وفي الفصل الثاني يظهر لنا «أوزير» نفسه في قاربه المقدس، فينزل فيه بعض الحجاج، ومنهم «أخرنوفرت» كما يقص ذلك علينا في نقوش لوحته التذكارية بزهو وافتخار. وكان «أخرنوفرت» هذا يساعد «أوزير» في صيد الأعداء الذين يعترضون مسير القارب. ولا شك أنه كانت تحدث من الجمهور إذ ذاك معركة عامة كالتي شاهدها «هردوت» في «بابريميس»، بعد ذلك بألف وخمسمائة سنة، فكان بعضهم يقوم بحماية الإله في القارب، بينما يمثل الآخرون دور أعدائه المزدحمين في خارج القارب، وقد يعودون برأس أحدهم مهشما، في زهو من أجل ذلك الاحتفال. ويلاحظ هنا أن «أخرنوفرت» - مثل «هردوت» - قد مر على موضوع موت الإله مر الكرام دون أن يذكر شيئا عن ذلك، وقد كان ذلك في نظره موضوعا مقدسا لا يصح وصفه، وذكر لنا فقط أنه قام بتنظيم «الموكب العظيم» للإله - وهو احتفال مظفر نوعا ما - عندما لاقى الإله حتفه، وهذا هو موضوع الفصل الثالث.
وفي الفصل الرابع يخرج «تحوت» رب الحكمة، ولا شك أنه يجد الجثة، وإن كان ذلك لم يرد له ذكر.
ويتألف الفصل الخامس من الاحتفالات المقدسة التي يجهز الإله بوساطتها للدفن.
في حين أن الفصل السادس يشاهد الجمهور يسير في زحام عظيم إلى المقام المقدس بالصحراء الواقعة خلف «العرابة المدفونة»، حيث يضعون جثمان ذلك الإله الرحل في قبره.
وأما الفصل السابع فلا بد أنه كان مشهدا رائعا، فعلى شاطئ (أو ماء) «نديت» القريبة من العرابة المدفونة يهزم أعداء «أوزير» - ومن بينهم طبعا الإله «ست» وأتباعه - في موقعة عظيمة على يد «حور» بن «أوزير»، ولم يذكر لنا «أخرنوفرت» شيئا عن بعث الإله وقيامه ثانية من بين الأموات.
ولكن في الفصل الثامن، وهو الأخير، نشاهد «أوزير» وقد عاد إلى الحياة يدخل معبد «العرابة المدفونة» في موكب مظفر.
فيتضح إذن من كل ما ذكر أن المسرحية المذكورة قد مثلت أهم الحوادث الواردة في أسطورة «أوزير».
وقد كان لمثل ذلك العيد الشعبي الكبير مكانة عظيمة في قلوب القوم؛ إذ نشاهد مرارا وتكرارا في الألواح المنصوبة تضرع الحجاج بالصلاة للإله العظيم لينالوا بعد الموت حظوة الاشتراك في هذا الاحتفال العظيم، وذلك يماثل بالضبط ما رتبه «حبزافي» لنفسه ليشاطر بنصيبه فيما بعد الموت في الاحتفالات بالأعياد الأسيوطية.
وقد كان لصياغة حوادث أسطورة «أوزير» في شكل مسرحي على الوجه المتقدم أثر قوي في أنفس عامة الشعب، واستولت مسرحية آلام «أوزير» هذه في أي شكل من أشكالها على خيال عدة مجتمعات مصرية، وكما أن «هردوت» قد وجدها فيما بعد في «بابريميس»، كذلك ظلت تنتشر من بلدة إلى أخرى حتى حازت المكانة الأولى في تقويم الأعياد السنوية، وبذلك نال «أوزير» مكانة سامية في حياة عامة الشعب وآمالهم لم ينلها أي إله آخر. وقد كان مصير «أوزير» الملكي وانتصاره على الموت كما صور بتلك الصورة المسرحية الناطقة، سببا في انتشار الاعتقاد بين الشعب بأن ذلك المصير، الذي كان في وقت ما وقفا على الملك فقط، قد صار من نصيب كل إنسان، ولم يكن يلزم لأي شخص يرجو مثل ذلك المصير إلا أن يحصل - كما ذكرنا من قبل - على نفس العوامل السحرية التي استعملتها «إزيس» لإرجاع الحياة إلى زوجها الميت الذي هو «أوزير» المقتول ذبحا، وتلك العوامل تجلب لكل إنسان ذلك المصير المبارك الذي ناله ذلك الإله الراحل.
وقد كان حدوث مثل ذلك التطور في العقيدة المأتمية الشعبية على الوجه الذي شاهدناه مدعاة لازدياد ثقة الناس باطراد في كفاية السحر وقوة تأثيره ونفعه في الحياة الآخرة.
अज्ञात पृष्ठ