महाद्वीपीय दर्शन: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
ثم يمضي دوميت، على نحو مثير، في مقارنة فريجه وهوسرل بنهري الراين والدانوب، «اللذين ينبع أحدهما على مسافة قريبة جدا من الآخر، ويتبعان مسارين متوازيين تقريبا لفترة ما، حتى يتفرعا في اتجاهين مختلفين تماما ويصبا في بحرين مختلفين». وعلى الرغم من أنه من الواضح - بالنسبة إلى دوميت على الأقل - أن راين فريجه هو المسار الصحيح للفكر (في حين أن دانوب هوسرل يتدفق نحو بحر المثالية الأسود الخاص بالفلسفة القارية)، فإن هذه صورة موجهة وموحية تزعزع التمييز بين تقليدي الفلسفة على نحو رائع جدا.
استراتيجية دوميت مقنعة، وسأستخدمها ضمنيا في مناقشتي حول الصراع بين التصور العلمي والتصور التأويلي للعالم في الفصل السادس؛ وأعني تحديدا أن إحدى طرق تحقيق الفهم المتبادل بين أطراف هذا الصراع هي تتبع مصدره الفلسفي في المواجهة بين هايدجر وكارناب. ومع ذلك - وهذه هي الطريقة الثانية للتمييز بين التقليدين الفلسفيين - إذا أردنا أن نفهم طبيعة الفلسفة في التقليد القاري، فأعتقد أنه من الضروري أن نبدأ بكانط، الذي يعد، كما ذكرت سابقا، آخر شخصية فلسفية عظيمة مشتركة بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية، والذي أعلن عن انفصالهما. بادئ ذي بدء، يوجد سببان بسيطان جدا للبدء بكانط بدلا من هوسرل؛ أولا: التطورات التي شهدتها الفلسفة القارية خلال القرن العشرين لا يمكن فهمها إلى حد كبير عند عدم الإشارة إلى بواكيرها في القرن التاسع عشر، وبخاصة فكر هيجل وماركس ونيتشه. وينطبق هذا بصفة خاصة على الفلسفة الفرنسية منذ ثلاثينيات القرن العشرين، التي ربما توصف على نحو جيد في سياق سلسلة من عمليات الرجوع إلى هيجل (بالنسبة إلى أعمال ألكسندر كوجيف والأعمال المبكرة لجان بول سارتر)، أو نيتشه (بالنسبة إلى أعمال ميشيل فوكو وجيل دولوز)، أو ماركس (بالنسبة إلى أعمال لوي ألتوسير). ثانيا: تاريخ الفلسفة في الدول غير الناطقة بالإنجليزية في القرن التاسع عشر - في بريطانيا على الأقل - لا يتم تضمينه للأسف على نحو كاف في المناهج الدراسية بأقسام الفلسفة بالجامعات؛ حيث إنه لا يزال من الممكن الحصول على درجة علمية في الفلسفة دون أن تجب عليك قراءة الكثير - إن قرأت أي شيء من الأساس - من الفلسفة الألمانية بين كانط وفريجه؛ ولذا فإنه لا يزال من الضروري محاولة سد هذه الثغرة. (2) طريقتان لقراءة كانط
الكثير من الفروق بين الفلسفة التحليلية والقارية يعتمد ببساطة على «كيفية» قراءة المرء لكانط، و«الجوانب» التي يركز عليها المرء في فكره؛ وهذا يعني ما إذا كان الشخص مهتما فحسب بالقضايا المعرفية الموجودة في عمله النقدي الأول «نقد العقل المحض» (1781)، أو بالطموحات المنهجية الأكبر في عمله النقدي الثالث «نقد ملكة الحكم» (1790). وأود أن أستكشف هذه الفكرة بعمق أكثر قليلا.
شكل 2-1: نقش لإيمانويل كانط (1724-1804).
