sentimentality .
غير أن العلم لن يصنع فنانا ولن يشفي غليله، ربما يكون سيزان قد رأى ما عجز الانطباعيون عن رؤيته، فرغم أنهم كانوا لا يزالون يرسمون لوحات أخاذة؛ فإن نظرياتهم قد قادت الفن إلى طريق مسدود؛ لذا فبينما كان يعمل في ركنه القصي في بروفانس بمعزل عن النزعة الجمالية (المتطرفة)
aestheticism
بباريس وعن البودليرية والويسلرية، كان يبحث دائما عن شيء ما يحل محل العلم الزائف لكلود مونيه
C. Monet ، ولقد عثر على هذا الشيء في مكان ما حوالي عام 1880م؛ إذ أتاه في أكسان بروفانس إلهام أسس فجوة بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين؛ فبينما كان سيزان يحدق في منظر طبيعي مألوف، تسنى له أن يفهم المنظر لا كأسلوب ضوئي، ولا كلاعب في لعبة الحياة البشرية، بل كغاية في ذاته، وموضوع لانفعال كثيف، وما من فنان عظيم إلا أبصر المنظر الطبيعي كغاية في ذاته - كشكل خالص، وهذا يعني أن سيزان قد صنع جيلا من الفنانين يحسون أن أي شيء عن المنظر الطبيعي هو لا شيء إذا قورن بدلالته كغاية في ذاته، ومنذ ذلك الحين نذر سيزان نفسه لخلق الأشكال التي من شأنها أن تعبر عن الانفعال الذي كان يحسه تجاه الأشياء التي تعلم كيف يراها، عندئذ أصبح العلم غير ذي صلة، شأنه شأن موضوع اللوحة. إن بالإمكان أن ننظر إلى كل شيء كشكل خالص، ووراء الشكل الخالص تقبع الدلالة الباطنية التي تثير النشوة، أما بقية حياة سيزان فهي محاولة مستمرة لاقتناص الدلالة الشكلية والتعبير عنها.
لقد حاولت أن أقول في موطن آخر إن هناك أكثر من طريق واحد لبلوغ الواقع
reality ؛ فبعض الفنانين قد بلغوه فيما يبدو عن طريق قوة الخيال المحضة ولم يتكئوا في ذلك على غير أنفسهم، ولم يحتاجوا إلى سلم مادي يعينهم على تخطي المادة، لقد تحدثوا مع الواقع عقلا لعقل، وبثوا الرسالة على هيئة أشكال لا تدين للعالم الفيزيقي إلا بمحض الوجود. في هذا الفصيل يندرج أفضل الموسيقيين والمعماريين، وفي هذا الفصيل لا يندرج سيزان؛ فقد ترحل سيزان صوب الواقع عبر الطريق التقليدي لفن التصوير الأوربي. لقد كانت مرئيات العين هي ما اكتشف فيه سيزان أسلوبا بنائيا جليلا يسكنه «الكلي»
Universal
الذي يجوهر كل «جزئي»
ويبث فيه الروح. لقد حث خطاه موغلا أكثر فأكثر صوب إلهام كامل بدلالة الشكل، ولكنه كان بحاجة إلى شيء ما عيني وملموس ليكون نقطة انطلاقه، لم يكن أمام سيزان من سبيل لبلوغ الواقع غير ما تبصره عيناه؛ وهذا هو ما منعه أن يبتكر أشكالا تامة التجريد، وقلما نجد بين الفنانين العظام من فاق سيزان في الاهتمام بالأنموذج
अज्ञात पृष्ठ