दर्शन: इसके प्रकार और समस्याएँ
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
शैलियों
الفلسفة وحقائق الدين «الواضحة بذاتها» : ينطبق ما قلناه عن فكرة الله على جميع المصادرات الأخرى التي يبنى عليها أي مذهب في الفكر الديني. فكثير من الأديان، مثلا، تبدأ بناءها اللاهوتي بمجموعة معينة من «الحقائق الواضحة بذاتها». هذه الحقائق لا تتعلق عادة بوجود الله وحده، وإنما تتعلق أيضا بقدرته الشاملة، وعلمه المحيط، وحضوره في كل شيء، وخيره المطلق، ودوره بوصفه خالق الكون ... إلخ. وقد تبدو القضايا الإيجابية المتعلقة بهذه المسلمات كلها، في نظر المؤمن، أوضح في حقيقتها من أن تحتاج إلى برهان، فهي تبدو «واضحة بذاتها». ولكنها لا تبدو كذلك في نظر الفيلسوف. فكلمة «واضح بذاته» تمثل تحديا له. وبمجرد أن يرى هذا اللفظ أو يسمعه، نراه ميالا إلى أن يقول: «قف عندك! إن «الواضح بذاته» ليس بالصفة التي يمكن إطلاقها بمثل هذه السهولة. فما الذي تعنيه بها حقيقة وفي نظر من تكون قضيتك واضحة الصحة إلى حد لا تحتاج معه إلى دليل؟» ويلي ذلك عادة مقارنة بين القضية موضوع البحث وبين بعض الأمثلة الكلاسيكية للوضوح الذاتي، كتلك التي تتمثل في البديهيات الكامنة من وراء هندسة إقليدس. ومن هذه النقطة تنتقل المناقشة بالطبع إلى بحث كذلك الذي يقوم به الرياضيون المحدثون أحيانا، حول الوضوح الذاتي لهذه الأمثلة الكلاسيكية ذاتها. وقد يؤدي ذلك منطقيا إلى تحليل لمفهوم الوضوح الذاتي بأسره، وأهميته بوصفه مصدرا للمعرفة، وعلاقته بمشكلة البرهان، وما شابه ذلك. ولكن المفكر الديني يكون خلال هذا الوقت قد انتقل دون شك إلى ما يعتقد أنه بحث فكري أعظم جدوى، مقتنعا بأن هناك من الأفراد الذين سيقبلون قضاياه «الواضحة بذاتها» على أنها واضحة بذاتها حقا، ما يكفي لجعل حديثه إليهم ممكنا.
الاختلاف الرابع: الأهداف
والفارق الرئيسي الأخير بين الفلسفة والدين يكمن في هدفهما أو غايتهما القصوى. وهذا يؤثر بطبيعة الحال في الموقف العقلي الذي يبدأ به نشاط من يمارسونهما كما يؤثر في المناهج التي يستخدمونها. ولقد ذكرنا من قبل أن أول شوق للفيلسوف هو شوقه إلى المعرفة، دون أن يهتم إلا قليلا بالثمن الذي يكلفه بلوغ هذه المعرفة، ودون أن يهتم إلا أقل من ذلك بانسجامها أو عدم انسجامها مع آماله وأمانيه البشرية المتأصلة فيه بعمق. ومن جهة أخرى فقد رأينا أن الهدف الأول للدين هو إعطاء إحساس بالأمان والطمأنينة «لا يستطيع العالم أن يعطيه إيانا أو ينتزعه منا». وهكذا يتضح لنا أن للدين هدفا عمليا أكثر من الفلسفة - وذلك على الأقل من وجهة النظر المباشرة. كذلك يتضح أن الدين يكون على الأرجح أهم في حياة عدد من الناس يزيد كثيرا على أولئك الذين يمكن أن تمسهم الفلسفة ولو من بعيد. وبطبيعة الحال فإن من يكرسون حياتهم للعمل الفلسفي يسارعون دائما بتأكيد أن الدافع إلى المعرفة لا يقل تأصلا في الإنسان عن الرغبة في الأمان والطمأنينة الروحية. ولكن على الرغم من أن الدافعين قد يكونان سواء في أهميتهما، فإنه لا يترتب على ذلك القول بأنهما موجودان بنفس القوة لدى الناس جميعا. فمعظم الأشخاص يرون أن الوعد الذي يقدمه إليهم الدين أقوى جاذبية بكثير. وهم يشعرون بضرورة حصولهم على ضمان بأن الحياة جديرة بأن تعاش، ويؤمنون بأن الدين قادر على أن يعطيهم هذا الضمان على نحو أيسر مما تقدر عليه منافسة الدين (أي الفلسفة). ذلك لأن الفلسفة لو استطاعت تقديم مثل هذا الضمان، فإن ذلك لا يكون عادة إلا بعد تفكير طويل مضن.
