الفجالة قديما وحديثا في مجتمع الإصلاح القبطي
الفجالة قديما
بين القديم والحديث في أيام الفرنسويين
الفجالة حديثا
خاتمة ورجاء
الفجالة قديما وحديثا في مجتمع الإصلاح القبطي
الفجالة قديما
بين القديم والحديث في أيام الفرنسويين
الفجالة حديثا
خاتمة ورجاء
अज्ञात पृष्ठ
الفجالة قديما وحديثا
الفجالة قديما وحديثا
تأليف
توفيق حبيب
من شرف الديار
صيانة الآثار
ومن وفاء الخلف
رعي بقايا السلف
خليل مطران
الفجالة قديما وحديثا في مجتمع الإصلاح القبطي
अज्ञात पृष्ठ
دعاني «مجتمع الإصلاح القبطي» لإلقاء محاضرة في قاعة نادي اتحاد الشبان المسيحيين - الواقع خلف قسم بوليس الأزبكية - يوم 5 نوفمبر سنة 1918، فلبيت الدعوة، وجهزت على عجل مسامرة تاريخية وصفية في الفجالة القديمة والحديثة، وما كان يحيط بها من قرى وبساتين، وكان الحاضرون نخبة من الأدباء والمحامين وطلبة المدارس، فراقهم البحث، وسألني كثير منهم أن أطبعه، فبذلت جهدي في تنسيقه، وشرح بعض غوامضه، ونشرته في هذه الكراسة تقدمة للباحثين في تاريخ القاهرة وخططها وآثارها.
الفجالة قديما
(1) البحر من كل جهة
لو أننا عدنا إلى أربعة آلاف سنة مضت أو ما قبلها، وأردنا الجلوس في هذا المكان، لما وجدنا أرضا نفترشها، بل كان لا بد لنا من سفينة مصرية تقف وسط النيل، الذي كان في ذاك الحين، وإلى قرون طويلة يغمر النصف الغربي من مدينة القاهرة الحاضرة، على ما هو ظاهر في خريطة للبحاثة المستشرق إدوارد ويليم لين صدر بها كتابه «مصر منذ 50 عاما» الذي طبعه ستانلي لين بول.
ففي هاتيك الأيام، إذا وقف هنا شخص متجها إلى الشمال، رأى أمامه مدينة عين شمس، فإذا التفت إلى الجنوب الغربي رأى مدينة منفيس، وإلى المدينتين كان يأتي الطلبة من الشرق والغرب ليتلقوا علوم المصريين، فإذا عاد الواقف إلى اتجاهه الأول، رأى جبل المقطم على يمينه، وقرى القليوبية على يساره. (2) قرية أم دنين
ثم أخذ الماء ينحسر شيئا فشيئا، حتى صار شاطئ النيل حيث يمر الآن ترام المترو، أو شريط سكة الحديد، وكانت في مكان جامع أولاد عنان وميدان باب الحديد، قرية تعرف بأم دنين.
قال ياقوت في معجم البلدان: «أم دنين، بضم الدال وفتح النون وياء ساكنة ونون، موضع بمصر، ذكره في أخبار الفتوح. قيل: هي قرية كانت بين القاهرة والنيل، اختلطت بمنازل ربض مصر.»
وقال في مكان آخر: «وكان في أم دنين حصن ومدينة قبل بناء الفسطاط.» (3) فتوح مصر
وكانت أم دنين مركز أول موقعة جرت في مصر بين المسلمين والروم، وكان معظم الجيوش الرومانية حينذاك ممتنعة في حصن بابيلون، ولكن الحامية المرابطة في أم دنين عاقت عمرا عن التقدم بضعة أسابيع، حدثت فيها مناوشات عديدة، انتهت باستيلاء عمرو عليها.
ولما رأى عمرو أن ما معه من المقاتلة لا يكفي لفتح حصن بابيلون، أراد أن يشغل جيشه بعمل ريثما يأتيه المدد؛ فخرج في غارة إلى الفيوم، وعبر النيل في قوارب، وسار بطريق منف إلى الفيوم، فلم يفلح في الاستيلاء عليها، إلا أن هذه الخرجة انتهت بما قصد إليه؛ فإنه عندما عاد إلى عين شمس في صيف سنة 640م لحق به المدد الذي بعثه أمير المؤمنين، وفي مقدمته الزبير بن العوام، وعدتهم 12000 مقاتل.
अज्ञात पृष्ठ
وانتهز الروم فرصة تغيب عمرو بالفيوم، فاستولوا ثانية على «أم دنين»، ثم أعد تيودور قائدهم نحو 20 ألف مقاتل، وأراد مناجزة العرب، فزحف إلى عين شمس قاعدة الجيش العربي، فوضع عمرو كمينا من جيشه في موضع خفي بالقرب من الجبل الأحمر - شرقي العباسية - وآخر قريبا من أم دنين، ولاقى تيودور بالفريق الأكبر من الجيش، فلما حمي وطيس الحرب ثار الكمينان على جناحي الجيش الروماني، وسحقوهما سحقا، واستولى عمرو على مقدمة الخط الأول من خطوط الدفاع عن عاصمة الديار المصرية، وتقدم إلى الجنوب لمحاصرة حصن بابيلون (تاريخ مصر إلى الفتح العثماني، تأليف عمر الإسكندري والمستر سفدج، المطبوع بمطبعة المعارف بالفجالة، طبعة ثانية، ص190 و191). (4) المقس أو المكس
ثم أطلق على قرية أم دنين اسم المقس أو المكس.
قال العماد الأصفهاني: «من الناس من يسميه المقسم؛ قيل لأن قسمة الغنائم عند الفتوح كانت به.»
وقال القاضي أبو عبد الله القضاعي: «المكس كانت ضيعة تعرف بأم دنين، وإنما سميت المقس؛ لأن العاشر كان يقعد بها، وصاحب المكس. وقيل المكس فقلب فقيل المقس. وأصل المكس في اللغة الجباية.»
وقال ابن سيده في كتاب المحكم: «المكس الجباية، مكسه يمكسه مكسا. والمكس دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في أسواق الجاهلية.»
وكان أهل الورع من السلف يكرهون هذا العمل.
وروى ابن قتيبة في كتاب الغريب أن النبي
صلى الله عليه وسلم
قال: «لعن الله سهيلا كان عشارا باليمن، فمسخه الله شهابا.» (5) البستان الكافوري
وكان الأمير أبو بكر محمد بن طفج بن جف الإخشيد
अज्ञात पृष्ठ
1
أول من عمر أرض الفجالة، فأنشأ فيها بستانا عريض الضواحي، وجعل له أبو ابا من حديد، وكان ينزل به ويقيم فيه الأيام، واهتم بشأنه، من بعد الإخشيد، ابناه الأميران أبو القاسم أنوجور وأبو الحسن علي في أيام إمارتهما بعد أبي هما، فلما استبد من بعدهما الأستاذ أبو المسك كافور الإخشيدي، كان كثيرا ما يتنزه في هذا البستان، ويواصل الركوب إلى الميدان الذي كان فيه، ثم صار منتزها للخلفاء الفاطميين مدة أيامهم، وما زال عامرا، حتى زالت دولة الفواطم فحكر، وبني فيه سنة 1253م.
وقال ابن عبد الظاهر في وصف هذا البستان: «ولم يزل إلى سنة إحدى وخمسين وستمائة، فاختطت البحرية والعزيزية به اصطبلات، وأزيلت أشجاره، ولعمري إن خرابه كان بحق، فإنه كان قد عرف بالحشيشة التي يتناولها الفقراء، والتي تطلع به.» (6) الفجالة في أيام الفاطميين
وفي أيام الفاطميين بلغ أول عمران القاهرة مدينة المطرية، وآخره دير الطين - بين مصر القديمة وحلون - فلا يزال السائر بين قصور عامرة، وجنات زاهرة، والنيل عن يمينه، والجبل عن شماله مطلا كالمتفرج على جمال تلك المناظر الشائقة، وكانت بقعة الفجالة الحاضرة درة عقد هذه المدينة الرائعة الجمال بما فيها من بساتين الخلفاء، وما على جانبيها من مياه النيل، وأرض البعل. (7) أرض البعل
قال ابن سيده، صاحب المخصص: «البعل، الأرض المرتفعة التي لا يصيبها المطر إلا مرة واحدة في السنة. وقيل: البعل، كل شجر أو زرع لا يسقى. وقيل: البعل، ما سقته السماء. وقد استبعل الموضع. والبعل من النخل، ما شرب بعروقه من غير سقي ولا ماء سماء.»
