181

इंग्लिश दर्शनशास्त्र सौ सालों में (भाग एक)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

शैलियों

بلغة نيتشه. وقد استخدم بوزانكيت نفسه تعبير نيتشه «قلب كل القيم» ليصف علو المتناهي على ذاته، ولقد أكد بعض الكتاب أن لنظرته إلى العالم طابعا بطوليا. ومع ذلك فمن الخطأ المضي في هذا الاتجاه أبعد مما ينبغي؛ إذ إن المثل الأعلى عند بوزانكيت أقرب بكثير إلى طابع الملاذ الأمين والمقر المريح، وهو أكثر سلبية وسكونا من أن يسمح بالتوفيق بينه وبين كفاح نيتشه البطولي من أجل إعلاء طبيعتنا. كذلك الحال في تفاؤليته الساذجة ونظرته إلى الحياة البشرية على أنها تنزلق بهدوء إلى الاستقرار في الانسجام الوادع المطلق، فهو في هذه النواحي يقتفي أثر برادلي.

وعلى الرغم من أن بوزانكيت، كما رأينا، قد جعل من مشكلة الفردية محورا لتفكيره، فإن مذهبه في المطلق لم ينشأ عنها، وهذا أمر واضح لديه كما هو لدى برادلي؛ ذلك لأنه إذا كان السبيل إلى بلوغ المثل الأعلى هو التضحية بالذات الإنسانية، فهلا يكون في ذلك تحطيم لشخصية الإنسان في أعمق أغوارها؟ وإذا كان لا بد لهذه الشخصية أن تتبدل تماما لكي تجد ذاتها الحقة، فما الذي يتبقى من قيمتها المميزة؟ ألسنا نقدر قيمة الشخصية أولا وقبل كل شيء من أجل ما هي عليه في المكان والزمان الراهنين، لا من أجل مثل أعلى لها يقتضي تحقيقه القضاء على كل ما هو عزيز لدينا؟ أليست فكرة إذابة فرد وإدراجه في فرد أعلى هي على أية حال فكرة يصعب تصورها إلى حد بعيد؟ لا جدال في أن بوزانكيت، في بحثه في الشخصية الفردية، يمضي في الحد من قيمتها إلى حد يستحيل بعده البحث على أي نحو في مسألة إدراك طابعها الأساسي، فمذهبه مضطر إلى الاختيار بين أحد أمرين: إما أن يظل المثل الأعلى غير متحقق، وإما أن يقضي على الواقع الحقيقي، وتلك هي نتيجة السير بالمثل الأعلى أبعد ما ينبغي عن الواقع.

ولا يتسع المقام هنا لمعالجة ميتافيزيقا بوزانكيت بطريقة شاملة على أي نحو، كما أن الحاجة لا تدعو إلى ذلك، بل نستطيع أن نختم كلامنا بأن نلاحظ أن مشكلة القيم تحتل فيه مكانة أبرز بكثير من مكانتها عند برادلي، وربما كان ذلك راجعا إلى تأثير لوتسه والفلاسفة الألمان المتأخرين الذين بحثوا مشكلة القيم. على أن تكرار استخدام التعبيرات المستمدة من مجال القيم لم يتغير بالفعل أي عنصر أساسي في الموضوع، بحيث لا يمكننا في هذه الحالة أيضا أن نقول إن بوزانكيت قد أفلح في إحراز أي تقدم حقيقي على برادلي، الذي كان التجاؤه إلى مصطلح القيم أقل منه بكثير. والواقع أن استخدام برادلي المتحمس المترفع للفظ «الواقع» يدل على أن هذا اللفظ كان في نظره تصورا ينتمي أساسا إلى مجال القيمة. ولما كان الأمر كذلك فقد كان من السهل إعادة التعبير عن أجزاء معينة من مذهبه بلغة القيم، وهذا ما فعله بوزانكيت، فالمطلق في نظره ليس أعلى حقيقة وأسمى واقع فحسب، بل هو أيضا أعلى القيم، وهو مقياس كل جدارة. كذلك اعترف بوزانكيت بمستويات القيمة مثلما اعترف بمستويات الفردية والواقع، فمقياس جدارة أية ظاهرة هو في حتميتها المنطقية وخلوها من التناقض، أو في الارتباط العضوي المتبادل والانسجام بين أجزائها، والأمران سيان. ومن الواضح أن فكرته عن القيمة ونظرته إلى العالم بوجه عام، قد تحددت أساسا بأفكاره الرئيسية المنطقية والجمالية، فتأثير الأفكار المنطقية واضح في سعيه وراء الرضاء النظري باستبعاد كل ما هو متناقض لا معقول، كما أن تأثير علم الجمال واضح في ذلك التكامل المنسجم لمذهبه في سيمفونية للمطلق يعود فيها كل ما هو نشاز إلى التوافق والانسجام.