إذا كان الشخص يركز على كتاب «نقد العقل المحض»، فإنه عادة ما يكون مهتما بنجاح حجة الاستنتاج المتعالي؛ هنا كانط يحاول أن يظهر أنه من أجل اختبار الأشياء بأي نحو، يجب أن نفترض وجود عمليات ما يسميه «مقولات الفهم»؛ ومن ثم وجود ذات إنسانية تفهم؛ أي تجمع الفوضى المزعجة الناشئة من الخبرة الحسية في شكل مفاهيم. وهكذا، كما يقول كانط: «الأشياء تتوافق مع المفاهيم، وليست المفاهيم هي التي تتوافق مع الأشياء.» وستوجه هذه القراءة لفكر كانط من خلال مسألة ما إذا كان ينجح في توفير أساس صحيح للمعرفة التجريبية ومواجهة تحدي شك ديفيد هيوم، أم لا. ادعى كانط أن هيوم أيقظه من «سباته الدوجماتي»، من خلال توضيح أننا إذا أخذنا تحدي الشك هذا بجدية، فإننا لا يمكننا أبدا أن نكون متأكدين مما إذا كانت مفاهيمنا - الكامنة في الأحاسيس والانطباعات العابرة - مقابلة على نحو كاف للأشياء في ذاتها ومنتجة للمعرفة أم لا. ورد كانط هو تحويل المسألة برمتها، من خلال التأكيد على أنه على الرغم من أننا لا يمكننا أبدا معرفة الأشياء في ذاتها، فإن عناصر تمثيلاتنا لها تتطابق مع مفاهيمنا لها على نحو كاف للمعرفة. وهذا التحول هو ما يدعوه كانط «التحول الثوري» في الفلسفة. والعالم التجريبي هو في الواقع حقيقي بالنسبة إلينا، ولكن من أجل تفسير كيفية فهمنا للعالم يجب أن نفترض منطقيا، أو بلغة كانط «على نحو متعال»، وجود ذات أو وعي يوحد ما ينتج عن الحدس في شكل مفاهيم. وهذا هو الشكل الأولي لأطروحة ما يسمى «المثالية المتعالية»، الأطروحة التي يعتقد كانط أنها متسقة مع الواقعية التجريبية. وبالقراءة من خلال وجهة النظر تلك، فإن المساهمة الفلسفية الكبرى لكانط تقع في مجال نظرية المعرفة، وضمنيا فلسفة العلم. في الواقع، كانت هذه هي طريقة قراءة كانط على نحو كبير لدى المدرسة الكانطية الجديدة، التي هيمنت على الفلسفة الأكاديمية الألمانية والفرنسية في الفترة من عام 1890 حتى أواخر عشرينيات القرن العشرين. لقد كانت طريقة القراءة المعرفية لكانط تلك لدى بيتر ستراوسون وغيره، هي التي سيطرت على فهم التقليد الأنجلو أمريكي لفلسفة كانط حتى وقت قريب إلى حد ما.
ومع ذلك، فإن طموح عمل كانط «نقد ملكة الحكم» مختلف إلى حد ما؛ فقد حاول بناء جسر بين ملكات الفهم (مجال نظرية المعرفة المعني بمعرفة الطبيعة) والعقل (مجال الأخلاق المعني بالحرية)، من خلال نقد ملكة الحكم. وسيكون الحكم الوسيط بين عالمي الطبيعة والحرية، وسينسق عناصر الفلسفة النقدية في نظام ما. وإذا ما سلك المرء هذا المسار، فإن القضية الأساسية لفلسفة كانط تصبح معقولية العلاقة بين العقل المحض والعقل العملي، أو الطبيعة والحرية، أو وحدة النظرية والتطبيق. كما سنرى لاحقا، هذا هو بالضبط المسار الذي اتبعته المثالية الألمانية لدى فيشته، وإف دبليو جيه شيلينج، وهيجل، والرومانسية الألمانية المبكرة لدى فريدريك شليجل ونوفاليس. ويمكن القول إن هذا هو المسار الذي اتبعته الفلسفة القارية منذ ذلك الحين. (3) كانط وهامان: نقد العقل المحض، والحاجة لنقد النقد
اسمح لي أن أحاول شرح كيف نصل من فلسفة كانط إلى الفلسفة المثالية الألمانية بشيء من التفصيل، من خلال محاولة إعادة بناء بعض سياق الفلسفة فيما بعد كانط. عانى مشروع التنوير الألماني بأكمله - الذي كان مستندا إلى سيادة العقل - نوعا من الانهيار الداخلي. يمكن وصف المشكلة ببساطة كما يلي: سيادة العقل تتمثل في ادعاء أن العقل بإمكانه انتقاد كل معتقداتنا. فكما كتب كانط في مقدمة الطبعة الأولى من عمله «نقد العقل المحض»:
عصرنا هو عصر النقد بدرجة كبيرة، ويجب أن تخضع جميع معتقداتنا للنقد؛ فالدين بقدسيته، والدولة بهيبتها، لا يمكنهما إعفاء أنفسهما من الخضوع لهذا النقد دون إثارة أي شكوك بشأنهما.