ووصف العلامة المقريزي أرض البعل، فقال: «... وأرض البعل هذه بجانب الخليج تتصل بأرض الطبالة، كانت بستانا يعرف بالبعل، وفيه منظرة أنشأها الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي، وجعل على هذا البستان سورا، وإلى جانب بستان البعل هذا بستان التاج، وبستان الخمسة وجوه.
وفي أيام النيل ينبت فيها نبات يعرف بالبشنين له ساق طويل، وزهره شبه اللينوفر، وإذا أشرقت الشمس انفتح، فصار منظرا أنيقا، وإذا غربت الشمس انضم. ويذكر أن من العصافير نوعا صغيرا يجلس العصفور منه في داخل البشنينة، فإذا أقبل الليل انضمت عليه، وغطست في الماء، فبات في جوفها آمنا إلى أن تشرق الشمس، فتصعد البشنينة، وتنفتح فيطير العصفور.» (8) مناظر الفاطميين في الفجالة
واتخذ الخلفاء الفاطميون الفجالة مقرا للهو والانبساط، فبنوا فيها المناظر، وغرسوا البساتين.
ومن أهم مناظرهم «منظرة اللؤلؤة»، التي بناها العزيز بالله، ثاني الخلفاء الفاطميين (تولى 975م، وتوفي 996م)، وكانت هذه المنظرة قصرا من أحسن القصور وأعظمها زخرفا، وكان يشرف من شرقيه على البستان الكافوري، ويطل من غربيه على الخليج؛ حيث كانت البساتين، وبركة بطن البقرة، فيرى الجالس في قصر اللؤلؤة جميع أرض الطبالة (الفجالة الحاضرة، وجزء من الظاهر)، وسائر أرض اللوق (بين الأزبكية وعابدين)، وما هو من قبليها، ويرى بحر النيل من وراء البساتين.
وسكن اللؤلؤة من وزراء الفاطميين برجوان، الذي تولى الأمر في أيام الحاكم بالله بعد أمين الدولة ابن عمار الكتامي.
अज्ञात पृष्ठ
وروى المقريزي أنه لما تولى الحاكم بأمر الله - ثالث الخلفاء الفاطميين من سنة 996 إلى سنة 1021م - أمر بهدم اللؤلؤة فهدمت، وأباح أنقاضها فنهبت كلها، ثم قبض على كل من وجد عنده شيء من ذلك.
قال: «ثم جدد الظاهر لإعزاز دين الله ابن الحاكم منظرة اللؤلؤة، وفيها توفي الآمر بأحكام الله والحافظ لدين الله والفائز، وحملوا إلى القصر الكبير الشرقي من السراديب.»
ويؤخذ مما رواه أبو المحاسن بن تغري بردي أن عبيد الآمر بأحكام الله قتلوه على مقربة من حلوان، ثم حملوه في عشارى إلى قصر اللؤلؤة، وكان ذلك في أيام النيل، ففاضت نفسه قبل وصوله إلى اللؤلؤة.
وبعد انقراض الفاطميين أسكن صلاح الدين الأيوبي أباه نجم الدين أيوب قصر اللؤلؤة.
وكان من جملة مناظرهم «منظرة المقس»، وكانت معدة لنزول الخليفة بها عند تجهيز الأسطول.
ومنها «منظرة التاج»، وكانت واقعة في بستان التاج، وكان للفاطميين فيها أوقات عميمة المبرات جليلة الخيرات.
ومنها «منظرة الغزالة»، وكانت بجوار منظرة اللؤلؤة. (9) دار الصناعة في المقس
ولم يكن الفاطميون يقصدون الفجالة للنزهة والرياضة فقط، بل كانوا يأتونها لعرض الأسطول، وخروجه من دار الصناعة التي في المقس، فيحضر رؤساء المراكب بالشواني، وهي مزينة بأنواع العدد والسلاح، ويلعبون فيها بالنيل، ويجرون المناورات.
قال العلامة المقريزي: «وقويت العناية بالأسطول في مصر منذ قدم المعز لدين الله، وأنشأ المراكب الحربية، واقتدى به بنوه، وكان لهم الاهتمام بأمور الجهاد، واعتناء بالأسطول، وواصلوا إنشاء المراكب بمدينة مصر وإسكندرية ودمياط من الشواني الحربية والشلنديات والمسطحات، وتسييرها إلى بلاد الساحل مثل صور وعكا وعسقلان، وكانت جريدة قواد الأسطول في آخر أمرهم تزيد علي خمسة آلاف مدونة، منهم عشرة أعيان يقال لهم القواد.»
وقال ابن أبي طي في تاريخه عند ذكر وفاة المعز لدين الله إنه أنشأ دار الصناعة التي بالمقس، وأنشأ بها ستمائة مركب لم ير مثلها في البحر على ميناء.
अज्ञात पृष्ठ
ولم تكن دار الصناعة قاصرة على أعمال الأسطول، بل كانت تجهز فيها أيضا السفن التجارية التي تحمل الأقوات بطريق النيل. (10) شيء عن السفن
ووصف الرحالة المؤرخ عبد اللطيف البغدادي ضربا من السفن المصرية، فقال: «... وأما سفنهم فكثيرة الأصناف والأشكال، وأغرب ما رأيت فيها مركب يسمونه العشيري، شكله شكل شباره (؟) داخلة، إلا أنه أوسع منها بكثير، وأطول، وأحسن هنداما وشكلا، قد سطح بألواح خشب ثخينة محكمة، وأخرج منها أفاريز كالرواشن نحو ذراعين، وبني فوق هذا السطح بيت من خشب، وعقد عليه قبة، وفتح له طاقات وراوازن بأبواب إلى البحر من سائر جهاته، ثم تعمل في هذا البيت خزانة مفردة، ومرحاض، ثم يزوق بأصناف الأصباغ، ويدهن بأحسن دهان، وهذا يتخذ للملوك والرؤساء بحيث يكون الرئيس جالسا في وسادته، وخواصه حوله، والغلمان والمماليك قيام بالمناطق والسيوف على تلك الرواشن، وأطعمتهم وحوايجهم في قعر المركب، والملاحون تحت السطح أيضا، وفي باقي المركب يقذفونه به، لا يعلمون شيئا من أحوال الركاب، ولا الركاب يشتغل خواطرهم بهم، بل كل فريق بمعزل عن الآخر، ومشغول بما هو بصدده.» (11) سراديب مناظر الفجالة
وكان الفاطميون يأتون من القصرين - بجوار الأزهر حيث سوق الصياغ الآن - إلى مناظر الفجالة في سراديب بنوها تحت الأرض، حتى لا يراهم أحد في طريقهم.
قال العلامة القلقشندي - صاحب صبح الأعشى - نقلا عن ابن الطوير، الذي كان معاصرا للخلفاء الفاطميين تحت عنوان «هيئة الخليفة في قصوره»: «ولا يقتصر في القصر على ركوب الخيل، بل يركب البغال والحمير الإناث لما تدعوه الضرورة إليه من الجولان في السراديب القصيرة، والطلوع على الزلاقات إلى أعلى المناظر والمساكن، وله - للخليفة - في الليل نسوة برسم شد ما يحتاج إليه ركوبه من البغال والحمير.»
وقال الباحث الفاضل علي بك بهجت أمين دار الآثار العربية في حواشيه لكتاب «قانون ديوان الرسائل»: «... كان الخلفاء «الفواطم» متى أحبوا الخروج من قصورهم للتنزه إما في البساتين المجاورة للقاهرة، أو للتفرج على الخليج مدة زيادة النيل، أو الذهاب للجامع الأزهر في ليالي الوقود؛ يسلكون إليها في سراديب مبنية تحت الأرض، راكبين حميرا قصيرة يشدها لهم النساء. وقد عثر منذ سنتين بعض سكان حارة بين السيارج، بينما كان يحفر بئرا في منزله، على سرداب من هذه السراديب. ولما دعيت لمشاهدته ونزلت فيه، وجدته قبوا منخفضا عن أرض الحارة بنحو عشرة أمتار يتجه من الشرق إلى الغرب، وسلكت فيه قليلا، فعرفت أنه السرداب الذي كان يؤدي بالسالك إلى منظرة اللؤلؤة، التي كانت على الخليج في هذه الجهة.»
