مجموعة من الأرقام المرتبة أمامك بعدها مساحة فارغة، تنظر إلى الأرقام لفترة ثم تكون في أوقات كثيرة قادرا على معرفة الرقم الذي تحتاج لوضعه في المساحة الخالية. قابلتنا مثل هذه الألغاز كثيرا؛ صغارا وكبارا. أحيانا تكون هناك أشكال، أو حروف، أو كلمات، بدلا من الأرقام، لكن الفكرة واحدة. أنت قادر على التعرف على الأنماط الكامنة في العالم من حولك.
حين تتعرف على العلاقات التي تربط مجموعة من الأحداث، أو الأصوات، أو الأشكال، أو الحركات، وحين تتعرف على انتظام ما كامن فيما قد يظهر في البداية عشوائيا، تفعل ذلك من خلال التعرف على الأنماط
. النمط يتعرف على الانتظام في العالم، يتعرف على العلاقات بين الأشياء. في اللحظة التي تتعرف فيها على نمط ما، تتحول مجموعات من النقاط المتباعدة، أو الأحداث المتفرقة لتكون أمرا أكبر.
عقولنا مدربة للتعرف على الأنماط في العالم، لدرجة أنها تراها أحيانا حين لا تكون موجودة، بالضبط كما قال «ليوناردو دافنشي»: انظر إلى حائط ملطخ لفترة كافية وسترى فيه عالما، ومخلوقات، وأشياء، وحركات. بينما أنت جالس أمام هذا الحائط المتسخ، أو بينما تنظر إلى النجوم، أو وأنت تشاهد لهب شمعة يتراقص أمامك في الظلام، تتراءى لك رؤى ومشاهد، تعبر عما في داخلك أكثر مما تعبر عما تشاهده.
3
البشر كائنات ذكية، نهمة للمعرفة؛ ولذلك يعد التعرف على الأنماط أمرا شديد الأهمية في تعاملنا مع العالم. وكلما كنا أقدر على التعرف على الأنماط في أشكال ومستويات مختلفة، كنا أقدر على التنبؤ والتحكم. وفي مقال رائع عنوانه «فن الأدب وعلم الأدب» نشر في مارس 2008 في مجلة
The American Scholar ، يجادل «براين بويد
Brian Boyd » أن الفن والأدب أشكال من اللعب المعرفي مع النمط. وهذا اللعب - ككل أشكال اللعب الأخرى - له وظيفة مهمة؛ فاللعب بشكل عام يساعد على تطوير المهارة وصقلها.
وكأن المقال يقول إن الفنون والآداب - من خلال هذ اللعب المنظم مع العالم - تساعدنا على التعرف على العالم بشكل متجدد، وعلى فهمه بشكل أفضل، وعلى توسيع مداركنا، وتساعدنا على التعرف على أنماط جديدة من المعرفة، وتقبلها. وهو يعتبر هذا تفسيرا لانتشار الفنون والآداب في الجنس البشري بالكامل، مهما اختلف المكان، والزمان، والثقافة، والعرق.
4
अज्ञात पृष्ठ