ولكن إذا كان ذلك صحيحا - إذا كان العقل يستطيع انتقاد كل شيء - فمن المؤكد أنه يجب أيضا أن ينتقد نفسه؛ لذلك، يجب أن يوجد نقد للنقد إذا أردنا أن يكون النقد فعالا حقا. هذه هي وجهة نظر يوهان جورج هامان، ناقد كانط الأول الأكثر تأثيرا، الذي كان يسكن معه في مدينة كونيجسبرج، والذي صاغ مفهوم «نقد النقد»، الذي لا يزال مصطلحا شائعا جدا في الفلسفة الألمانية. إذا كان كانط يمثل عقلانية التنوير ويحاول الدفاع عنها، فإن هامان هو صوت مناهضة التنوير التي من شأنها أن تزدهر في الحركات الجمالية والثقافية المسماة ب «العاصفة والاندفاع» والرومانسية الألمانية المبكرة. وخضع هامان لتحول ديني درامي بعد بعض المغامرات المثلية المثيرة، خلال رحلة عمل فاشلة في لندن عام 1758. وتعد قصة علاقة هامان اللاحقة بكانط - حيث استعان صاحب عمل هامان السابق في ريجا بكانط لإعادة المتدين الذي ولد من جديد إلى طريق العقل - مادة لأفضل الروايات التاريخية.
ولكن هذا ليس موضوعنا. في عام 1784، ألف هامان «نقد نقد العقل المحض»؛ حيث انتقد شكلية كانط، وتحديدا مغالاته حيال الطابع الشكلي للمعرفة، والإيمان بأنه يمكن فصل العقل عن الخبرة؛ أي إنه يمكن فصل ما هو قبل عما هو بعد. ويعد نقد هامان مقدمة لنقد صديقه - ورفيقه لفترة طويلة في الواقع - فريدريك هاينريش جاكوبي، وكذلك نقد هيجل. وهو يأخذ الشكل التالي: تنقسم فلسفة كانط النقدية إلى سلسلة من الثنائيات المعيبة (الشكل في مقابل المحتوى، الإحساس في مقابل الفهم، العقل في مقابل الخبرة، الطبيعة في مقابل الحرية، المحض في مقابل العملي، وما إلى ذلك)، وتعد سيادة العقل العملي مجرد شكلية فارغة للواجب المجرد. بالنسبة إلى هامان - في تنبؤ غريب آخر بالتطورات الفلسفية اللاحقة، التي تسمى الانعطاف اللغوي - فإن الفصل بين العقل والخبرة، أو الشكل والمضمون، أمر مستحيل؛ لأن الفكر يعتمد على اللغة، التي بطبيعة الحال تكون مزيجا من الاثنين معا. من أين بالضبط تستقي التمييز بين المفهوم والحدس في الاستخدام الفعلي للغة؟ يقول هامان: «القدرة الكاملة على التفكير لا تعتمد على اللغة فحسب ... ولكن تقبع اللغة أيضا في قلب سوء فهم العقل لنفسه.»
अज्ञात पृष्ठ