أما في فروع الفلسفة فباب البحث ضيق، وميدان المقارنة والاستنتاج غير فسيح، ولك أن تنظر من ناحية واحدة في الطابع الذي اصطبغت به الفلسفة اليونانية، والطابع الذي ظهر جليا في آراء المصريين أو غيرهم من الأمم القديمة، التي يجوز أن نقول إن اليونان قد اقتبسوا من آرائهم الكونية لترى أن الفلسفة اليونانية كانت منذ نشأتها الأولى بعد أن اجتاز اليونان الدور الميثولوجي؛ ربيبة المدارس الزمنية، في حين أن كل فكرة نشأت في مصر وغيرها من الأمم ذوات الحضارات القديمة، وكانت تمت إلى الفلسفة بسبب إنما ترجع إلى أصل ديني نشأ بين جدران المعابد والهياكل، وحوطت بسياج من النزعة الدينية أفقدها الروح الفلسفي؛ أي روح التحرر من التقليد والمذهبية.
أما بدايات الفلسفة اليونانية، بعد أن ألقحت حضارة اليونان بهذه العناصر الأجنبية فلها وجوه أخرى، نمضي في ذكرها باختصار، لنعطي القارئ صورة موجزة منها.
أن أول حقيقة تصادفنا عند البحث في بدايات الفلسفة اليونانية، أنها نشأت في المستعمرات الأيونية
Ionian
في آسيا الصغرى، لهذا نجد أن الفلسفة اليونانية لم تخلص في كل أدوار نشوئها وتطورها من الصبغة الشرقية، التي تظهر في كثير من نواحيها، سواء أفي الشكل أم في الموضوع، وسواء أبلغ هذا الأثر من الرجحان والوزن الدرجة التي يذهب إليها بعض المؤلفين أمثال «روث
Roth » و«غلاديش
Gladiech » أم كان غير ذي أثر كبير كما يقول «زلر
Zeller » وغيره من الذين ألفوا في تاريخ المذاهب، فإن المحقق عند «ترنر
Turner » أن الفلسفة اليونانية قد اختصت منذ البداية بروح كانت في طبيعتها هلينية
Hellenistic
अज्ञात पृष्ठ