जीव विज्ञान के दर्शन: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
إنني ممتن للأجيال العديدة من الطلاب في جامعة بريستول الذين درستهم هذه المادة. أخص بالشكر بول جريفيث وأندرو هوارد وفيليب كيتشر وأرشام نيجاد كوركي ووالتر فايت ولوكاس واكلينج على تعليقاتهم على نص هذا الكتاب.
إلى والدي، وإلى ليلى ومنى ورامي.
الفصل الأول
لماذا فلسفة علم الأحياء؟
لطالما تداخلت الفلسفة مع العلوم الطبيعية. فقد تأثر العديد من أعظم الفلاسفة في الأربعمائة عام الماضية، ومن بينهم إيمانويل كانط وديفيد هيوم، بعلوم زمانهم؛ بل إن بعضهم مثل رينيه ديكارت وجوتفريد لايبنتز كانت له إسهامات علمية. هذا التداخل ليس بالمستغرب. فمنذ القدم تطرح الفلسفة أسئلة عن طبيعة الكون وموضع البشر فيه ومعرفتنا به؛ وتلك مسائل يتناولها العلم باستفاضة. بالفعل، مع نشأة العلم الحديث في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان لزاما أن تنتقل أسئلة كانت في الماضي حكرا على الفلاسفة إلى ميدان العلماء. من تلك الأسئلة سؤال إذا كانت المادة بشتى صورها مكونة من ذرات كما تصور الفيلسوف القديم ديموقراط، أو إذا كان العقل البشري قوامه جوهر غير مادي كما تصور ديكارت. لا يستطيع أحد اليوم أن يبحث تلك الأسئلة عقلانيا دون الالتفات إلى قول العلم فيها.
على الرغم من أن ميلاد العلم أدى إلى استعماره لبعض جوانب الفلسفة، فقد أدى أيضا إلى نشأة نوع جديد من البحث الفلسفي يطرح أسئلة حول مناهج العلم نفسه. هل تثبت التجربة صحة نظرية علمية؟ هل يمكن اختزال المعرفة العلمية كلها في بضعة مبادئ أساسية؟ إذا تناسبت فرضيتان مع البيانات، فهل من الممكن أن نختار بينهما بالمنطق؟ هذه ليست أسئلة علمية بحتة، بل هي أسئلة فلسفية عن العلم. وهذا لا يجعلها حكرا على الفلاسفة. فقد بحث علماء كنيوتن وأينشتاين أسئلة كتلك. لكن في مطلع القرن العشرين، تبلور بحث المنهج العلمي إلى تخصص أكاديمي قائم بذاته يسمى بفلسفة العلم، وهو تخصص مزدهر في يومنا هذا. وعادة ما يكون المشتغلون بهذا التخصص من المعاصرين قد درسوا الفلسفة والعلوم، وفي بعض الأحيان يشتغلون بكليهما.
فلسفة علم الأحياء هي فرع من فلسفة العلم نشأ في سبعينيات القرن الماضي وشهد تطورا سريعا منذ ذلك الحين. وإذا تأملنا تاريخها، فسنجد أنه يمكن إرجاع نشأتها إلى ثلاثة عوامل. أولا، تبين أن فلسفة العلم التقليدية كانت تتمحور حول الفيزياء؛ أما علم الأحياء فكان مستبعدا من الصورة. ثانيا، بدأت المسائل المفاهيمية الدائرة داخل علم الأحياء تجذب انتباه الفلاسفة، وكان نتاج ذلك هو تبادلا فكريا مثمرا بين التخصصين. ثالثا، بحثا عن الإلهام اتجهت أنظار أنصار الفلسفة «الطبيعانية»، التي تستخدم المنهج العلمي التجريبي لبحث المسائل الفلسفية، صوب علم الأحياء. تلك العوامل الثلاثة مناظرة للمباحث الأساسية الثلاثة لفلسفة علم الأحياء المعاصرة؛ لذا فهي جديرة بأن نتناولها باستفاضة.