وقال ابن إياس نقلا عن ابن المسبحي: «إن المعز - رأس الدولة الفاطمية في مصر - كان يميل إلى علم الفلك، فأخبره جماعة من المنجمين بأن عليه قطعا شديدا في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا، ثم أشاروا عليه بأن يختفي في سرب نحو أربعة أشهر، فلما طالت غيبته على جنده ظنوا أنه قد رفع إلى السماء، فكان الفارس من عسكره إذا نظر إلى الغمام في السماء ينزل عن فرسه، ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فلم يزالوا على ذلك حتى ظهر من ذلك السرب، وجلس على سرير ملكه، وهم يحسبون أنه كان في السماء وأتى إليهم.»
ومع ما عرف عن العلامة المقريزي
2
من التدقيق في الرواية عن كل ما وقعت عليه عيناه، أو سمعت به أذناه، فإنه لم يذكر السراديب إلا عرضا، فقال إنه بعد خراب القاهرة، وانطماس معالم الفاطميين، اتخذها الأهالي مقرا يصرفون إليه فضلاتهم وأقذارهم.
وقال لي الأستاذ يوسف أفندي أحمد - المفتش في لجنة الآثار العربية - إنه عندما شرع في حفر مصارف العاصمة، عثر على كثير من أجزاء السراديب، ودقق الباحثون في فحصها، فلم يوجد فيها شيء يستحق الأهمية من الوجهة الفنية.
अज्ञात पृष्ठ
وقد أعاد علينا حضرة الكاتب الفاضل إبراهيم أفندي رمزي ذكر السراديب وأبوابها في روايته «الحاكم بأمر الله» التي يمثلها جوق الأستاذ جورج أفندي أبي ض. (12) أرض الطبالة
وبويع المستنصر بن الظاهر خامس الخلفاء الفاطميين في سنة 1036م، ولم تكن سنه يوم مبايعته أكثر من سبع سنوات، وأمه جارية سوداء، ابتاعها الظاهر من تاجر يهودي، اسمه أبو سعيد سهل بن هارون التستري، ففي سنة 1058م غاضب الأمير أبا الحارث البساسيري الخليفة القائم بأمر الله العباسي، وخرج من بغداد يريد الانتماء إلى الدولة الفاطمية بالقاهرة، فأمد الخليفة المستنصر بالله ووزيره الناصر لدين الله عبد الرحمن البازوري أبا الحارث حتى استولى على بغداد، وأخذ قصر الخلافة، وأزال دولة بني العباس منها، وأقام الدولة الفاطمية هناك، وسير عمامة القائم بأمر الله وثيابه وشباكه الذي كان إذا جلس يستند إليه، وغير ذلك من الأموال والتحف إلى مصر. فلما وصل ذلك إلى القاهرة سر الخليفة المستنصر سرورا عظيما، وزينت القاهرة والقصور.
وكان في مصر وقت ذاك امرأة مرجلة تقف تحت القصر في المواسم والأعياد ، وتسير أيام المواكب وحولها طائفتها وهي تضرب بالطبل، فلما وردت تحف أبا الحارث قصدت مع رجالها قصر الخليفة المستنصر، وأنشدته قصيدة طويلة عثرت منها ببيتين في كثير من كتب التاريخ، ولكن أفسدهما النساخ، فظهرا في كل كتاب بشكل ورسم، وربما كان أصحهما ما ورد في رحلة عبد اللطيف البغدادي المطبوعة بالعربية واللاتينية في كمبريدج، قالت:
يا بني العباس جدوا
ولي الأمر معد
أمركم كان معارا
والعواري تسترد
فأعجب المستنصر بها، وقال لها: تمني. فسألت أن تقطع الأرض المجاورة للمقس، فأقطعها هذه الأرض، وسميت أرض الطبالة.
وروى بعض المؤرخين أن اسمها طرب، وليس نسب، وأنها كانت مغنية المستنصر.
وقال ابن جلب راغب في تاريخه إن نسب هذه مدفونة بأرض بالقرافة الكبرى تجاه زاوية الشيخ صفي الدين بن أبي منصور بالموضع المعروف بالسهمية، وكان عليها قبة فخربت ودثر قبرها.
अज्ञात पृष्ठ
وحفظت لنا مصلحة التنظيم خبر هذه الهبة بتسمية حارة ضيقة، واقعة شمالي المشغل البطرسي باسم «حارة نسب»، وحارة أخرى إلى جانبها باسم «حارة أبا الحارث»، وحارة في بركة الرطل باسم «حارة أرض الطبالة».
ووصف العلامة المقريزي أرض الطبالة بقوله: «يمر النيل الأعظم من غربيها عندما يندفع في ساحل المقس - أولاد عنان - إلى أن ينتهي بالموضع الذي يعرف بالجرف على جانب الخليج الناصري بالقرب من بركة الرطلي، ويمر من الجرف إلى غربي البعل، فتصير أرض الطبالة نقطة وسط من غربيها النيل الأعظم، ومن شرقيها البركة المعروفة ببطن البقرة والبساتين إلى آخرها، ومن بحريها أرض البعل ومنظرة التاج، فكانت رؤية هذه الأرض شيئا عجيبا في أيام الربيع.»
ووصفها علي باشا مبارك، فقال: «أرض الطبالة هي الأرض الكائنة بحري القاهرة، يحصرها الخليج الكبير والترعة الإسماعيلية - الآن ترامواي الخليج والمترو - وسور القاهرة وجامع أولاد عنان.»
فأرض الطبالة هي - بلا نزاع - الفجالة الجديدة والفجالة القديمة حتى منتصف شارع الظاهر، ويدخل فيها شارع حبيب شلبي، ومدخلها من الجهة الغربية هو ميدان باب الحديد.
وبدأت يد الخراب تلعب في بساتين الخلفاء، وما جوارها في أيام القحط العظيم الذي وقع في آخر أيام المستنصر، فقال الرحالة عبد اللطيف البغدادي: «وأما الهلالية ومعظم الشارع ودور الخليج وحارة الساسة والمقس وما تاخم ذلك؛ فلم يبق فيها أنيس، وإنما ترى مساكنهم خاوية على عروشها، وكثيرا من أهلها موتى فيها.» (13) سور قراقوش وقلعته
وبينما كانت الفجالة وقصورها تفقد بهجتها في أيام العاضد لدين الله - آخر الخلفاء الفاطميين تولى الحكم من سنة 1160 إلى 1171م - فكر صلاح الدين الأيوبي في بناء سور للقاهرة، وشرع في تنفيذ غرضه سنة 1169م، وهو وزير للعاضد، فلما تولى الملك انتدب للعمل في السور الطواشي بهاء الدين قراقوش، فبناه بالحجارة قاصدا أن يجعل على القاهرة ومصر والقلعة سورا واحدا، فزاد في سور القاهرة القطعة الممتدة من باب القنطرة إلى باب الشعرية، ومن باب الشعرية إلى باب البحر.
وكان لهذا السور خندق ممتد من باب الفتوح إلى المقس، وقال المرحوم علي باشا مبارك في وصف السور والخندق: «وشاهدت آثار الخندق باقية ووراءه سورا بأبراج له عرض كبير مبني بالحجارة، إلا أن الخندق قد انطم، وتهدمت الأسوار التي كانت من ورائه.»
وإلى هذا السور أشار القاضي الفاضل في كتابه إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي، فقال: «... والله يحيي المولى حتى يستدير بالبلدين نطاقه، ويمتد عليهما رواقه، فما عقيلة ما كان معصمها ليترك بغير سوار، ولا خصرها ليتحلى بغير منطقة نضار، والآن قد استقرت خواطر الناس، وآمنوا به من يد تتخطف، ومن يد مجرم يقدم ولا يتوقف.»
وبنى الطواشي قراقوش قلعة، إلى جانب السور، واتفق الباحثون على أنها كانت في موضع جامع أولاد عنان. (14) باب الحديد
ومن مآثر الأيوبيين في هذه الضاحية باب الحديد، الذي لا يزال ميدان المحطة الممتد إلى الفجالة معروفا به، وقد وصفه العالم الإنكليزي إدوارد ويليم لين بقوله: «... وقد أنشئ باب الحديد في أيام صلاح الدين في وقت بناء السور الثالث - سور قراقوش - وقد هدم بأمر محمد علي باشا سنة 1847م.»
