شرح المذهب وإلمامة بتاريخه
إن تطور البحوث النفسية التي صدها سقراط عن الانبعاث في سبيلها الجدي، جدده أرسطبس؛ الذي هو أعظم من سقراط في الدقة المنطقية، ولكنه أقل منه سعة في الأفق، وإحاطة بالطبيعة الإنسانية.
برت (1) الرسول الجديد
كان أرسطبس رسول الفلسفة الجديد، نشأ في مدينة قورينة من أب تاجر غني، وهبط أثينا، رجلا من رجال الأعمال مثقفا تثقيفا عاليا.
1
ويقال إنه التقى في عيد من الأعياد الأوليمبية بتلميذ من تلاميذ سقراط، وسمع منه أقوال أستاذه ، وناقش فيها، فهزته المناقشة من الأعماق، وصمم على أن يذهب إلى أثينا، لينضم إلى الحلقة التي كانت تتلقى وحي الفلسفة عن سقراط.
أما عن بقية حياته، فلا يذكر المؤرخون شيئا ذا قيمة، سوى أنه كان يعلم تلقاء أجر، وكان هذا سببا في أن يلحقه أرسطوطاليس بالسفسطائيين، وأنه أقام في بلاط سيراقوز مدة طويلة، كما فعل من قبل أفلاطون وأخنيز،
2
أما جهوده التي بذلها في سبيل الأدب والفلسفة فتكتنفها ظلمات لا يخترقها شعاع واحد من الأشعة التي يلقي بها التاريخ على حياة أشخاص أقل من أرسطبس شأنا في حياة الفلسفة والآداب.
ومما يزيد هذه الظلمات احتلاكا، ويساقطها على تاريخ هذا الرجل العظيم كسفا متراكمة؛ أنه كثيرا ما نسبت إليه مؤلفات، وانتحلت عليه كتب لم يؤلفها، ولم يخط فيها حرفا، أو عزيت إليه أقوال ونظريات كان أولئك المتقولون عليه يؤمنون بها، ويرون في نسبة ما يشابهها من المذاهب والنظريات إليه، تأييدا لما يؤمنون به وتمكينا لما يحاولون الترويج له بمختلف الأساليب.
अज्ञात पृष्ठ