منذ أوائل القرن العشرين إلى منتصفه، كانت «الوضعية المنطقية» هي المدرسة المهيمنة في فلسفة العلوم. كان من رواد الوضعية المنطقية رودولف كارناب وهانز رايخنباخ وكارل همبل الذين هاجروا من أوروبا إلى الولايات المتحدة في فترة بين الحربين العالميتين. كانوا قد درسوا الفيزياء فكونوا صورة للعلم اتخذت من الفيزياء إطارا لها. شدد الوضعانيون المنطقيون على «قوانين الطبيعة»؛ تلك المبادئ النظرية الأساسية التي تكمن وراء الظواهر الملاحظة. وصفوا البحث العلمي بأنه البحث عن تلك القوانين، والتفسير العلمي بأنه استنباط الظواهر من القوانين. ينطبق هذا التصور تماما على الفيزياء، إذ تشمل الكثير من القوانين، كقانون الجاذبية الكونية؛ وكثير من الظواهر التي يمكن استنباطها من تلك القوانين، مثل حركة الكواكب. لكنه أقل انطباقا على العلوم البيولوجية. إذا فتحت مرجعا في أي من فروع علم الأحياء، كعلم الوراثة أو علم الأحياء الجزيئي أو علم الحيوان، فستجد العديد من الحقائق التجريبية ، يفسرها العديد من النماذج والنظريات. ولكنها تكاد تخلو من أي «قوانين طبيعية» يمكن استنتاج تلك الحقائق منها؛ إذ ببساطة ليست تلك هي الطريقة التي تسرد بها المعلومات العلمية. من هذا المنطلق وغيره، يصعب على الرؤية الوضعانية المنطقية للعلم أن تستوعب علم الأحياء.
لم يكن الوضعانيون المنطقيون هم الوحيدين الذين همشوا علم الأحياء. في العام 1962، نشر الفيلسوف والمؤرخ توماس كون كتابه «بنية الثورات العلمية» الذي انتقد فيه الوضعانية المنطقية، والذي كان أحد أسباب أفولها في نهاية المطاف. فيه ركز كون على كيفية تغير الأفكار العلمية بمرور الزمن. ودفع بأن أي تخصص علمي ناضج ينبني على نموذج فكري، وهو مجموعة من الفرضيات المشتركة التي يحتكم إليها العلماء في أبحاثهم العادية. تمر فترة على «العلم العادي» يقبل فيها النموذج دون تشكك باعتباره أساسا للبحث. لكن في بعض الأحيان تقع أزمة تظل تتفاقم حتى تؤدي إلى قيام ثورة تنتهي إلى إسقاط النموذج الفكري القائم ليحل محله آخر جديد. ذهب كون إلى أن هذه التغيرات في النماذج ليست مدفوعة بعوامل منطقية بحتة، وأن النموذج الجديد ليس بالضرورة «أفضل» من سابقه، وإنما يختلف عنه ليس إلا. بالتالي يرى كون أن تاريخ العلم ليس سبيلا مستقيما يؤدي إلى «الحقيقة الموضوعية».
كان عمل كون جذريا؛ إذ تعارض مع المعتقد السائد في فلسفة العلوم. لكن على غرار المعتقد الذي هاجمه، كان اهتمام كون منصبا على العلوم الطبيعية. إذ كان من الأمثلة التي استشهد بها على تغير النماذج الثورة الفلكية الكوبيرنكية التي أطاحت بنموذج مركزية الأرض للنظام الشمسي ليحل محله نموذج مركزية الشمس؛ والثورة الأينشتاينية التي أطاحت بالميكانيكا الكلاسيكية لتحل محلها نظرية النسبية؛ والثورة الكيميائية التي أطاحت بنظرية الاحتراق عن طريق الفلوجيستون لتحل محلها نظرية الأكسجين. لكن كون لم يخض كثيرا في العلوم الحيوية، على الرغم من أنه ألف كتابه في ذروة الثورة الجزيئية في علم الأحياء. كما أنه لم يتعرض لقضايا بديهية كنشأة نظرية داروين عن التطور، ونظرية جرثومية المرض، ونظرية مندل عن الوراثة. على غرار فلسفة الوضعانيين المنطقيين ، همشت فلسفة كون العلمية علم الأحياء. كان أحد دوافع نشأة فلسفة علم الأحياء هو إدراك الحاجة لمعالجة هذا الخلل.
अज्ञात पृष्ठ