अज्ञात पृष्ठ
ويقول الذين رأوه أنه كان ممتدا من أمام عمارة إكليمندوس إلى جامع أولاد عنان، ومن داخله ترب الجبروني ودرب الإبراهيمي ودرب العظامية. (15) منشأة المهراني
ومن المواضع التي اشتهرت على مقربة من الفجالة في أيام المماليك «منشأة المهراني»، فلما كان الظاهر بيبرس البندقداري سلطانا على مصر (من سنة 1260 إلى 1277م) أمر وزيره الصاحب بهاء الدين بن حنا تجديد جامع في هذه الضاحية فصدع بالأمر، وأنشأ الأمير سيف الدين بلبان المهراني دارا ومسكنا وبنى عمارة في هذه الخطة، عرفت بمنشأة المهراني، وتتابع الناس في البناء فيها، وأكثروا من العمارات، حتى يقال إنه كان بها نيف وأربعون من أمراء الدولة، غير من كان هناك من الوزراء ورؤساء الكتاب وأعيان القضاة ووجوه الناس. (16) شاعر الفجالة: ابن نباته
وفي سنة 1287م ولد في زقاق القناديل بمنشأة المهراني ابن نباته المصري الشاعر الأديب المشهور برقته وأدبه. قالوا: قصد التلعفري البها زهيرا، وقال: لي ديوان من الشعر، وكلما أنشدت شيئا منه للناس قالوا: أحسنت، ولكنك لم تبلغ رقة البها زهير. فهل لك أن تدلني على الرقة ما هي؟ فأجابه: إن الرقة التي تعنيها، إنما هي وضع خلقي، ولكني أشير عليك بمطالعة ديواني وديوان ابن نباته المصري.
فذهب وغاب عنه أياما، ثم أتاه وقال: قد فعلت. فقال: حسن أتمم هذا الشطر:
يابان ذات الأجرع ... ... ...
فقال التلعفري: ... ... ...
سقيت غيث الأدمع
قال: حسن ما أكملت إلا أنه ناشئ عن تصور محزن، فاسمع كيف أكملت:
يابان ذات الأجرع
هل ملت من طرب معي
अज्ञात पृष्ठ
وقد جمع الشيخ بدر الدين محمد بن برهان الدين إبراهيم الشهير بالبدر البشتكي أشعار ابن نباته المصري في ديوان ضخم، طبع في سنة 1905 بنفقة السري الأديب إبراهيم بك رمزي، وعني بتنقيحه الأستاذ الشيخ محمد القلقيلي الأزهري.
ولابن نباته كثير من الدواوين وكتب الأدب، ذكرها المرحوم جرجي بك زيدان في كتابه «تاريخ آداب اللغة العربية» منها: «القطر النباتي»، و«تعليق الديوان»، و«مطلع الفوائد ومجمع الفرائد»، و«سجع المطوق»، و«سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، و«ديوان الخطب»، و«سلوك دول الملوك»، و«سوق الرقيق»، و«تلطيف المزاج في شعر الحجاج».
وقد استشهد ابن حجة الحموي في جملة مواضع من كتابه «خزانة الأدب» بشعر ابن نباته، وشهد له بالتفوق في دقة الخيال ، ورقة الاستعارة.
وأشهر قصائده القصيدة التي هنأ بها السلطان الأفضل، وعزاه في والده، ومطلعها:
هناء محا ذاك العزاء المقدما
فما عبس المحزون حتى تبسما
ثغور ابتسام في ثغور مدامع
شبيهان لا يمتاز ذو السبق منهما
وقد وصفه الأستاذ الشيخ حسن نائل المرصفي في كتابه «آداب اللغة العربية» بقوله: «كان شاعرا رقيقا، له من المعاني ما لا بأس بها، إلا أن المتانة العربية كانت بمعزل عن كلامه في جميع ضروبه، وله ديوان كبير جمع كثيرا من الأبواب طبع في مصر أخيرا، وانتشر بين العديدين، إلا أني لا أرى أنه صادف عند الأدباء منزلة، ومن أنعم نظره في كثير من مقطعاته رأى أنه كان به استعداد للماليخوليا؛ ولذلك انتهى به الأمر إلى ذلك في آخر حياته، ومات بالمارستان، رحمه الله.» (17) قنطرة المقسي وجامعه
وفي أيام الملك الأشرف شعبان بن حسن (من سنة 1362 إلى سنة 1376م) أنشأ وزيره الصاحب شمس الدين أبي الفرج عبد الله المقسي قنطرة، فعرفت باسم «قنطرة المقسي».
अज्ञात पृष्ठ
والوزير الصاحب شمس الدين باني هذه القنطرة كان قبطيا، وأسلم في سنة 1364م، وتولى الوزارة في أيام الأشرف شعبان وفي سلطنة الظاهر برقوق (من سنة 1382 إلى سنة 1398) الأولى خلفا للصاحب سعد الدين بن البقري، وتوفي في سنة 1391م، وهو مجدد جامع المقس الذي أنشأه الحاكم بأمر الله، فصار يعرف بجامع المقسي، ويدعى الآن جامع أولاد عنان.
وكان الأهالي يكثرون من الخروج إلى هذه الناحية في أيام النيل للنزهة، وكان يحدث ما هو خارج عن الحد من صنوف التهتك والخلاعة، فقام الشيخ محمد، المعروف بصائم الدهر - سنة 1381م، وقد سمي باسمه أحد شوارع الزمالك - واستفتى شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني في هذا المنكر، فأفتى بوجوب منع الناس لكثرة ما ينتهك في المراكب من الحرمات، ويتجاهر به من الفحش، وأصدر الأميران علي وحاجي - ولدا السلطان شعبان - مرسوما يمنع المراكب من الدخول في الخليج الناصري، وركبت سلسلة على قنطرة المقس، فامتنعت المراكب بأسرها من عبور هذا الخليج، إلا أن يكون فيها غلة أو متاع.
ومما رواه ابن إياس في حوادث سنة 928ه/1522م أن جماعة من النصارى أكثروا من السكر والعربدة على مقربة من جامع المقسي، فشكاهم الشيخ محمد بن عنان إلى الوالي، فأمر بالقبض عليهم، ولكنهم فروا ولم يمسك منهم إلا واحد، فأمر الوالي بحرقه فأعلن إسلامه، وكان ذلك سببا في نجاته. ا.ه.
والظاهر أن هذه البقعة راقت لأهل الكأس من ذاك الحين، بدليل ما يحيط بالجامع حتى الآن من خمارات اليونان والأقباط، وفي مقدمتها خمارة كامل وخمارة عزوز. (18) الخليج الناصري
وكان يسير بمحاذاة النيل في أرض الفجالة، الخليج الذي أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون (تولى من سنة 1293-1294م) ليوصل به ما يحتاج إليه في عمارته التي أنشأها في جهة سرياقوس بطريق النيل. وكان هذا الخليج يخرج من النيل على مقربة من القصر العيني إلى سراي الإسماعيلية إلى أبي العلاء إلى أولاد عنان، ويتلاقى مع الخليج الكبير عند جامع الظاهر. (19) بركة بطن البقرة
وكانت في الفجالة بركة تدعى «بطن البقرة»، واقعة بين أرض الطبالة وأرض اللوق تجاه قصر اللؤلؤة ودار الذهب، وكان في موضعها بستان كبير يعرف ببستان المقسي، فأمر الظاهر بن الحاكم بأمر الله بإزالة هذا البستان، وأن يعمل بركة أمام منظرة اللؤلؤة، ثم هجرت البركة في أيام المستنصر وبنى في موضعها عدة أماكن عرفت بحارة اللصوص، ثم أزيلت الأبنية في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله، وعمق حفر الأرض، وسلط عليها ماء النيل، فعادت بركة.
حدثني سكرتير مصلحة التنظيم، قال: «وكنا قد قررنا إعادة اسم «حارة اللصوص»، وأعددنا لوحة الصاج المكتوب عليها الاسم، ولكنا راعينا السكان وهم من ذوي المكانة، فعدلنا عن التسمية.» (20) بركة الرطلي
وهناك بركة أخرى كانت واقعة في الجهة الشرقية اسمها بركة الرطلي، وصفها المقريزي فقال ما يؤخذ منه: «هذه البركة من جملة أرض الطبالة، عرفت ببركة الطوابين؛ من أجل أنه كان يعمل فيها الطوب، فلما حفر الملك الناصر محمد بن قلاوون الخليج الناصري، التمس الأمير بكتمر الحاجب من المهندسين أن يجعلوا حفر الخليج على الجرف إلى أن يمر بجانب بركة الطوابين هذه، ويصب في بحري أرض الطبالة في الخليج الكبير، فوافقوه على ذلك، ومر الخليج من ظاهر هذه البركة، فلما جرى ماء النيل فيه روى أرض البركة، فعرفت ببركة الحاجب، وكان في شرقي هذه البركة زاوية بها نخل كثير، وفيها شخص يصنع الأرطال الحديد التي يزن بها الباعة، فسماها الناس بركة الرطلي، فلما جرى الماء في الخليج الناصري، وأنشئ الجسر بين البركة والخليج حكره الناس، وبنوا فوقه الدور، ثم تتابعوا في البناء حول البركة، وصارت المراكب تعبر إليها من الخليج الناصري، فتدور تحت البيوت وهي مشحونة بالناس، فتمر أحوال من اللهو يقصر عنها الوصف، ويتظاهر الأهلون في المراكب بأنواع المنكرات من شرب الخمر، وتبرج الفاجرات، واختلاطهن بالرجال.»
