इंग्लिश दर्शनशास्त्र सौ सालों में (भाग एक)

फुआद जकरिया d. 1431 AH
72

इंग्लिश दर्शनशास्त्र सौ सालों में (भाग एक)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

शैलियों

وعلى حين أن ستيفن يرفض النظريات السابقة عليه، والمبنية على فكرتي اللذة والسعادة، فإنه يسعى مع ذلك إلى إنصاف مبدأ المنفعة وإيجاد مكان له في مذهبه الأخلاقي، وبذا يبدو مذهبه هذا على أنه مركب من مبادئ نفعية ومبادئ تطورية، مع رجحان كفة الأخيرة بالطبع. وهكذا فإن من الممكن التوفيق بين العرض الذي قدمناه من قبل لمذهبه وبين قاعدة المنفعة، إذا فسرنا الأخيرة بأنها ليست مجرد مبدأ إيجاد اللذة والسعادة، وإنما هي أيضا مبدأ النهوض بالصحة وحفظ الحياة، فاللذة والصحة، وإن لم تكونا متفقتين على الإطلاق، تتبديان في أفعال تسير على الأقل في اتجاه متقارب؛ إذ إن حدوث تعارض بينهما يؤدي إلى إخلال التوازن الاجتماعي، وعلى ذلك فإن تقاربهما - إن لم يكن هويتهما - هو أمر يضمنه التطور حتما، غير أن المنفعة، بمعنى حفظ الحياة، تثبت في كل حالة أنها أهم بكثير من المنفعة بمعنى مجرد تحصيل اللذة وطلب السعادة.

وأخيرا فالتطور ينطوي على نتيجة أخرى، فإذا كانت بعض طرق السلوك تكتسب قيمة أخلاقية أعظم من غيرها بفعل الانتقاء الطبيعي، وتصبح بذلك مفضلة، أي تقرها الجماعة البشرية، فمن الواضح أن المهم في الأمر ليس الفعل الوحيد المنفرد، وإنما الشخصية التي ينبثق عنها هذا الفعل. وإذن فالتطور لا يولد ولا يرعى طرقا معينة للسلوك فحسب، وإنما يولد ويرعى أنماطا محددة من الشخصية أيضا، فتكوين شخصية متينة يمثل مستوى أعلى في التقدم الأخلاقي من التدريب على طريقة السلوك هذه أو تلك، وهذا هو التقدم الذي يتحقق في الانتقال من أخلاقية السلوك الخارجي إلى أخلاقية التعود الباطن، وكلما ازداد الشخص الأخلاقي النموذجي تنظيما، أصبح لشخصيته طابع أكثر ثباتا وتحددا، وعلى ذلك فإن أعلى قانون أخلاقي ليس هو ذلك الذي يعبر عنه بالأمر «افعل هذا»، وإنما بالأمر «كن هكذا».

وينبغي أن يلاحظ أخيرا أن مذهب ستيفن الأخلاقي قد وجد امتدادا له، بعد سنوات قلائل، في أول كتب صمويل ألكسندر

Samuel Alexander

وهو، «النظام الأخلاقي والتقدم

Moral Order and Progress » (1889)، وهو كتاب سنتحدث عنه في موضع آخر [انظر الفصل الرابع من الباب الثاني.] فهذا الكتاب قد تشبع تماما بروح مذهب ستيفن الأخلاقي، وهو يشبهه في نواح متعددة، وإن يكن قد كشف عن سمات مستقلة.

أما المذهب الأخلاقي عند «إيدث سمككس

Edith Simcox » (1844-1901)، الذي سبق مذهب ستيفن بسنوات قلائل، والذي عرضته في كتابها «القانون الطبيعي، بحث في الأخلاق

Natural Law, an Essay in Ethics » (1877)، فهو فرع آخر للمذهب التطوري الطبيعي، ومن الممكن تسميته «بمذهب الكمال

»؛ إذ إنه يرى أن الهدف المثالي للحياة الأخلاقية والسلوك الأخلاقي هو في الممارسة الكاملة لجميع الملكات البشرية، ويتسم هذا المذهب بأن الطابع التربوي والجمالي يغلب فيه على طابع العمل العلمي - وربما كان ذلك تعبيرا عن طبيعة نسائية مألوفة، فالآنسة سمككس تربط بين المجال الأخلاقي والسياسي وكل مظاهر الحياة الرفيعة للروح، وبين القوى الطبيعية التي تنمى في الإنسان، وهي ترد المبدأ القانوني المتحكم في هذه الحياة إلى مبدأ القانون الطبيعي. فالمعيار الأخلاقي الذي يستخلص من التطور الطبيعي ويتأيد به، هو ذلك الذي يتمشى أكثر من غيره مع الطبيعة المميزة للإنسان، أي هو الأكثر تلاؤما مع الإنسانية، على حين أن أي انحراف عنه ينظر إليه على أنه نقص وإقلال للقيم الأخلاقية . وإذن فالخير في السلوك إنما يكون في رعاية وتنشئة نمط إنساني مثالي، عن طريق المضي في كل قدرة طبيعية إلى أعلى وأكمل ما يمكن أن تصل إليه من درجات التحقق، وما الكمال الأخلاقي إلا تحقيق القانون الطبيعي الذي يخضع له الوجود البشري بدوره. وهكذا يطلب إلى الفرد، بوصفه فاعلا، أن يتعاون تعاونا فعالا مع القوى السائدة في الكون، على حين أنه، من حيث هو كائن مفكر، ينحني أمامها في خشوع لأوامرها بروح من الاستسلام الديني.

अज्ञात पृष्ठ