Diatom
مدت منها نواة تقبض عليها وتغلفها وتهضمها، فهنا شبه إحساس أو شعور، والدودة التي تعيش في بطن الطين إذا انكشف عنها التراب تململت لوقوع أشعة الشمس عليها، وكلما ترقيت في ملاحظة الأحياء وجدت الشعور أقوى حتى يكاد يظهر في الحيوانات العليا كأنه عقل بسيط. فهل تصح نسبة الهيكل الأيثري لجميع هذه الأحياء؟ هل للدودة والقرد والغورلا أرواح كالإنسان؟
وإذا حددنا الطور الذي ابتدأ فيه الجسد الإنساني أو «الشبه إنساني» يندغم فيه ذلك الهيكل الأيثري الروحاني، فهل كان هذا الهيكل يتطور بتطور الجسم الحيوي البيولوجي؟ أو أنه جاء لأول وهلة هيكلا روحانيا تاما، يتحمل المسئولية الأدبية والدينية، ويتقلد الحرية ويتصرف بأعماله وأفعاله مختارا؟ أو أن أدبيته تتطور بتطور العقل؛ أي بتطور الدماغ ووظائفه العقلية؟ (1-6) مادية الأيثر
بقي نظر آخر في المسألة، وهو أن الأيثر الذي فرضه العلماء لتعليل الظاهرات العلمية، إن ثبت وجوده كان ضربا من المادة يختلف عن عناصرها بدقة ذراته، وقد اعتبر بعض العلماء الأيثر نفس الفوتون الذي ينحل إليه الكهيرب - إلكترون - حين اصطدامه بالكهرب - البروتون - وصدور القوة منهما لمعة شعاع، ويقول السير «تجايمس تجينز»: إن الكهرب ينحل إلى عشرة آلاف فوتون، وليس للفوتون شحنة كهربائية، وهو آخر ما تنحل إليه دقائق المادة.
فإذا صح الظن أن الأيثر هو فوتونات فيكون هذا الأيثر مادة، والروحانيون يقولون إن الروح شيء غير مادي، وإذن فالروح أو الهيكل الأيثري جسم مادي لطيف جدا، والمادة تشغل حيزا في المكان وتتحرك في الزمكان - أي: المكان الزمان.
وإذا كانت تلك الهياكل الروحانية مؤلفة من هذا الأيثر فلا بد أن تشغل حيزا أي مكانا في الفضاء الأيثري، فهل تبقى فيه أجساما هيكلية سابحة في الفضاء، أو أنها تنحل فيه إلى فوتونات تمتزج مع فوتونات الأوقيانوس الفوتوني كما يمتزج ماء النهر بالبحر؟ وإن بقيت هياكل كما تكونت فما الذي يوطد قوامها ويحفظها من الانحلال إلى الأبد؟
وإذا تمادينا في تصور هذه الهياكل الأيثرية الروحانية بدت لنا أسئلة عديدة عن وجودها وخلودها وتمتعها، إلى غير ذلك مما يحار الفكر فيه.
وأغرب ما تعجز المخيلة عن تصوره هو علاقة ذلك الهيكل الأيثري الروحاني بالجسد المادي العنصري الكيماوي، وأغرب من هذا أيضا التفاعل بين الهيكلين من غير أن يحسه الإنسان أو يشعر به، وأغرب من هذا وذاك اتصال الدماغ الإنساني بالهيكل الروحاني المجرد عن المادة؛ أي: بعد موت الجسد من غير اعتبار للزمان والمكان عن يد وسيط يستحضر ذلك الهيكل ولو كان يبعد عنه ملايين الفراسخ النورانية؛ أي لو اتفق أن كان ذلك الهيكل الروحاني في الطرف الآخر من الكون.
فمهما كان لدماغ الوسيط من قوة الاتصال اللاسلكي - على مبدأ الراديو مثلا - فلا يمكن أن يكون أسرع من الإشعاع الكهرطيسي - كالنور - فكيف يمكن أن يتصل بهيكل الشخص الذي يبتغي الاتصال به على بعد المسافة السحيقة التي يعجز العقل عن تصورها؟ •••
وخاتمة القول: إننا لا نستطيع أن نسلم بلا برهان بوجود هيكل روحاني سواء أكان إيثرا ماديا أو غير مادي، بحيث إن هذا الهيكل يؤثر في الدماغ والدماغ يؤثر فيه، ويتفاعلان، وهما من طبيعتين مختلفتين كل الاختلاف، ولا سيما إذا صح أن الهيكل الروحاني غير مادي.
अज्ञात पृष्ठ