وقد وصفها بعضهم بقوله:
في أرض طبالتنا بركة
अज्ञात पृष्ठ
مدهشة للعين والعقل
ترجح في ميزان عقلي على
كل بحار الأرض بالرطل
وكان إلى جانب بركة الرطل بركة أخرى ينبت فيها البشنين. وقد حفظت مصلحة التنظيم ذكر هذه البركة، بأن سمت السكة الموصلة من شارع الظاهر إلى مدرسة الفرير - كوليج دلاسال - سكة البشنين.
وقد بقيت آثار بركة الرطلي إلى مفتتح عهد الخديوي إسماعيل، فردمت من أطلال كوم الريش، والظاهر أن الموبقات أبت أن تفارقها، فكان حي الطبلي - المعروف باسم الطنبلي - مباءة للمفاسد الجهرية إلى عهد غير بعيد.
وكان على مقربة من بركة الرطلي مسجد قديم بني في دولة الناصر محمد بن قلاوون، ودفن فيه (سنة 1341م) الشيخ خليل الرطلي - الذي تنسب إليه البركة - ثم لعبت بالجامع يد الخراب، فجدده الصاحب سعد الدين بن إبراهيم بن بركة البشيري في دولة الملك المؤيد.
وولد البشيري سنة 1366م، وتنقل في الخدم الديوانية حتى ولي أمر الدولة، إلى أن قتل الأمير جمال الدين يوسف الاستادار، فاستقر بعده في الوزارة، وباشرها بضبط جيد لمعرفته الحساب والكتابة، ولكنه التجأ إلى أخذ الأموال بأنواع الظلم، فلما قتل الملك الناصر فرج، واستبد بالسلطنة الملك المؤيد الشيخ المحمودي صرفه عن الوزارة سنة 1413م. (21) كوم الريش
وكان في الشمال الشرقي من الفجالة ضاحية تسمى كوم الريش، كانت من أجل منتزهات القاهرة، يسكنها الأعيان والأمراء، ويقيم بها نحو 800 من الجند السلطاني، قال المقريزي: وأنا أدركت بها سوقا عامرا بالمعايش بأنواعها من المآكل، لا أعرف بالقاهرة مثله، وأدركت بها حماما وجامعين تقام بهما الجمعة، وموقف مكارية، ومنارة لا يقدر الواصف أن يعبر عن حسنها؛ لما اشتملت عليه من كل معنى رائق بهج. وما برحت على ذلك إلى أن حدثت المحن من سنة 806، فطرقها أنواع الرزايا حتى صارت بلاقع، وجهلت طرقها وتغيرت معاهدها. (22) إجمال ما تقدم
من هذه البيانات يتجلى لنا:
أولا:
अज्ञात पृष्ठ
أن النيل كان يصل إلى الفجالة، ويغطي القسم الجديد من العاصمة.
ثانيا:
أنه إذا ثبت ما ورد في كتب التقاليد من انتقال العذراء مريم مع سيدنا يسوع المسيح ويوسف النجار من المطرية إلى مصر القديمة، فلا يبعد أنهم يكونون قد مروا بالفجالة؛ لأنها الطريق المسلوكة على النيل بين البلدين.
ثالثا:
شهدت الفجالة الواقعة الأولى من الواقعتين اللتين جرتا بين المسلمين والرومان في مصر، وعلى مقربة منها تقاسم الفاتحون المسلمون ما غنموه من جيوش الروم.
رابعا:
كانت أعظم منتزه للخلفاء الفاطميين.
خامسا:
كانت مرفأ كبيرا للأسطول المصري، ومعهدا عامرا لصناعة السفن.
سادسا:
अज्ञात पृष्ठ
كانت النقطة الأخيرة التي ينتهي إليها ذاك السرداب الطويل الذي يخترق جوف مدينة الفواطم من الأزهر إلى باب البحر.
سابعا:
كانت موضعا لمنح الخلفاء وعطاياهم بما يوزعونه على الأهالي من الأطعمة والنقود.
ثامنا:
كانت لما تحويه من مباهج الطبيعة مرتعا للأنس واللهو، فمباءة لأهل التصابي.
بين القديم والحديث في أيام الفرنسويين
(1) تفصيلات العلامة جومار
لما احتل الفرنسويون مصر قسموا مدينة القاهرة إلى ثمانية أقسام - أثمان - يتراوح عدد ما في كل منها من الحارات والعطف والأزقة بين 250 و400.
وقد دون أسماءها العلامة جومار في الجزء الثامن عشر من كتاب «خطط مصر»، وذكر في القسم - الثمن - الخامس منها اسم «الفجالة» والعطف والأزقة المجاورة لها، وهذا بيانها: «قنطرة الوز، سبيل العدوي، قنطرة الخروبي، زاوية العدوي، باب العدوي، وكالة الحمير، درب الطشطوشي، درب الفجالة، وكالة القمح، جامع الطشطوشي، جنينة الشيخ البكري، درب حاتم، عطفة أبو الريش، جامع الخربوطلي، جامع البكرية، الخليج السلطاني، باب البكرية، جنينة الخربوطلي، باب قنطرة البكرية، تل الطوابة، بركة الشيخة قمر، درب الطنبلي ... إلخ.» (2) مذكرات الجبرتي
وذكر العلامة الشيخ عبد الرحمن الجبرتي الفجالة في مواضع عدة من الجزء الثالث من تاريخه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، فقال مؤرخا حوادث يوم 25 جمادى الأولى سنة 1213 - وهي السنة الأولى للاحتلال الفرنسوي: «... وأحدثوا - الفرنسويون - طريقا فيما بين باب الحديد وباب العدوي عند المكان المعروف بالشيخ شعيب، حيث معمل الفواخير، وردموا جسرا ممتدا ممهدا مستطيلا يبتدي من الحد المذكور، وينتهي إلى جهة المذبح خارج الحسينية، وأزالوا ما يتخلل ذلك من الأبنية والغيطان والأشجار والتلول، وقطعوا جانبا كبيرا من التل الكبير المجاور لقنطرة الحاجب، وردموا في طريقهم قطعة من خليج بركة الرطلي، وقطعوا أشجار بستان كاتب البهار المقابل لجسر بركة الرطلي، وأشجار الجسر أيضا، والأبنية التي بين باب الحديد والرحبة التي بظاهر جامع المقس.»
अज्ञात पृष्ठ
وقال في حوادث شهر شوال سنة 1214 عند ذكر ما جرى بين الفرنسويين والعثمانيين في القاهرة: «... وعملوا - الفرنسويون - فتائل مغمسة بالزيت والقطران وكعكات غليظة ملوية على أعناقهم، معمولة بالنفط والمياه المصنوعة المقطرة التي تشتعل ويقوى لهبها بالماء، وكان معظم كبستهم من ناحية باب الحديد، وكوم أبي الريش، وجهة بركة الرطلي، وقنطرة الحاجب، وجهة الحسينية، والرميلة، فكانوا يرمون المدافع والبنبات من قلعة جامع الظاهر وقلعة قنطرة الليمون ويهجمون أيضا، وأمامهم المدافع، وطائفة خلفهم بواردة يقال لهم السلطات يرمون بالبندق المتتابع، وطائفة بأيديهم الفتائل والكعكات المشتعلة بالنيران يلهبون بها السقائف، وضرف الحوانيت، وشبابيك الدور، ويزحفون على هذه الصورة شيئا فشيئا ...»
