The Time Machine 2002 ، يوغل البطل في السفر عبر الزمن أسرع فأسرع. في البداية يكون التغير هو تبدل واجهات المتاجر، ثم المتاجر نفسها ثم الشارع بأكمله. حين يسافر بشكل أسرع في مشهد تال تتسارع التغيرات، فنرى زوال مدن، انفصال أراض عن بعضها؛ تتغير الجغرافيا، مع تغير شكل الأرض كما نعرفه. المشاهد تتتابع في إيقاع متسارع لتعطي لمحة من إدراك مختلف للزمن. عادة حين نتأمل في امتداد الكون، نفكر في امتداده المكاني، في اتساعه اللامتناهي، في السنوات الضوئية، تخطر في رءوسنا صور الكواكب والشموس والمجرات، لكن جمال هذه اللقطة المميزة - من فيلم متوسط المستوى - هو أنها تنبهنا من خلال حاسة البصر أن اتساعا مماثلا وربما أكبر يمتد على محور الزمن أيضا. في هذه اللحظة ثبت المخرج كاميرا خيالية في نفس المكان لمدة آلاف السنوات، ثم عرض علينا المشهد بعد زيادة سرعته آلاف المرات؛ يشبه الأمر - لكن على نطاق أوسع - تصوير نمو النباتات من أجل عرضه في لقطة قصيرة، يبرز فيها البرعم من التربة، ثم ينمو، وينشق عن الزهور، ثم الثمار، ثم يذبل ويموت في ثوان معدودة، في لقطة واحدة، نرى من خلالها ما لا تراه أعيننا المجردة عادة، نرى حركة النبات في الزمن، ونحن لا نراه بهذه الطريقة ببساطة لأن الإنسان يعيش بإيقاع مختلف عن إيقاع هذه النبتة.
3
في كتابه المعنون «تنينات عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان»، يورد كارل ساجان فقرة إيضاحية لإيقاع الأحداث على مدار عمر الكون يقول فيها (وفقا لترجمة: سمير حنا صادق): «أفضل الطرق في رأيي للتعبير عن هذا التاريخ الكوني هي ضغط 15 بليون سنة - التي هي عمر الكون - في سنة واحدة. وهكذا يصبح كل بليون عام من تاريخ الكون معادلا لحوالي 24 يوما من سنتنا الكونية، وستصبح كل ثانية من هذه السنة الكونية معادلة لدوران الأرض 475 مرة حول الشمس (أي 475 سنة).» ويوضح كيف يبعث فينا الوعي بهذا الإيقاع الزمني الشامل شعورا بكثير من التواضع؛ «فالأرض لم تتكون إلا شهر سبتمبر، والديناصورات تظهر في ليلة عيد الميلاد، وتظهر الزهور في 28 سبتمبر. أما ظهور الرجال والنساء فقد حدث في ليلة رأس السنة، ويحتل ما سجل من أحداث في التاريخ الثواني العشر الأخيرة. ورغم ضخامة ما شغلنا من وقت في تاريخ الكون، فمن الواضح أن ما سيحدث على الأرض خلال السنة الكونية المقبلة سوف يعتمد على حكمة العلم وعلى الحساسية الإنسانية للجنس البشري.»
4
تعلم بشكل معتاد وأنت تشاهد السماء في ليلة صافية، أنك تشاهد نجوما ماتت منذ آلاف أو ملايين السنوات؛ وبالتالي فمفهوم التزامن - أي حصول حدثين في نفس الوقت - أحيانا ما يكون أمرا نسبيا: هذه النجمة موجودة الآن معي لكنها ماتت منذ قرون. نؤمن الآن بأمور كانت تبدو مستحيلة؛ الزمن (الزمن الفيزيائي) لا يمر علينا بنفس الطريقة، إذا صعد أحدهم إلى صاروخ يسير بسرعة الضوء فإن الزمن سيمر عليه وفقا لنظرية النسبية بشكل أبطأ من توءم له بقي على الأرض.
5
هذه الكلمة (الزمن) التي تبدو بسيطة، تحمل داخلها معاني متباينة تماما تختلف مع السياق، ولكن الزمن في كل السياقات عنصر من أهم العناصر التي نحس بها بأنفسنا ككائنات حية تفكر. في حكايتنا كجنس بشري، وفي حكاياتنا كأفراد، نسير في الزمن واعين به أو غير واعين، لكنه يظل العنصر الأهم في أي قصة. ربما اعتاد أجدادنا أن ينظروا إلى الزمن ببساطة كخط ينتقل من الأمس إلى اليوم، ثم إلى الغد، في تواصل لا يتوقف، لكن الزمن كأي شيء يظهر بشكل مختلف كلما دققنا فيه أكثر؛ فتزداد حيرتنا حين ننظر لأنفسنا في مرآته.
حدث في المستقبل
1
لو أننا نستطيع أن نمثل حياة إنسان ما بخط مستقيم يبدأ من لحظة ولادته وينتهي بلحظة موته، فإن فكرة السفر عبر الزمن كما نراها في بعض روايات وأفلام الخيال العلمي ستعقد هذا الخط قليلا، فإذا عاد الشخص مثلا بالزمن ليقابل نفسه في لحظة بعينها، حينها يمكن أن نفترض أن شكل الخيط سيتعقد قليلا، بحيث يستدير ليلتقي بنفسه في عقدة متخيلة، قد يعود بعدها الخيط لطريقه المعتاد ليصل إلى لحظة الوفاة.
अज्ञात पृष्ठ