وليس في وسعنا إلا أن نتعرض بإيجاز للدور الذي ساهم به بوزانكيت في علم الجمال، فقد كان من الفلاسفة الإنجليز المتأخرين القلائل الذين شغلوا بهذا الميدان، وقد لفت النظر، بذلك، إلى جزء من تراث هيجل كان من العجيب أن المدرسة الهيجلية لم تكد تهتم به. ولقد كان يدين بالكثير إلى رسكين

Ruskin

ووليام موريس، بالإضافة إلى دينه لهيجل، وكان أهم مؤلفاته في هذا الصدد كتابه الشامل «تاريخ علم الجمال» الذي يتعقب تطور نظرية الفن وعلم الجمال منذ اليونانيين حتى القرن التاسع عشر. ويعد هذا الكتاب، الذي تغلغلت فيه روح هيجل، بحثا تاريخيا من الطراز الأول، جمع بين ارتفاع مستوى الثقافة وبين سعة الاطلاع والفهم العميق للمشكلات الفنية والجمالية، وقام فيه بدراسات واسعة عميقة لمواقف وشخصيات روحية، فبحثه، مثلا، في الدلالة الجمالية للحركة الألمانية منذ بداية القرن الثامن عشر، إلى المذهب الكلاسيكي والرومانتيكي والمثالي، حتى المدارس بعد الهيجلية؛ هذا البحث هو وحده شاهد على سعة نطاق قراءاته إلى حد يدعو إلى الدهشة، وليس من المبالغة أن نقول إن بوزانكيت كان، في عصره، هو الإنجليزي الوحيد الذي كان في وسعه الارتفاع إلى هذا المستوى العالي الشامل في الملاحظة، أما آراؤه الخاصة في علم الجمال، التي لم يعرضها إلا في كتاب صغير جدا، فتندرج بطبيعة الحال ضمن الإطار العام لمذهبه ، وإن لم يكن هذا الإطار يظهر إلا بطريقة عارضة، ولا يحول على أي نحو دون التطور الحر لأفكاره.

ولقد كان يرى في الجمال نوعا أساسيا من الوحدة العليا، وتوفيقا بين الخاص والعام، والطبيعي والروحي، والضرورة والحرية، وكان تصوره للجمال من السعة بقدر تصوره للخير والحق. وهكذا جعله يشتمل على القبح بوصفه أدنى مستوى أو مظهرا له، وأن الكمال المنسجم الذي تتمتع به في العمل الفني إنما هو أكمل بشير بتلك الوحدة النهائية التي تتطلع إليها الميتافيزيقا بوصفها «المطلق».

أثارت نظرية الحقيقة عند جويكم، وهي النظرية التي وضعها على أساس مذهب المطلق عند برادلي وبوزانكيت، اهتماما كبيرا بمجرد ظهورها، كما حفزت على قيام مناقشات حية اشترك فيها رسل ومور وشيلر ودوس هكس

Dawes Hicks

وغيرهم. وكان سبب هذا الاهتمام الذي أبدي بكتاب صغير نسبيا هو أن الكتاب، الذي ألفه ممثل لمدرسة المطلق، قد تضمن لأول مرة اعترافا علنيا صريحا ببعض الصعوبات الكامنة في مذهب المطلق، واستخلص منها نتائج معينة كان ممثلو المدرسة يخفونها، ولكن كان خصومها قد كشفوها من قبل، وفضلا عن ذلك فقد وضع جويكم في صورة منهجية أفكارا اكتفى برادلي بالإشارة إليها، أو عرضها بطريقة عامة فحسب.

अज्ञात पृष्ठ