إلى أن قال: «... فدخلوا من ناحية باب الحديد وناحية كوم أبي الريش وقنطرة الحاجب وتلك النواحي وهم يحرقون بالفتائل والنيران الموقدة، ويملكون المتاريس، إلى أن وصلوا من ناحية قنطرة الخروبي، وناحية باب الحديد إلى قرب باب الشعرية، وكان شاهين أغا هناك عند المتاريس، فأصابته جراحة (كذا)، فقام من مكانه، ورجع القهقرى فعند رجوعه وقعت الهزيمة، ورجع الناس يدوسون بعضهم البعض، وملك الفرنساوية كوم أبي الريش ...»
وقال في تلخيصه لحوادث سنة 1215ه/1800م: «... وانقضت هذه السنة بحوادثها وما حصل فيها، فمنها توالي الهدم والخراب وتغيير المعالم ... واتصل هدم خارج باب النصر بخارج باب الفتوح، وباب القوس إلى باب الحديد، حتى بقي ذلك كله خرابا متصلا، وبقي سور المدينة الأصلي ظاهرا مكشوفا، فعمروه ورموا ما تشعب منه، وأوصلوا بعضه ببعض بالبناء، ورفعوا بنيانه في العلو، وعملوا عند كل باب كرانك وبدنات عظاما وأبو ابا داخلة وخارجة وأخشابا مغروسة بالأرض مشبكة بكيفية مخصوصة، وركزوا عند كل باب عدة من العسكر مقيمين وملازمين ليلا ونهارا ... ومنها - من حوادث السنة - قطعهم الأشجار والنخيل من جميع البساتين والجنائن خارج باب الحسينية، وبساتين بركة الرطلي، وأرض الطبالة.» (3) إجمال لعلي باشا مبارك
ووصف المرحوم علي باشا مبارك حالة الفجالة في عصر الفرنسويين بقوله: «... وقبل مجيء الفرنسوية كانت أرض الفجالة صعبة يعسر المرور بها، ثم لما دخلت الفرنسوية أرض مصر ونظمت بعض الجهات، نظمت هذا الشارع وجعلته ممتدا من قنطرة باب الحديد إلى قنطرة العدوي.» (4) آثار الفرنسويين في الفجالة
ومن هذا الإجمال يتبين أن الفرنسويين هم أول من نظم شارع الفجالة، ويعتقد البعض خطأ أن السور الباقية آثاره بين شارع الفجالة البراني وباب البحر هو سور قراقوش، والحقيقة أنه من صنع الحملة الفرنسوية، حدثني الباحث المدقق يوسف أفندي أحمد المفتش في لجنة الآثار العربية، قال: إن سور قراقوش كان عرضه 3 أمتار و60 سنتيا، وهو ينتهي الآن بحصن واقع في مخبز بباب الشعرية، وقد استولت لجنة الآثار على هذا المخبز احتفاظا بالأثر الذي فيه، أما السور الفرنسوي فإن عرضه لا يتجاوز 60 سنتيا، والفرق ظاهر في بناء السورين ونوع المونة المشيد بها كل منهما.
ومما يذكرنا بأعمال الفرنسويين في الفجالة «شارع البرج»، الذي يسميه الأهالي «شرم الفجالة»؛ إشارة إلى اختراق السور، وهذا البرج هو أحد الاستحكامات التي أقامها الفرنسويون في ظاهر البلد . (5) حي أعيان الأقباط في الفجالة (5-1) عائلة تادرس أفندي عريان
وكانت الفجالة في أول عهد محمد علي باشا، مؤسس العائلة السلطانية، أرضا زراعية، ولم يكن أحد يستطيع اجتيازها بعد الغروب، فلما اتخذ عباس باشا الأول حي العباسية مقرا له، وكثر عدد قاصديها عن طريق الفجالة، وزاد عمرانها إنشاء سكة الحديد، وقرب المحطة منها.
وكان أول من أنشأ دارا في الفجالة المرحوم تادرس أفندي عريان الخناني ابن المرحوم عريان إسحق الوزان، وكان من أعيان الأقباط في أيامه، خدم الحكومة زمنا، ثم اقتصر على العمل في أرزاقه الخاصة، والدار التي بناها لا تزال قائمة حتى اليوم في آخر شارع قصر اللؤلؤة بين مدرسة الآباء اليسوعيين وكوم الريش، ثم بنى دارا داخلية سكنها أولاده؛ وهم: المرحوم عريان بك باشكاتب المالية، وسيدهم أفندي، وكركور أفندي، وباسيلي باشا الذي كان مستشارا في الاستئناف الأهلي، وقد ترك أملاك أبيه، وابتنى قصرا في شارع الظاهر على ناصية شارع كنيسة الروم الكاثوليك، وتوفي أثناء تدوين هذه الرسالة (يوم السبت 7 ديسمبر سنة 1918). (5-2) بيوت جاد شيحة وأولاده
وممن عاصروا المرحوم تادرس أفندي عريان في السكنى بالفجالة المرحوم جاد أفندي شيحة، وكان أيضا من الأعيان، تقلب في الوظائف الأميرية من أيام محمد علي، وكان في آخر أيامه معاونا في دائرة عباس باشا، وكانت له دار وسيعة الرحاب واقعة بين الدرب الإبراهيمي والجبروني - في مدخل شارع كلوت بك من جهة المحطة - ولا تزال هناك عطفة باسمه هي عطفة شيحة، فابتاع فدانا من أرض الفجالة منذ 80 سنة، وشيد فيه دارا صغيرة لا تزال باقية إلى اليوم - رقم 14 شارع بستان الكافوري - ويسكنها حفيده لبنته صاحب العزة حبشي بك مفتاح.
وكان جاد أفندي شيحة متخذا هذه الدار منتزها يقضي فيه مع عائلته فترات قصيرة، ثم بنى دارا صغيرة أخرى، فلما شب أولاد الثلاثة؛ وهم واصف ودميان وميخائيل، أعجبوا بالفجالة وأحبوا السكنى فيها، خصوصا بعد أن أنعم سعيد باشا على دميان بك جاد بفدانين من الأرض مجاورين لدار أبيه جاد شيحة.
अज्ञात पृष्ठ
وبلغت مساحة الأرض التي امتلكها أولاد جاد شيحة وذريتهم في الفجالة نحو أربعة أفدنة، يحدها شمالا شارع بستان الكافوري، وجنوبا شارع الفجالة العام، وشرقا شارع علاء الدين، وغربا شارع سيف الدين المهراني.
وترقى دميان بك جاد في وظائف الحكومة وعظم شأنه، فبنى العمارة «رقم 5 في شارع سيف الدين المهراني»؛ حيث توجد الآن إدارة جريدة الأخبار ومطبعتها وإدارة جريدة مصر ومطبعتها ومنزل صاحبها، وهذه العمارة هي أولى العمارات الكبيرة التي أنشئت في شارع الفجالة من الجهة الغربية، ويرجع تاريخ إنشائها إلى ما قبل سنة 1865م، ثم بنى آل جاد عمارات واسعة، منها دار خاصة في الجهة الشمالية الشرقية، وبيوت للأجرة على الشارع العام، يحيط بمجموعها ويتخللها حدائق غناء محاطة من الجهتين الغربية والشمالية بسور. (5-3) سكان آخرون
وكان لعائلة القطاوي أرض خربة في الجهة الشرقية الجنوبية، أنشئوا بها في أول عهد الخديوي إسماعيل إسطبلات ومخازن خشبية، ثم باعوها بسعر بخس لجماعة من أعيان الأقباط وكبار موظفي الحكومة منهم، الذين ضافت بهم حارة السقايين ودرب الإبراهيمي وسنقر، وطاب هم مناخ الفجالة، فكان في مقدمة من سكنوها وهبة بك الجيزاوي باشكاتب المالية، وميخائيل أفندي أبو جرجس باشكاتب دائرة جلال باشا، وعياد أفندي حنا من كبار الموظفين في المالية، ونسيم بك شحاتة باشكاتب مصلحة سكة الحديد، ومنصور بك جرجس من موظفي سكة الحديد، وحنا بك ضبيع، وميخائيل أفندي عبد السيد صاحب جريدة الوطن، ومقار باشا عبد الشهيد العضو النائب عن الأقباط في مجلس شورى القوانين، وغيرهم ممن كان يساعدهم مركزهم على السكنى في هذه الضاحية، ويقدرون على الانتقال اليومي إلى دواوين الحكومة، فكان الأكابر يركبون عرباتهم الخاصة، والمتوسطون يقتنون الحمير أو يشتركون في أجرة عربة تقلهم يوميا إلى شارع الدواوين.
