दर्शन: इसके प्रकार और समस्याएँ
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
शैलियों
ويلجأ صاحب مذهب تحقيق الذات إلى هذه الإجابة ذاتها للرد على التهمة القائلة إن الفرد قد يحقق ذاته بطرق لا يرضى عنها المجتمع؛ ذلك لأنه إذا كان الإنسان كائنا اجتماعيا، فمن العسير عليه أن يحقق أعلى نمو لشخصيته بطرق تتعارض مع تقدم المجتمع ونموه. ويضيف صاحب مذهب الكمال المثالي إلى ذلك حجة أخرى؛ إذ إنه يؤكد أهمية تنمية كل ما هو أعلى في الإنسان. ففي استطاعة من يؤمن بهذا المذهب، عن طريق تأكيده لهذا السلم المتدرج للقيم، أن يقول إن الواجب يحتم علينا وضع بعض قدراتنا الكامنة في مركز ثانوي إذا شئنا تحقيق ذات أو شخصية متكاملة، ولما كان الإنسان كائنا اجتماعيا، فلا بد أن تكون القدرات المضادة للمجتمع هي التي توضع في مركز ثانوي.
ومن الواضح أننا لا نستطيع السير في المناقشة أبعد من ذلك كثيرا دون أن نضطر إلى خوض ذلك المجال الذي ربما كان أعوص مجالات الفلسفة؛ وأعني به مشكلة «الذات». ومع ذلك فقد يكون في استطاعتنا، إذا سرنا بحذر، أن نكتفي بالمرور عند طرف هذه المشكلة، ونختم مناقشتنا لتحقيق الذات بعرض موجز لآراء عظم أنصارها، وهو أرسطو. (8) الأخلاق عند أرسطو
الحق أن العودة إلى التفكير الأخلاقي لأرسطو هي على الدوام تجربة تريح الذهن وتجدد نشاطه. فعلى الرغم من أن آراءه لم تكن بمنأى عن الهجوم، كما أن انتشار الديمقراطية أدى إلى ظهور بعضها بمظهر الترفع الكاذب، فإن تفكيره الأخلاقي يتسم بوضوح واتزان وجاذبية للعقل العادي (والأخيرة أهم هذه الصفات جميعا) تجعل هذا التفكير متعة في ذاته، مهما يكن عدد المرات التي نرجع فيها إليه. فكتابه الأخلاق إلى نيقوماخوس ليس فقط واحدا من أعظم المصادر في هذا الميدان، بل إنه أيضا واحد من المنابع التي لا تنضب لتجديد الفكر الفلسفي.
ولقد كان أرسطو يرى، على خلاف سلفه المباشر، أفلاطون، وأغلب المفكرين الأخلاقيين الذين ساروا في خطاه، أن المجال الواقعي الوحيد هو العالم الطبيعي المنظور. فالواقع والمثل الأعلى، والطبيعي والروحي، هما حقيقة واحدة لا تنفصم. مثل هذا الرفض للثنائية يعني أن الحياة الخيرة ينبغي أن توصف على أساس عالمنا هذا، دون أية إشارة إلى المجال العلوي أو المجال فوق الطبيعي. وقد عبر كاتب عن هذه الفكرة في الآونة الأخيرة بقوله إن الفكرة الأخلاقية، عند أرسطو «توجد في تركيب الطبيعة البشرية ذاتها»
12
وعلى ذلك فلا بد لكشف طبيعة الحياة الخيرة أو صورة الخير الأسمى من دراسة طبيعة الإنسان. فلكي نهتدي إلى «الخير» ينبغي أن نهتدي إلى إجابة عن سؤال أولي عظيم الأهمية، هو: بم يكون الإنسان إنسانا؟
بم يكون الإنسان إنسانا؟
يجيب أرسطو عن هذا السؤال بقوله إن الإنسان يكون إنسانا بأدائه لوظائف معينة. بعض هذه الوظائف نشترك في أدائه مع كل الكائنات الحية، وبعضها نشترك فيه مع الحيوانات وحدها، وبعضها الأخير ينفرد به نوعنا. وهكذا فإننا نشارك كل الأشياء الحية الوظائف «الغذائية» البحتة، كالتمثيل الغذائي، ونشارك الحيوانات عمليات الإحساس والحركة. غير أن قدرتنا على التفكير العقلي فريدة، وممارسة هذه الوظيفة هي التي تحدد بوضوح كامل معنى كون الإنسان إنسانا.
على أن هذه القدرة العقلية التي يختص بها الإنسان تمارس لدى مختلف الأفراد على أنحاء شتى؛ ذلك لأن الناس ينشدون أمورا متعددة، ولا شيء يتميز به نوعنا أكثر من تعدد الاهتمامات التي يتجه إليها الناس وتنوع الغابات التي يستهدفونها. وعند هذه النقطة يقدم أرسطو بعضا من أمثلته الشهيرة التي يقبلها العقل العادي بسهولة: فصانع اللجام يسعى إلى أن يصنع لجامات جيدة، والجندي يسعى إلى النصر أو إلى المهارة في التدريبات العسكرية، والمشتغلون بالأعمال الطبية ينشدون الصحة، وهكذا دواليك. ولكن كل أنواع النشاط هذه ليست في آخر الأمر إلا وسائل لغايات، وهكذا نعود مرة أخرى إلى النظر إلى ضروب النشاط البشري على أنها تكون سلسلة متدرجة من مظاهر «الخير» أو «القيم» وهذا ينطوي ضمنا على القول بغاية نهائية تكون متأصلة بحق، هي الخير الأسمى، أو كما يعبر عنها أرسطو «الخير الذي تستهدفه الأشياء جميعا». وهذا الخير الأسمى هو ما يطلق عليه أرسطو اسم
Eudaemonia
अज्ञात पृष्ठ