इंग्लिश दर्शनशास्त्र सौ सालों में (भाग एक)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
शैलियों
وينبغي أن يقال أولا: إن تأثره بكولردج، وهو اللفظ المختصر الذي نستخدمه للدلالة على تفتح ذهن مل لتيارات الفكر المنبثقة عن المثالية والرومانتيكية، قد بلغ أوجه بتأليف هذين المقالين، وأن هذا التأثر لم يزد قوة في تفكيره المتأخر، وإنما طرأ عليه الضعف، وقد أدرك مل نفسه ذلك عندما عاد بذاكرته في أواخر حياته إلى تلك المرحلة من تطوره في ترجمته الذاتية لحياته، ولاحظ أنه قد أكد أكثر مما ينبغي، في تلك الفترة، الجانب الملائم لأحد تيارين فكريين (كولردج) والجانب غير الملائم للتيار الآخر، وكثيرا ما أكد فيما بعد مناصرته لأفكار القرن الثامن عشر التي كان يعارضها إلى حد ما في تلك الفترة، وإن لم يكن قد تخلى عنها أبدا. ومن الظواهر الغريبة أن مل، وإن كان قد اطلع على معالم الفكر الألماني بفضل كولردج وكارليل وغيرهما، فإنه لم يرهق نفسه أبدا من أجل استيعاب المذاهب الفلسفية الألمانية بدقة، وقد كان مستواه في هذه الناحية أدنى كثيرا من مستوى هاملتن، معاصره الأكبر سنا، صحيح أنه قد تعرف سطحيا إلى شعر جيته، وإلى النظريات التربوية لبستولاتسي
،
9
ثم اتصل فيما بعد بفلهلم فون همبولت
Wilhelm Von Humboldt ،
10
غير أن ما كان يعرفه عن الحركة الفلسفية الألمانية من كانت إلى هيجل كان كله تقريبا مستمدا من السماع، ولم يتجاوز بعض الأفكار الغامضة المختلطة، فهنا ظل مل محتفظا بتلك العزلة التي تميز كثيرا من المفكرين الإنجليز، مع أن روحه المتحررة كانت في نواح أخرى متفتحة كل التفتح للمؤثرات الخارجية، وحيثما كان يشتم من بعد وجود مؤثرات ألمانية، كان يقف ضدها ويقلل من قدرها، مفضلا عليها تراثه القومي، فالفلسفة الألمانية كانت في نظره كتابا ذا أختام سبعة، لم يشعر بأدنى رغبة في استجلاء أسراره.
ومع ذلك فإن القوة المستمدة من كولردج لم تتركه دون أن تخلف فيه أثرا، فهو لم يتخل أبدا على نحو نهائي عن ارتباطاته القديمة، ولم يصل إلى توفيق صحيح بين الأفكار القديمة والجديدة، وبفضله أصبحت حركة مذهب المنفعة مرنة سيالة مرة أخرى، ففاضت جوانبها من حدودها الضيقة، وكسرت قيدها القطعي، وعلى الرغم من أنها لم تكسب أرضا جديدة واسعة، فقد أصبحت واعية بحدودها الخاصة، وظهر فيها استباق لأفكار جديدة وحياة فلسفية متجددة، ولا يستطيع المرء أن يقول إن التعاليم التقليدية قد حدث فيها تجديد أساسي، ولكن حدث فيها تغير هام، وهو تغيير لم ترفض فيه التعاليم القديمة في أية نقطة هامة، وإنما هز أركانها في نقاط عديدة، وأدخل عليها من آن لآخر تعديلات بلغت حدا لم تعد معه قابلة للدخول في الإطار القديم، وكما قال بول هنسل
(انظر «كتابات وأحاديث قصيرة
Kleine Schriften and Vorträge » 1930، ص139 والصفحات التالية) فإن مل قد استخلص من داخل القوالب الثابتة للمذهب التقليدي أفكارا عديدة قام بإحيائها حتى تجاوزت إلى حد بعيد ما يمكن أن تستوعبه تلك القوالب، «فحياته بأسرها كانت صراعا باسلا من أجل طبع شخصيته الفردية الزاخرة على تلك القشرة الجامدة التي غلف بها مذهب محدود الأفق»، (نفس المرجع والموضع).
अज्ञात पृष्ठ