مناسبة، والحكم ثابت على وفقها، نحو قولهم الفاعل للفعل الواحد لا يكون إلا واحدا، والمفعولات قد تكثر وتتعدد، والفعل واحد ويتعدى مع ذلك إلى أشياء، كالمفعولات في المعنى نحو الحال والظرف والمصدر، فكان الفاعل أخف لقلته فأعطي الرفع وهو أثقل الحركات تعديلا بين الثقيل والخفيف. ونحو قولهم لما كان الفعل والفاعل جملة مفيدة كالمبتدأ والخبر أُعطي الفاعل إعراب المبتدأ وهو الرفع للمشابهة بينهما من الجهة المذكورة، وغير ذلك من الوجوه التي قد ذكرناها في كتاب "العبقري الحسان" وذكرها غيرنا، فصار ذلك كتعليل سقوط قضاء الصلاة عن الحائض بالمشقة، فإنه مناسب، وقد ثبت الحكم على وقته في سقوط قضاء الركعتين المنقطعتين من صلاة الظهر في السفر، فهذا تعليل متفق بين القايسين على صحته. ولم يكن لقائل أن يقول من أين علمتم أن الحكمة التي دعت إلى إسقاط قضاء الصلاة عن الحائض هي المشقة؛ لأن الشارع لم يذكر ذلك، وإنما حكم بسقوط القضاء فقط ولم يذكر العلة.
٤٨- قال المصنف: فأما نثر المنظوم فينبغي أن يكون كذا وكذا، ثم ذكر له شروطا، وضرب من كلامه أمثلة أكثرها جيد، وفيها ما ليس بجيد مثل قوله: "فسرنا في غمامة من الكتائب، تظلها غمامة من الطيور الأشائب، فهذه يضمها بحر من حديد، وهذه يضمها بر من صعيد"١ وذلك لأن الصعيد وجه الأرض، والطيور التي تظل الجيس إنما يضمها بحر من الجو والهواء لا من الأرض. ومثل قوله في ذكر الصليب: "ولم يعلموا أن الله كتب عليه الهوان