ومن أعيان السوريين الذين سكنوا وسط الأقباط في هذه الجهة منذ نشأتها الخواجا يوسف نصرة، وكان تاجرا في البياضات، وله معاملة مع دائرة الخديوي إسماعيل، وتجمد له مبلغ من المال، فأعطته الدائرة بدله قطعة واسعة من أرض الفجالة واقعة على جسر الشارع العباسي، ومنه ابتاع الآباء اليسوعيون أرض مدرستهم بسعر المتر 20 قرشا. (5-4) دميان بك جاد
ومن الغريب أن ينسى اسم دميان جاد، فلم يطلق على أحد الشوارع، وعذر مصلحة التنظيم في هذا الإهمال أن دميان بك توفي قبل أن توضع اللوحات.
وكان دميان جاد من كبار رجال الحكومة المصرية، تقلب في مناصبها من أيام عباس باشا الأولى، وتولى رياسة الكتاب في مصلحة الوابورات العزيزية، ثم عين في آخر أيامه باشكاتبا للمالية
1
ووصفه المرحوم علي باشا مبارك في الجزء السادس من خططه بقوله: «... ومع تقدمه، وقبوله التام لدى الخديوي ووزارئه وأمراء الحكومة، كان على غاية من التواضع، محبا للجميع، مسعفا لقاصديه من أي جنس كانوا، محسنا محافظا على أصول مذهبه، محببا في الناس. ويوم وفاته حزن عليه جمهور الأقباط الأرثوذكسيين وكثير من المسيحيين، وتأسف عليه الخديوي وكثير من وزرائه وأمراء الحكومة وأهل مصر، وتعطل ديوان المالية وكثير من الدواوين يوم دفنه، وكان مشهد جنازته مهيبا مؤثرا جدا، تتقدمه جملة من العساكر الميرية المنتظمة بهيئة الحزن، ويتلوهم محفل جسيم جدا منتظم من البطريرك ومطران الأرمن وكافة قسوس الملة وقسوس الأرمن وأعيان القبط وغيرهم، ولفيف من المسيحيين من كل جنس وبعض معتبري الحكومة، وصلي عليه بالكنيسة الكبرى بالأزبكية.»
وقد عني بتفصيل تاريخه وأعماله في الحكومة حضرة صديقنا الباحث المحقق توفيق أفندي اسكاروس، وسينشره في الجزء الثالث من كتابه «تاريخ مشاهير الأقباط». (5-5) ميخائيل بك جاد
وقد حفظت لنا مصلحة التنظيم حتى آخر سنة 1911 اسم «ميخائيل جاد» في لوحات أربع وضعت في أكبر شارع موصل بين الفجالة وشارع عباس، وكان ميخائيل جاد موظفا في وزارة المالية، وشارك سعادة المالي الماهر فيتا هراري باشا في إصلاح حسابات الحكومة المصرية بحسب البروجرام الذي سنه المستر فيتز جرالد مؤسس النظامات الحديثة للمالية المصرية.
अज्ञात पृष्ठ
ومن آثار المرحوم ميخائيل بك جاد في شارع الفجالة كنيسة العذراء التي شيدها في زاوية من أملاك عائلته، وخصص مبلغا من ريع الوقف للإنفاق عليها. (5-6) تشابه في وقفيتين
وكما تشابه المرحومان عريان بك ودميان بك في الوجاهة والسكنى والوظيفة، فقد اقتفى ثانيهما أثر والد الأول في وقفيته الخيرية، وهي تقضي بحرمان كل أنثى في العائلة توريث خلفها مما ورثته عن عائلتها، سواء كان الورثة ذكورا أم إناثا.
وقد قرأت في مؤلفات المرحوم قاسم بك أمين أن من احتقار أهل الوجه القبلي لبناتهم أنهم يمنعون توريثهن، وسألت سعادة أندراوس باشا - والرجل من صميم الصعيد وأقدم عائلاته - عن صحة هذه الرواية، فقال: هذا حديث لا حقيقة له بالمرة، ولم نسمع عن حرمان البنات إلا في وقفيتي عريان ودميان. (5-7) العلامة لينان باشا ده بلفون
وممن راقتهم الفجالة وسكنوها، قبل الاحتلال الإنكليزي، العلامة الشهير لينان باشا الفرنسوي صاحب المآثر الخالدة في هندسة القناطر الخيرية، وإنشاء قنال السويس. حضر إلى مصر سنة 1818 وهو في العشرين من سني حياته، بوظيفة رسام في بعثة يرأسها الكونت ده فوربين للبحث عن الآثارات، ثم التحق بخدمة لجنة إنكليزية تشتغل بالمسائل الجغرافية والري، فطاف أنحاء البلاد طولا وعرضا، ودون بحثا دقيقا عن بحيرة موريس، وبتدبيره تم نقل المسلات الأثرية، التي أهداها محمد علي باشا إلى الحكومة الإنكليزية، من الإسكندرية إلى مدينة لندن.
وبدأ سنة 1823 بجس أرض برزخ السويس، والنظر في أرض شبه جزيرة سينا، فقضى 18 شهرا، وهو يتجول بين العريش والعقبة، ثم قضى زمنا آخر على ساحل البحر الأحمر في المنطقة الواقعة بين السويس وجبل الزيت.
ثم سافر إلى لندن، وهناك قابل إبراهيم باشا ابن محمد علي، فعرض عليه الباشا الخدمة في الحكومة المصرية، فقبل الطلب مشترطا أن يبقى سنة للبحث والتنقيب في جزيرة سينا، وعلى أثر ذلك عين مهندسا للحكومة في الوجه القبلي سنة 1828.
وشرع في النظر في إصلاح حالة الري في الوجه البحري سنة 1833، ولبث يعمل في هذه المهمة بالاشتراك مع جماعة من المهندسين الفرنسويين حتى سنة 1835، وفي ذاك الحين نظمت نظارة للمعارف والأشغال العمومية، وعين لينان أفندي مديرا لقسم الأشغال، فوضع أساس وزارة الأشغال الحاضرة، ورتب مشروعات محمد علي وبدأ في تنفيذها، ففي سنة 1838 حفر ترعة الزعفران، وسهل الملاحة في الشلالات بين أصوان والخرطوم، وفي سنة 1839 أنشأ قنطرة على بحر شبين، وبينا هو مهتم بتنجيز هذه المشروعات استدعي إلى سوريا، وبعد أن عاد منها أتم خريطة الفيوم والوجه البحري، ووضع مشروع حفر قنال السويس مستندا في عمله إلى المباحث التي قام بها رجال بعثة نابليون والمسيو ليبير والمسيو مينو.
وحضر الدوق دومونبانسييه إلى القطر المصري في سنة 1845، فزار برزخ السويس مع المسيو لينان، فكانت هذه الزيارة النواة التي بنى عليها تنفيذ مشروع القنال، فتألفت لذلك جمعية دولية كان المسيو لينان مرشدها في كل ما يختص بالبرزخ وبحيراته ومناسيبه.
وفي سنة 1849 عهد إلى المسيو لينان إنشاء طريق للعربات بين القاهرة والسويس، وفي سنة 1850 كلف وضع نظام لتوزيع المياه في القاهرة، ثم انتدب نائبا عن الحكومة المصرية لمفاوضة شركة قنال السويس بمدينتي لندن وباريس.
وفي سنة 1856 أتم مشروع مد المياه الحلوة من النيل إلى قنال السويس، وكان في أيام سعيد باشا يد الحكومة العاملة في حفر القنال.
अज्ञात पृष्ठ
وفي سنة 1862 عين مديرا عاما للأشغال العمومية، ولبث في هذه الوظيفة حتى آخر سنة 1864، حيث طلب إحالته إلى المعاش وبقي ملازما داره حتى سنة 1869، فاستدعته الحكومة، وعينته ناظرا للأشغال، وأنعم عليه برتبة الميرميران الرفيعة.
ومن أعماله المهمة وهو في نظارة الأشغال إنشاء ميناء الإسكندرية وكوبري قصر النيل، ولما أتم أربعين سنة في خدمة الحكومة أعطي معاشا كاملا، فشرع في وضع كتابه الكبير المسمى «مذكرات عن أعمال المنافع العمومية في مصر من أقدم الأزمان إلى الوقت الحاضر»، وهو مؤلف كبير مرفق بتسع خريطات ملونة، ثم وضع كتابا آخر عن مناجم الذهب في مصر، وترك عدة أوراق في شئون جغرافية وهندسية، وتوفي سنة 1883.
