जर्मन दर्शन: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
الفلسفة الألمانية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
يسعى كل من هامان وهيردر إلى الإجابة عن سؤال: لماذا نحتاج العقل لفهم اللغة، بل ونحتاج أيضا اللغة لنعقل؟ بيد أن أحدا منهما لم يوفق في الحقيقة للإجابة عن السؤال بطريقة مقنعة. ويحاول هامان استخدام علم اللاهوت كمخرج من المشكلة الفلسفية، عن طريق رؤية الخلق نفسه كلغة تخلق فيها كلمة الإله الشيء الذي تعينه، وهو بذلك يسير وفق موروث القبالا اليهودية. ويستمد شكه في التجريد من فكرته التي مفادها أن اللغة تنشأ من اتصالنا العملي والحسي بالعالم؛ وهو من ثم يرفض قبول الرياضيات كأساس للعقل، ويرى بدلا من ذلك أن «الأساس والمعيار الأول والأخير الوحيد للعقل» هو اللغة التي لا تستند لشيء سوى العرف والاستخدام، ولا يمكن النظر إليها من حيث «الموثوقية العامة والضرورية».
وسيكون هذا الموقف حيويا في ظهور المفهوم الحديث لل «هرمنيوطيقا»؛ أي فن أو علم التأويل. فالهرمنيوطيقا مهمة بالنسبة لتساؤل الفلسفة الألمانية عن الاعتبارات العلمية للغة، ولنقدها لمذهب «العلموية»؛ أي الاعتقاد بأن الحقائق السائغة الوحيدة هي الحقائق العلمية. وبالنسبة للهرمنيوطيقا، لا يمكن أن تنشأ الأسئلة العلمية على الإطلاق ما لم نفهم بالفعل العالم من خلال استخدامنا العملي للغات الطبيعية. ولا يمكن تفسير المدركات القبلية السابقة المتضمنة في هذا الرأي بوصف علمي؛ لأن قابلية فهم هذا الوصف ستعتمد في حد ذاتها عليها. وثمة فكرة حاسمة لو صحت سيكون لها توابع مدمرة للمفاهيم العلمية، وهي أن الفهم لا يمكن اختزاله في التفسير؛ لأن التفسير دوما يفترض شكلا ما من الفهم المسبق.
غالبا ما لا يشارك هيردر الاهتمامات اللاهوتية لهامان، لكنه مهتم بالدرجة نفسها بتنوع اللغات البشرية. وعدم تأييده لفكرة أن اللغة ما هي إلا تمثيل للأشياء واضح تماما، «ليس السؤال كيف يمكن اشتقاق تعبير أتيمولوجيا وتحديده تحليليا، بل كيف يستخدم؟ فالأصل والاستخدام في الغالب مختلفان جدا.» وفي مقاله المهم «مقال في أصل اللغة» عام 1772، لم يستطع هيردر أن يعطي إجابة مقنعة عن كيفية وصولنا إلى لغة دون عقل وإلى عقل دون لغة، لكنه اقترح جانبا رئيسيا للطريقة التي يمكننا بها تمييز اللغوي عن اللالغوي. وفكرة هيردر أننا لدينا القدرة على صفاء الذهن
Besonnenheit ، الأمر الذي يمكن المرء من انتقاء خصائص الأشياء في العالم، مثل ثغاء الشاة، ويستطيع المرء استخدام عدد غير محدد من الألفاظ الأخرى لتمييز الشاة؛ ومن ثم تظل الخاصية الرئيسية للغة هي على وجه الدقة قدرتها الأبدية على تمكين تلك التمييزات. فاللغة تجعلنا قادرين على فهم أن الشاة من الثدييات، وأنها غذاء، وأنها رمز للمسيح، وأنها ما ينتج أصواتا معينة بالريف ... وهكذا. إن رؤيتي هيردر وهامان «كليتان»: فالعالم بالنسبة لهما لا يتألف من مجموعة موضوعات معينة يمكن تسميتها، وإنما تتحدد ماهية الأشياء من خلال الطرق التي تجسد بها اللغة وغيرها من أوجه النشاط البشري الأشياء الأخرى. فما ترى عليه الشاة يعتمد على مكانها في عالم من الدلالات التي تظهر من خلال ممارسات ثقافة معينة؛ ومن ثم يصبح العالم شبكة من الدلالات التي تتغير خصائصها بتغير علاقات الإنسان بالعالم.
شلايرماخر
إن التأملات الرائدة لهيردر عن اللغة مبعثرة في كتبه، وغير متسقة على نحو ملحوظ، وفريدريش دانيال أرنست شلايرماخر (1768-1834) هو من سيطور الأفكار التي تم استعراضها هنا إلى مفهوم أكثر تنظيما وتماسكا. فكثير من آراء شلايرماخر قد بدأت تعاود الظهور في ضوء إخفاق بعض المناهج التحليلية في إيلاء ما يكفي من الاهتمام للطبيعة الكلية للغة. وعادة ما يقدم شلايرماخر على أنه منظر التفسير «التقمصي»، الذي «يتحسس المرء فيه طريقه» إلى عقل المؤلف. وهذه النظرة خاطئة تماما؛ فبدلا من ذلك، تعرض هرمنيوطيقيته ونصوص أخرى وصفا متطورا للغة يعتمد على شكل من الأفكار الفلسفية من النوع الذي سنقابله في الفصل الثالث (وهو لا يستخدم الكلمة الألمانية لل «تقمص»). ويتصدى شلايرماخر للصراع بين نظرة أن المعنى واللغة تتحكم فيهما نوايا الذات، ونظرة أن اللغة موجودة قبل الذات في شكل تراكيب وقواعد مشتركة.
