هكذا الدراسة العلمية ودراسات نفسيات العلماء، تكفي لبيان أن الخير والشر، وهما موضوع الأخلاق، يلاحظان دائما في كل البحوث والدراسات العلمية على اختلافها.
وأخيرا، إذا كان العلم كما قلنا لا يعارض الأخلاق ولا يغني غناءها بل يسير معها جنبا لجنب، هل لنا أن نخطو في البحث خطوة أخرى لنعلم ما إذا كانت الآراء والحقائق الأخلاقية تبلغ من العموم حدا يجعلها حقائق علمية فتكون الأخلاق علما من العلوم؟ الأخلاق علم إذا كان هناك حقائق أخلاقية عامة، ولكن هل يوجد حقائق أخلاقية عامة للجميع؟ (3) اختلاف الأفكار والنظريات الأخلاقية
من فلاسفة الأخلاق من ينكر وجود حقائق أخلاقية؛ لأن القواعد الأخلاقية ليست إلا تقاليد تختلف باختلاف الأزمنة والبيئات.
هذا مونتاني
Montaigne
4 (الفيلسوف والأخلاقي الفرنسي المعروف) بعد أن جمع كثيرا من الآراء والأحكام الأخلاقية، يؤكد هذه النظرية بقوة حين يقول:
لا يوجد شيء أكثر اختلافا بين أمم العالم بأسرها كالعادات والقوانين، كثيرا ما يكون أمر ممقوت هنا وممدوح بل موصى به هناك؛ في «إسبارطة» كانوا يمتدحون المهارة في الغش ويتواصون بها، وقتل الآباء المعمرين والتجارة بالمسروقات والزواج بين الأقارب، كل ذلك وهو محرم بيننا بصفة عامة مأمور به عند آخرين. وأخيرا لا يوجد أمر غير مرضي هنا إلا ويكون مرضيا عند أمة أخرى.
5 «وباسكال» الفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير استعار بعض ما أتى به مونتاني من مثل وحجج، وأتبع ذلك بفيض من فصاحته اللاذعة؛ إذ يقول:
لا يوجد تقريبا شيء عادل أو غير عادل إلا ويغير من صفته تغير إقليمه؛ ثلاث درجات في الارتفاع إلى القطب تقلب رأسا على عقب كل ما عرف من عدالة، خط واحد من خطوط الزوال يتحكم في الحقيقة والحكم الخلقي ... الحق له بيئاته، أزمنته، عدالة مضحكة هذه التي يحدها نهر! حقيقة أمام البرينييه
Des Pyrenées
अज्ञात पृष्ठ