फराह अंतूनः उनका जीवन - उनका साहित्य - उनके लेखन के अंश
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
शैलियों
اطلع علماء أوروبا منذ سنة 1742 للميلاد على معارف الخيام الرياضية والفلكية بما نقله عنه المسيو جيرار ميرمان في كتاب له نشره في ليدن. وفي سنة 1851م، نشر سديلو وشاسل ووبك ترجمة رسالة الخيام في الجبر، وهي خمسة أقسام. وفي سنة 1857، نشر المسيو كارسين دي تاسي شرحا على رباعيات الخيام. وفي سنة 1867، نشر المسيو نقولا الرباعيات نفسها باللغة الفرنسوية. والمسيو نقولا هذا يعتقد في الخيام أنه كابن الفارض متغزل بالخمرة الإلهية، وقد قال في مقدمة كتابه إنه تلقى هذا الرأي من رجل تقي من طهران. وفي سنة 1898، ترجم تشوفوسكي الرباعيات إلى اللغة الروسية، غير أن الترجمة التي أطارت شهرة الخيام في أوروبا وأميركا والعالم أجمع هي ترجمة الشاعر الإنكليزي فيتس جرالد للرباعيات في سنة 1859، فإن جرالد ترجم الرباعيات شعرا إنكليزيا وتصرف بالترجمة، فأعجب الإنكليز والأميركان بشعر الخيام وأقبلوا عليه إقبالا عجيبا؛ لأنهم وجدوا فيه ما يعجبهم بالأكثر في شاعريهم بيرون وسوينبر من الآراء السامية في ذم الفساد في الدنيا، وسطوة الشر على الخير، والقبيح على الجميل فيها، فنال المترجم جرالد بهذه الترجمة شهرة واسعة، وراجت كتبه وشعره بواسطتها رواجا كثيرا. وقد بلغ ببعضهم الإعجاب بالخيام ومترجمه أن اجتمعوا في لندن في سنة 1896، وأنشئوا ناديا خصوصيا دعوه: كلوب العمريين، نسبة إلى عمر الخيام، ولعل هذا الكلوب لا يزال قائما حتى اليوم. وأول ما ظهرت الرباعيات في أوروبا وأميركا سمى قراؤها الخيام: فولتير الشرق.
ويظهر أن الشهرة التي نالها الخيام في إنكلترا على الخصوص قد نال مثلها في أميركا أيضا. وهنا وصلنا إلى السبب الذي جعلنا نقرن اسم الخيام باسم أبي العلاء المعري، على ما تقدم، فإن أحد الكتاب السوريين المجيدين في اللغة العربية والإنكليزية في نيويورك، ظهر له أن الخيام مستمد كثيرا من أفكاره وآرائه الدينية من شعر أبي العلاء المعري؛ ولذلك ترجم إلى اللغة الإنكليزية شيئا من شعر أبي العلاء بعنوان «رباعيات أبي العلاء»، ونشره في نيويورك. ومن المحتمل أن يكون كل من الخيام وأبي العلاء قد روى شعر صاحبه، إلا أننا لا نجزم بأن الخيام قد تحدى المعري واقتبس شعره. والأصح أنهما كلاهما كانا يتناولان إلهاماتهما من مصدر واحد، وهو العقل وحب الحرية والبحث؛ ذلك الحب المشترك بين جميع النفوس، وإنما ينقطع إليه بعضها دون بعض بحسب استعدادها والمؤثرات التي تؤثر فيها.
