغزالي قد غلط على الحكماء المشائين فيما نسب إليهم من أنهم يقولون إنه تقدس وتعالى لا يعلم الجزئيات أصلا، بل يرون أنه تعالى يعلمها بعلم غير مجانس لعلمنا بها؛ وذلك أن علمنا معلول للمعلوم به، فهو محدث بحدوثه ومتغير بتغيره. وعلم الله بالوجود على مقابل هذا، فإنه علة للمعلوم الذي هو الموجود، فمن شبه العلمين أحدهما بالآخر فقد جعل ذوات المتقابلات وخواصها واحدة، وذلك غاية الجهل.
अज्ञात पृष्ठ