وجاء في قاموس الجغرافيا للمسيو سان مارتين وروسليه تحت كلمة «لينان»
Linant
ما تعريبه:
جزيرة صخرية في بحيرة فيكتوريا نيانزا عند مدخل خليج مورشيسون في الجهة الجنوبية من البحيرة بين موفو وأومبيريو، وقد أطلق عليها الرحالة ستانلي اسم «لينان»؛ إحياء لذكرى مواطننا لينان ده بلفون.
وفي المكتبة السلطانية تحت رقم 1775 رسالة مطبوعة في 20 صفحة عنوانها «تركة لينان ده بلفون، فهرست خزانة الكتب»، وتشمل هذه الفهرست على أسماء نحو 400 مؤلف في العلوم والأعمال الهندسية، والصناعة، والفنون، والتاريخ، والجغرافية، والرحلات، والقواميس، ودوائر المعارف، والمؤلفات المختلفة، والخرائط، ومجموعات الصور والروايات. (6) تجديد ذكرى الأقدمين (6-1) أقدم مالك وأقدم ساكن
لما تم تنظيم الفجالة الجديدة، وتقسيم أرض بركة الرطلي سميت شوارعها وحاراتها بأسماء أقدم من أنشئوا فيها عمارات أو سكنوها قبل غيرهم؛ فأطلق على شوارع القسم الغربي الشمالي الأسماء الآتية: حارة ميخائيل جاد، حارة نسيم بك، عشش الخربوطلي، شارع اليسوعية، عطفة عبد العال، شارع مقار بك - باشا - عبد الشهيد، حارة إلياس صوصه، الساقية الحلوة، دهليز الملك، الزهار، شارع ميخائيل أبو جرجس، شارع القطاوي، شارع عريان بك، شارع إلياس.
وأطلق على شوارع القسم الشرقي الشمالي الأسماء الآتية: حارة حبيب شلبي، حارة جرجس فرج، حارة سليم فرج، حارة عتابي، حارة أحمد نافع، عطفة عبد الملاك، عطفة يوسف خزام، عطفة متولي المهندس، عطفة بدر بك الحكيم، شارع بطرس باشا ... إلخ. (6-2) لجنة الأحياء
ثم رأت مصلحة التنظيم أن تحيي أثر مشهوري الأقدمين بتسمية الشوارع بأسمائهم، أو بأسماء الخطط القديمة، وألفت لذلك لجنة في سنة 1901، ولكنها لم تلبث طويلا حتى حلت بوفاة بعض أعضائها، وانتقال البعض إلى وظائف خارج العاصمة، فأعيد تأليفها في سنة 1909، وانتظم في سلكها المسيو موني، وداود أفندي عبد السيد المهندس، وأتمت تسمية شوارع الفجالة وحاراتها وتجهيز اللوحات اللازمة لها في سنة 1911. (6-3) ظروف غير مناسبة
अज्ञात पृष्ठ
ويعلم المتبعون للتاريخ الحاضر أنه في تلك السنة انعقد المؤتمر القبطي في أسيوط، والمؤتمر المصري في القاهرة، وعلى أثر إرفضاضهما شرع عمال مصلحة التنظيم في رفع اللوحات القديمة بشوارع الفجالة ووضع اللوحات الجديدة، فهاج الأقباط وماجوا، وخيل إلى الكثيرين منهم أن لهذا العمل علاقة بالمؤتمرين، ونشرت كل من جريدة مصر وجريدة الوطن مقالة مسهبة في الموضوع. (6-4) أقوال جريدة مصر
فقالت جريدة مصر الصادرة في 6 مايو: كان لتغيير أسماء شوارع الفجالة وقع سيئ جدا في نفوس جميع المسيحيين، الذين اعتبروا العمل على حقارته الذاتية عملا مدهشا، يشف عن إحساس لا يليق أن تتصف به حكومة راقية في هذا الزمان.
والذي زاد في مبلغ تأثيره أنهم أبدلوا أيضا لوحة شارع مدرسة اليسوعيين بلوحة أخرى باسم شارع «بستان المقسي»، فكأن الغرض هو محاربة المسيحية عموما، لا الأقباط خصوصا.
قد يقال إنه ربما لا يكون هذا العمل مقصودا بالذات، بدليل أنهم غيروا أيضا أسماء إسلامية مع الأسماء المسيحية، والرد على هذا القول بسيط؛ هو أنهم لم يغيروا الأسماء الإسلامية بأسماء مسيحية، بل غيروها بأسماء إسلامية مثلها، وأما الأسماء المسيحية فلم يخطئوا في واحد منها، ويغيروه باسم مسيحي بدله. (6-5) أقوال جريدة الوطن
وقالت جريدة الوطن: وإنما لفت الناقدون الأنظار إلى هذه المسألة للدلالة على ما فيها من سخافة أولا، وفساد ذوق ثانيا.
فهي من الجهة الأولى لا تؤدي إلى الغرض الذي يزعمونه؛ وهو إعادة بعض الحوادث التاريخية إلى الأذهان، وإلا فمن من الناس يسير في إحدى حواري الفجالة مثلا، ويرى على إحداها اسم حارة «بركة بطن البقرة»، فيستفزه هذا الاسم إلى التفتيش في بطون التواريخ القديمة، لكي يستدل على أصل هذه التسمية، ويعرف أين كان بطن البقرة هذا؟ اللهم إلا إذا كان عالما أثريا واقفا حياته على التنقيب والبحث عن الآثار القديمة، وما كل الناس بعلماء، ولا لمثل هذا وضعت أسماء الشوارع والبلاد، وإنما وضعت لهداية السائر وإرشاد السابلة، ولا نبالغ إذا قلنا إن تغيير أسماء مفهومة معروفة منذ سنين بأسماء تكاد تكون أعجمية، قد أفسد الغرض منها وأضل الناس وحيرهم إلخ إلخ. (6-6) مذكرة مصلحة التنظيم
فرأت مصلحة التنظيم إزالة لهذا الريب أن تنشر مذكرة حاوية أسباب هذا التغيير، وعهدت في تدوينها إلى المسيو موني، وأرسلت صورا منها إلى الصحف المحلية، فنشرها البعض برمتها، ولخصها البعض، وأهملها الكثيرون.
وقد دبج المسيو موني هذا التقرير بالإشارة إلى لجنتي الأحياء، ثم قال ما خلاصته: «لم تراع اللجنة الأديان في التسمية؛ بدليل تسميتها أحياء باسم يعقوب القبطي، وبهاء الدين بن حنا، وأرمانوسة المصرية، وشجرة مريم، والبلسم، ولما شرعت في تسمية شوارع الفجالة أكثرت من البحث في الكتب التاريخية؛ مثل: الخطط التوفيقية لعلي باشا مبارك، وخطط المقريزي، وابن دقماق، فلم يوجد بها شيء أثري للأقباط، وكان الباحث عن الأسماء المهندس داود أفندي عبد السيد.»
وختم المسيو موني التقرير بقوله: «وأخيرا فكرت في مقابلة حضرة جندي بك إبراهيم صاحب جريدة الوطن؛ لعلمي أن له علاقة كبرى ببطريكخانة الأقباط الأرثوذكس، عسى أن يحصل لنا على شيء في هذه البطريكخانة من الآثار التي يهم الجمهور تسمية الجهات التي كانت بها بأسمائها، فأخذت معي صديقا له ليقدمني لحضرته؛ وهو حضرة مسيحة أفندي ميخائيل، باشكاتب مصلحة الإحصاء الآن. وفعلا قابلنا حضرته، ووعد أن يوافينا بشيء من ذلك، ولكنه اكتفى بأن شكر للحكومة عملها في أحد أعداد جريدته، ولم يوافنا بشيء من البطريكخانة حتى الآن.» (6-7) الأسماء القديمة المجددة
وقد أزالت مصلحة التنظيم أسماء حارات القسم الغربي كلها، وأبدلتها بالأسماء الآتية؛ وهي: شارع الخليج الناصري، السلطان شعبان، سراج الدين، الوزير شمس الدين، سيف الدين المهراني، بستان الكافوري، بستان المقسي، بستان المهاميزي، بركة بطن البقرة، الوزير علاء الدين، ابن حبيب، قلعة المقسي، قصر اللؤلؤة، منظرة اللؤلؤة، بكتمر الحاجب، المهراني، كوم الريش، أبو الريش، بستان التاج.
अज्ञात पृष्ठ