ابن رشد وفلسفته
بين الفلاسفة مسألة يسمونها مسألة إنكار العدالة في العالم أو إثباتها؛ فمنهم فريق يرى أن العالم إنما هو عبارة عن بطون تدفع وأرض تبلع، فلا نظام ولا ناموس، وإنما الحياة عراك شديد بين البشر يتغلب فيه القوي ويسقط الضعيف، وليست الفضيلة والخير والصلاح شرطا للانتصار في هذا العراك، وإنما القوة هي الشرط الوحيد. وبناء على ذلك، كثيرا ما تسلحت الرذيلة بالقوة فانتصرت أعظم انتصار، وانكسرت أمامها الفضيلة أقبح انكسار. وكفى دليلا على ذلك سقراط وأريستيذس وابن الإنسان سيد البشر. أفما سقى الأثينيون سقراط سما لأنه جهر بحقيقة من أبسط الحقائق، وهي وحدانية الخالق؟ أما أهانوا أريستيذس، مثال الصدق والاستقامة، ونفوه من وطنه من أجل صدقه؟ فهل كانت الفضيلة تسقط هذا السقوط وتداس بهذه الوقاحة لو كان في الكون عدالة ساهرة؟
فيرد على ذلك أنصار العدالة بقولهم وهم يبتسمون: أتحسبون أن سقراط كان مغلوبا مع الأثينيين؟ كلا، بل إنه انتصر عليهم وإن كان قد شرب السم من أيديهم. ذلك أن الانتصار الحقيقي لا يتوقف على ظلم ساعة، ولا على عذاب يوم. قال الفيلسوف بلوتين: مم تشكو أيها الإنسان؟ أمن ظلامة؟ ولكن ما تأثير الظلامة في النفس الخالدة؟ فظلامة الأثينيين لم تضر سقراط، بل عاد شرها عليهم. ذلك أن كل فرد من أفراد الإنسانية منذ تلك الحادثة الفظيعة إلى هذه الأيام لا يذكر على مسمع منه اسم سقراط واسم الأثينيين إلا ويعظم الحكيم سقراط، ويحقر أولئك الذين سمموه. إذا فمن الغالب ومن المغلوب من الفريقين؟ أليس الغالب ذلك الذي يعيش ذكره مبجلا معظما في نفوس بني البشر إلى آخر القرون والأجيال؟ وهل تريدون دليلا أفضل من هذا على أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، كما قال الإمام الغزالي؟ وعلى وجود عقل عام يدبر الكون بمبادئ ونواميس ثابتة، ويجعل النصر فيه للفضيلة دائما ولو بعد حين؟
إذا رمتم دليلا آخر فإليكم ابن رشد؛ فيلسوف الإسلام العظيم، فإن معاصريه كفروه ومنعوا كتبه وأهانوه ونفوه. ولكن أي شأن لهذا كله في نظر العاقل الحكيم الذي ينظر إلى جواهر الأمور لا إلى أعراضها؟ ألا ينسى ابن رشد كل تلك الهنات الصغيرة إذا تسنى له أن يشاهد من مكانه الأبدي ما يقوله البشر عنه اليوم في اللغة العربية وغيرها؟
وإليك ترجمة هذا الفيلسوف العربي الذي يعتقد الإفرنج أنه الفيلسوف الحقيقي الوحيد الذي نبغ في الإسلام: (1) ترجمته
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد. وكانت أسرته من أكبر الأسر في الأندلس (إسبانيا)، وقد ولي أبوه وجده منصب قاضي القضاة فيها. وكانت ولادة صاحب الترجمة في قرطبة في سنة 520 هجرية؛ 1126 مسيحية، وتوفي في بلاد المغرب (مراكش) في 9 صفر من سنة 595 هجرية وعمره 75 سنة.
وقد تلقى ابن رشد في صغره علم الكلام - وهو في الدين الإسلامي بمنزلة اللاهوت في الدين المسيحي - غير أن عقله المطبوع على طلب الحقيقة وحب التوسع في العلم لم يكتف بذلك، فأقبل برغبة شديدة ونشاط عظيم على درس الطب والرياضيات والفلسفة. وكانت مدارس قرطبة والأندلس في ذلك الزمان مصابيح علم وهدى لجميع الأمم.
ولما شب ابن رشد جعل قاضيا في قرطبة. وكانت دولة الموحدين قد أسقطت دولة المرابطين في مدة شبابه وحلت محلها. وكان ابن طفيل صديق ابن رشد من أعظم أخصاء الدولة الغالبة، فقرب صديقه من الخليفة يوسف؛ الذي خلف الخليفة عبد المؤمن. وفي سنة 548 هجرية، عبر ابن رشد البحر بين الأندلس وبلاد المغرب (مراكش) وأقام فيها مساعدا على إنشاء مدارسها وإنارة مصابيح العلم فيها. وفي عام 565ه، جعل قاضيا لإشبيلية في الأندلس. وفي عام 567ه، عاد إلى قرطبة، ثم سافر إلى بلاد المغرب في عام 1182 وقد استدعاه إليها الخليفة يوسف وجعله طبيبه الخاص مكان ابن طفيل، ثم رقاه إلى منصب قاضي القضاة في قرطبة؛ عاصمة الأندلس، فتربع ابن رشد في كرسي أبيه وجده. (2) تكفيره
अज्ञात पृष्ठ