وباختصار، فعلى الرغم من أن الفيلسوف قد ينتفع من أنظاره الميتافيزيقية في صياغة فلسفة للحياة تصلح للتطبيق عمليا (وبذلك يحقق نفس النتيجة «العملية» التي يحققها رجل الدين)، فإن معظم الناس يدركون أن الفلسفة تهتم بالنظر أكثر مما تهتم بالعمل. وهم يعتقدون أن الفيلسوف سيواصل تأملاته بنفس الإصرار سواء أدت إلى نتائج عملية - أو إلى «أية» نتائج - أو لم تؤد إليها. أما المفكر الديني، حتى إذا كان تفكيره يكتسب طابعا لاهوتيا تجريديا في بعض الأحيان، فإن هدفه الأول يظل دائما إيجاد الأساس العقلي لنشاط عملي إلى أبعد حد: هو بلوغ سلام الروح وطمأنينة القلب. (3) الفلسفة والعلم
كانت علاقات الفلسفة بجارها الآخر الكبير أكثر توافقا وتعاونا، في عمومها، من علاقتها بالدين. فعلى الرغم من الاتهامات المتبادلة والمناقشات العائلية المعتدلة التي كانت تحدث من آن لآخر، فقد عاشت الفلسفة والعلم معا كما تعيش الأم مع ابنها الذكي. وقد ارتكب كل منهما خطأ التعصب الجامد في اللحظات التي لم يكن منتبها فيها، كما كان العلم يعيب على الفلسفة أحيانا كما يفعل كل الأبناء - أنها أم متمسكة بأساليب وأفكار عفى عليها الزمان، أو تتدخل في الحياة المستقلة لجيل أصغر من جيلها. ومن جهة أخرى فقد كان رد الفلسفة هو انتقادها لكثير من المسلمات والأدوات العقلية التي يستخدمها العلم. كما أنها أبدت قلقا ملحوظا من أن يرتكب ابنها، في لحظة طيش، خطأ «رمى الطفل الوليد مع ماء المستحم»
4
وذلك بأن ينظر إلى أوجه التجربة البشرية التي لا يمكن دراستها في المعمل على أنها غير ذات جدوى (بل غير حقيقية). ومع ذلك فقد كانت العلاقة بين الاثنين، عموما، علاقة احترام متبادل. وقد ازداد ذلك ظهورا منذ رد الفعل على المثالية الألمانية المطلقة، عندما اضطرت الفلسفة ذاتها إلى الاعتراف بخطأ محاولة الإغراق في النظر الميتافيزيقي على نحو مستقل عن العلم. ولما كانت الأم قد اعترفت بأي خطأ سابق ارتكبته في هذه المسألة، فإن الابن قد استعاد الاحترام الذي فقده مؤقتا. وأصبح الوضع الحالي هو أنه، مع اضطرار الفلسفة إلى أن تعتمد على ابنها، وهو العلم، اعتمادا كبيرا في معيشتها، فإن إخلاصه لها قد بلغ حدا جعله لا يشكو منها - على شرط أن تعترف بالطبع بمصدر دخلها، وألا تحاول أن تتجاوزه في الإنفاق على نفسها، بأن تنسب إلى النظريات غير المبرهن عليها، أو للأنظار الفلسفية الخاصة، سلطة علمية.
