विको के इतिहास का दर्शन
فلسفة التاريخ عند فيكو
शैलियों
ومن الأمور الأساسية في العلم الجديد أن «القانون الطبيعي للشعوب» نشأ نشأة طبيعية في كل شعب على حدة وعرف فيما بعد نتيجة الحروب والسفارات والأحلاف والتجارة، أي أنه مشترك بين الجنس البشري كله لنشأته من الحس المشترك وعادات الشعوب وتقاليدها، وقد عبر فيكو عن هذا المعنى في مسلمات العلم الجديد تعبيرا واضحا، ويكفي أن نقرأ المسلمات التالية لنتأكد من هذا «ولما كانت حرية الإنسان بطبيعتها غامضة وغير محددة فإن الذي يؤكدها ويحددها هو الإحساس المشترك بين الناس بحاجاتهم ومصالحهم وهما المنبعان الأساسيان للقانون الطبيعي للشعوب.» «إن الحس المشترك هو حكم بغير تفكير يشترك فيه أفراد طبقة كاملة أو شعب بأسره أو أمة أو الجنس البشري كله.» «إن نشأة الأفكار المتشابهة عند شعوب مختلفة لا يعرف بعضها بعضا لا بد أن يكون لها أساس مشترك من الحقيقة.»
والواقع، كما سنرى، أن القانون الطبيعي للشعوب قد نشأ بطريقة أولية وبدائية في كل الشعوب مع جهل كل منها بالآخر، كما عرف فيما بعد نتيجة للحروب والسفارات والأحلاف والتجارة وظهر أن له أساسا مشتركا في الجنس البشري بأكمله؛
23
لهذا اهتم فيكو بوضع نظام علم جديد يتعلق بطبيعة الشعوب ويختلف عن القانون الطبيعي لفلاسفة القرن السابع عشر، ويكفي أن نقف قليلا عند عنوان كتابه «مبادئ العلم الجديد المتعلق بالطبيعة المشتركة للشعوب»
the Common Nature of Nations
لنعلم أن المقصود بهذه الطبيعة هو ميلاد ونشأة الشعوب، فكلمة
Nature
يستعملها فيكو بدلالتها الأصلية في اللغة اللاتينية على معنى الميلاد والنشوء، وهي طبيعة تبدأ في كل الأحوال بالعقيدة ثم تكمل بألوان أخرى من العلوم والفنون المعرفة. وإذا كان فيكو قد اختصر العنوان في طبعتيه الثانية والثالثة فإنه لم يتخل عن الموضوع نفسه وهو نظام القانون الطبيعي لنشأة الأمم عبر مراحل تطورها. وهذه النظرة الجديدة للتاريخ قد أبعدته بغير شك عن التفسير اللاهوتي الخالص للتاريخ كما نراه عند أوغسطين وبوسويه، وجعلته يستعين بعلوم أخرى مساعدة مثل الأنثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع وعلم الميثولوجيا المقارن وعلم القانون المقارن. ويرى
Bergin, Fisch
أن الاستعانة بكل هذه العلوم لمعالجة فلسفة التاريخ يعد اكتشافا عظيما لو حاولنا أن نرمز له برجل واحد وكتاب واحد لكان هذا الرجل هو فيكو وكان الكتاب هو «العلم الجديد» أما عن عنوان الكتاب نفسه فيحتمل أن يكون فيكو قد استوحاه من «الأورجانون الجديد» لفرنسيس بيكون الذي كان له أكبر الأثر عليه، كما يرجح أيضا أن يكون قد استوحاه من عنوان كتاب «محاورات عن العلوم الجديدة» لجاليليو.
अज्ञात पृष्ठ