178

इंग्लिश दर्शनशास्त्र सौ सालों में (भाग एक)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

शैलियों

فالصورة المنطقية الأولى والأساسية في بوزانكيت - كما هي في نظر برادلي - هي الحكم لا التصور؛ إذ ليس للتصور مكان في التفكير الفعلي إلا بوصفه جزءا عضويا من حكم، فالحكم معنى يكون كلا عضويا، وبالتالي لا يمكن فهمه إلا في ضوء الوحدة الوظيفية لأجزائه. أما إذا أخذنا نعدد هذه الأجزاء ونحللها، كان في ذلك تمزيق لنسيجها الحي، وكل فعل للحكم يشير إلى واقع خارج هذا الفعل ذاته، ومن الواجب أن يعد حكم الإدراك الحسي المألوف تماما تعبيرا جزئيا عن الواقع، أما الحكم الكامل فلن يكون أقل من تأكيد الواقع كله في أعم صورة له؛ لذلك فإن الواقع - بما هو كذلك - هو في آخر الأمر الموضوع المميز لكل حكم صحيح، وفي كل حكم تفترض مقدما كلية الأشياء بطريقة أو بأخرى على الدوام، حتى ولو كنا لا ندركها في عملية الحكم إلا بطريقة جزئية، وإذن فلما كان الحكم هو الجهد الذي يبذله الفكر لتحديد الواقع، فإنه لن يتباين فقط تبعا لاختلاف الأنواع الكيفية للواقع الذي يحدده من آن لآخر، بل أيضا تبعا لدرجة النجاح الذي يحققه في هذا التحديد، وسواء اتخذ الحكم شكل معادلة رياضية أو تعريف منطقي أو حكم تقويمي، فإن أهم طابع يميزه يتحدد بالكل الكامن الذي يدركه.

ويتضح نقص المنطق الصوري التقليدي والمنطق الاستقرائي الذي قال به التجريبيون على السواء إذا ما قيسا بالفكرة التي ترى المنطق متوقفا على النسق وعاملا يدخل في تركيب الواقع. ويزداد ذلك وضوحا في فكرة الاستدلال عند بوزانكيت، وهي الفكرة التي يعرضها في كتابه «المنطق»، كما يقدم لها عرضا عميقا في بحثه الموجز «التضمن والاستدلال التسلسلي»، فهو هنا يميز بين رأيين ممكنين في الاستقراء، التسلسلي

Linear

والنسقي

systematic

فالقياس، الذي هو أصدق ممثل لكل أنواع الاستنباط، يسير تبعا للرأي الأول، فهو يربط محمولا بموضوع، ويأخذ النتيجة على أنها موضوع جديد، ويربط بها محمولا آخر، وهكذا يسير على شكل متسلسل، ومعظم الاستدلالات المسماة بالاستقرائية تسير على نفس النمط. وفي مقابل هذه الأنواع يقول بوزانكيت برأي آخر في الاستدلال، يراه فيه نسقيا

systematic ، أي تضمنيا بدلا من التسلسلي، بحيث يكون التضمن هو تشابك الأجزاء في كل نسق سابق عليها، يوجه العملية الاستدلالية كلها ويتغلغل فيها نتيجة لصفة السبق هذه، فنحن في كل استدلال حقيقي، سواء أكان ذلك في التفكير العلمي أم في التفكير اليومي، نستعرض نسقا من الوقائع، ونتأمله في علاقته بنسق أكبر للواقع، ونتبين المتضمنات بطريق مباشر أو غير مباشر، وكلما كانت ارتباطات النسق في أي فرع للمعرفة أكمل وأشمل، كانت تلك المعرفة أرفع.

ومن الطريف، في صدد هذا الرأي القائل إن جميع العمليات المنطقية ترتكز على استدلال نسقي لا تسلسلي، أن نلاحظ تأثير هوسرل؛

87

ذلك لأن أعمال هوسرل في عمومها، ولا سيما منهجه في حدس الماهيات بوجه خاص، قد أدى ببوزانكيت إلى الفكرة القائلة إن التبدي المباشر للدالات أو التضمنات الرابطة يلعب، في جميع العمليات المنطقية، دورا أهم بكثير من الاستدلال على أساس التجربة السابقة، فهناك عامل حدسي يؤدي دوره، ويمكننا من أن نتأمل ماهية الأشياء في أعمق أعماقها - إن جاز هذا التعبير - وندرك على التو ارتباطاتها داخل النسق. وهكذا لا يتردد بوزانكيت في أن يعلن أنه ليس من الصحيح على الإطلاق أن يقال على هذا الحدس إنه لا منطقي أو لا معقول، بل إنه يكون ماهية كل الأنواع العليا من الاستدلال، كذلك ينبغي أن نلاحظ أن التضمن بهذا المعنى يعني بالنسبة إليه نفس ما يعنيه الديالكتيك. ولما لم يكن من المحتمل أنه قد عرف بوجود ارتباط تاريخي وثيق بين ديالكتيك هيجل وحدس الماهيات عند هوسرل، فإن إدراكه للعلاقة الوثيقة القائمة بينهما هو دون شك علامة على صدق فطرته.

अज्ञात पृष्ठ