العلاقة المزدوجة بين الميدانين : يمكننا أن نصف العلاقة بين الميدانين - بلغة أدق - بأنها علاقة مزدوجة. فقد تحدثنا في الفصل الافتتاحي عن النشاط المزدوج الذي تقوم به الفلسفة ككل، وأوضحنا أن عمل الفيلسوف قوامه التحليل والتركيب. ولقد أصبح الفارق بين هاتين الوظيفتين الفلسفيتين المتكاملتين أوضح ما يكون في علاقتهما بالعلم؛ إذ إن نمو العلم هو الذي قام بالدور الأكبر في ضمان السيطرة للنشاط التحليلي للفلسفة في السنوات الأخيرة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التحليل هو الذي يقرب الميدانين بقدر الإمكان، ويولد أكبر قدر من الاحترام المتبادل بينهما. ومع ذلك، فلما كانت الوظيفة التحليلية الأعمق هي في الوقت ذاته أكثر تخصصا وأبعد عن التجربة العقلية لمعظم الطلاب، فقد رأينا أن من الإحكام التأمل أولا في العمليات التركيبية للفلسفة. ولما كان هذا النشاط الفلسفي هو في الوقت ذاته الأقدم عهدا، فإننا حين نبدأ بحثنا به أنما نساير التاريخ العام للفكر. (4) العلم بوصفه تخصصا
في الوقت الذي بدأت فيه ما نسميها الآن «بالعلوم» تغادر لأول مرة بيت أمها الفلسفة وتكون لنفسها حياة خاصة بها، لم تكن التقسيمات المحددة المعالم، والقائمة الآن، قد عرفت بعد، بل إن لفظ «العلم» ذاته لم يكن موجودا، بل إن تلك الدراسات الغامضة التي كانت لا تزال في مهدها، كانت تجمع معا تحت لفظ «الفلسفة الطبيعية». وكان الرواد الأوائل في هذا الميدان أكثر انشغالا بمعالجة مشكلات محدودة، من أن يهتموا ببيان حدوده المنتظرة أو بإدراك أنه قد يحدث شقاق بين المطالبين بأجزاء معينة من الأرض الجديدة التي لم يكن قد تم مسحها. ولقد كان الموقف مشابها لموقف رواد الحدود الأمريكيين. إذ إن انشغال المستوطنين الأوائل بقطع أشجار فردية كان أعظم من أن يترك لهم مجالا للاهتمام بحجم الغابة، وكان الجزء الصغير من الأرض التي يطالبون بها لأنفسهم يشغلهم إلى حد لا يعبئون معه لو أن جارا لهم اجتث بعض الأشجار في الأجزاء الأبعد من ذلك. ولم تبدأ التقسيمات التي نعرفها الآن في الظهور إلا بعد أن أصبحت الأجزاء المتباينة لأرض العلم مطروقة ولو جزئيا. ولقد ظهرت عندئذ عدة خطوط تقسيم طبيعية، ولا سيما حول التمييز الشائع بين العلوم «الفيزيائية» و«البيولوجية». وفيما بعد، نمت العلوم الاجتماعية، وادعت لنفسها الحق في أن تطلق على نفسها اسم العلوم، بحيث إنه لا يوجد اليوم إلا القليل من أوجه النشاط البشري العقلي الذي لا يظهر فيه تأثير وجهة النظر العلمية، وربما طريقتها الأساسية في التنظيم.
ولقد أدى تقسيم «الفلسفة الطبيعية» إلى كثير من الميادين شبه المستقلة، إلى مكاسب كثيرة، وإلى بعض الخسائر. أما التقسيم ذاته فكان شيئا لا مفر منه. ففي أواخر القرن الخامس عشر، كان في استطاعة عبقرية شاملة مثل ليوناردو دافنشي أن يلم إلماما كافيا بكل علوم عصره، وأن يقوم ببحوث أصيلة في كثير منها. وحتى عند نهاية القرن الثامن عشر كان في استطاعة جوته أن يقوم ببحوث في كثير من العلوم غير المرتبطة، إلى جانب كونه سياسيا بارعا، وأعظم شعراء الأمة الألمانية. غير أن هذا النطاق العقلي أصبح اليوم مستحيلا من الوجهة العملية ؛ ذلك لأن كلا من أقسام العلوم، بل كثيرا من الأقسام الفرعية، قد أصبح من التعقيد والتفصيل إلى حد صار لا بد معه من قضاء سنوات من التحصيل من أجل استيعاب أي واحد منها. ولا بد، عادة، من أجل الإسهام بأي نصيب أصيل في الميدان، من احتفاظ المرء بوحدة الهدف طوال حياته، بالإضافة إلى قدر من التخصص لا يكاد يكون من الممكن أن يتصوره الأشخاص الخارجون عن نطاق المعمل. ففي العصور الحديثة أصبح التخصص هو القانون الأول للتقدم العلمي.
अज्ञात पृष्ठ