يشتهر شلايرماخر بأنه اللاهوتي الذي لعب دورا حاسما في تطور البروتستانتية الحديثة، وأوضح لاهوته السبب في أن اللغة أصبحت محورية جدا لتفكيره. وما أوضحه كانط عن كون البراهين الرئيسية لوجود الإله غير صحيحة، كان يعني أنه على علم اللاهوت أن يعيد بناء نفسه على نحو لا يعتمد على البرهان الفلسفي. أما شلايرماخر، فيؤسس لاهوته على ما يسميه «شعورا بالافتقار المطلق » للذات؛ فهو يرى الذات - على نهج كانط - قابلة وتلقائية، لكن بالنسبة له لا يوجد فارق أساسي بين القابلية والتلقائية، فكلتاهما تشمل الذات والعالم بدرجات مختلفة. وبالنسبة لشلايرماخر، فإن الحقيقة المحضة في كوننا نفهم العالم ونفسره بطريقة فاعلة على أية حال يتعذر تفسيرها بمصطلحات فلسفية. ورغم أننا يمكننا توجيه فاعليتنا العقلية والفلسفية، فإننا لسنا مصدر كوننا فاعلين، فهذا ممنوح كجزء من طبيعتنا، وعلينا أن نستجيب لهذا الافتقار بطرق غير معرفية؛ لأن معرفتنا تعتمد على هذه الفاعلية أيضا، والشعور بأن فاعليتنا ترتبط بفاعلية سائر الكون الحي هي ما يقود إلى الدين. فالشعور بالإله إذن قائم على هذا الشعور بالارتباط بكل أكبر ليس في نطاق قدرتنا.
تنطوي اللغة أيضا على القابلية والتلقائية، وهي تستلزم نوعا آخر من اعتماد الذات على شيء لا تنشئه. وتنطوي الطبيعة الاجتماعية المتأصلة للغة على شعور باعتماد الذات على «الآخر»، بل أيضا شعور بالترابط البشري الذي يأخذ الذات إلى ما وراء نفسها. إن تركيز شلايرماخر على اللغة يقوده في نصوصه عن الهرمينوطيقا من عام 1805 فصاعدا إلى تأملات مؤثرة في مشكلات التأويل. وهو يؤسس هذه التأملات على الصراع بين اللغة كشيء سابق الوجود في المجتمع، وكشيء يمكن للذوات الفردية استخدامه للتعبير عن فرديتها؛ والهدف هو فهم العلاقة بين هذين الجانبين في النص أو القول المراد تأويله. ولا يمكن أبدا تحقيق هذه المهمة بطريقة حاسمة؛ لأن المرء لا يمكنه أبدا الوصول إلى جميع سياقات القول، ولا كل الدوافع له. ومن ثم، يوضح شلايرماخر أن التأويل محدود بالضرورة، وهو ممارسة لا يمكن أن تكون لها قواعد حاسمة.
ويقوده هذا الموقف إلى أفكار متبصرة تشير إلى السبب في أن مناهج اللغة التي كانت الأساس المبدئي للفلسفة التحليلية كانت مخطئة (انظر الفصل السابع). فقد فرق كانط بين الأحكام «التحليلية» التي هي صحيحة بفضل معاني الكلمات فيها، مثل: «الأعزب هو رجل غير متزوج»، والأحكام «التركيبية» التي تتطلب معرفة بالعالم مثل: «فريد سميث أعزب.» وعلى أساس هذه التفرقة، حاول فلاسفة مثل جوتلوب فريجه وبرتراند راسل في مطلع القرن العشرين وضع أسس منطقية لفهم اللغة تكون مستقلة عن الحقائق الممكنة عن العالم المستمدة من التجربة. وكرس كثير من الجهد الذي تلا ذلك لمحاولة إنجاح هذا المشروع؛ ففي خمسينيات القرن العشرين، رأى الفيلسوف الأمريكي «دبليو في أوه كواين» أن هذه التفرقة لا يمكن الدفاع عنها؛ لأن فهمنا لأية عبارة يمكن تعديله في ضوء عبارات صحيحة أخرى، حيث لا توجد كلمات يمكن أن يقال إنها مترادفة تماما. وهذه الرؤية تعكس الشمولية التي رأيناها لدى هيردر وهامان، وفي حال قبولها فإنها تؤذن بنهاية مشروع الفلسفة القائمة على تحليل التصورات التأسيسية. والحقيقة المثيرة للاهتمام أن شلايرماخر قد أوضح هذه الفكرة جيدا حتى قبل أن توجد «الفلسفة التحليلية»؛ ففي كتابه «الجدل» الذي نشر بعد وفاته يقول:
إن الفارق بين الأحكام التحليلية والتركيبية مائع لا نتحصل منه على قيمة ... وهذا الفارق ... يعبر فقط عن حالة مختلفة من صياغة المفاهيم.
अज्ञात पृष्ठ