ألم ينظر إلى هذين القسمين اللذين هما العنب الخمر، والرطب والتمر، ويعلم أنهما شيء واحد، لا فرق بينهما؟ ١.
أقول: بل بينهما فرق ظاهر لو أمعنت النظر؛ لأن العنب إذا صار خمرا فقد استحال من صورة إلى صورة مباينة للأولى في جميع أحوالها، إلا فيما لا بد من الاشتراك فيه كالجسمية ونحوها، فهو كالماء يستحيل هواء، والهواء يستحيل نارا، والرطب إذا صار تمرا لم يستحل إلى صورة أخرى بل هو ذلك الجسم بعينه، إلا أنه يبس وجف بعد أن كان رطبا، كاللحم الغريض يصير قديدا، والتين الرطب يصير يابسا، فإنما تغير عنه عرض واحد، وهو الرطوبة التي تبدلت باليبوسة لا غير. فبين الأمرين فرق واضح، وبحسب ذلك الفرق جعل أحد القسمين غير الثاني.
فأما قوله: وهما داخلان في القسم الأول أيضا: فإنه ليس بداخل في القسم الأول، لأن معتمد القسم الأول المشابهة في الوصف الأخص، ولا مشابهة بين الإنسان والنطفة.
٦٩- قال المصنف: والقسم الخامس تسميته بما يدعو إليه، كتسميتهم الاعتقاد قولا، نحو قولهم هذا يقول بقول الشافعي، أي يعتقد اعتقاده.
قال: وهذا القسم يدخل في القسم الأول أيضا، لأن بين الاعتقاد والقول مناسبة كالمناسبة بين السبب والمسبب، والباطن والظاهر٢.
١ المثل السائر: ٢/ ٨٩.
٢ المثل السائر: ٢/ ٩٠.