समझ विस्तार
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
शैलियों
هيدجر
(1) بين هسرل و«هيدجر» (1-1) نوعان من الفينومينولوجيا
مثلما كان «دلتاي» ينظر إلى الهرمنيوطيقا في أفق مشروعه الخاص بإيجاد نظرية ذات توجه تاريخي لمنهج العلوم الاجتماعية، كذلك كان «هيدجر» يستخدم لفظة «هرمنيوطيقا» في السياق الأكبر لبحثه عن أنطولوجيا أكثر «أساسية»، لقد كان «هيدجر»، شأنه في ذلك شأن «دلتاي»، يبحث عن منهج من شأنه أن يكشف الحياة في ضوء الحياة ذاتها، وفي كتابه «الوجود والزمان» اقتبس «هيدجر»، مؤيدا ومعضدا، هدف دلتاي في فهم الحياة من خلال الحياة ذاتها، ومنذ البداية شرع «هيدجر» في البحث عن منهج يتخطى التصورات الغربية عن الوجود ويستقصيها إلى جذورها، شرع «هيدجر» في البحث عن «هرمنيوطيقا» تمكنه من أن يكشف اللثام عن الفروض المسبقة التي تتأسس عليها هذه التصورات، وقد أراد، مثل نيتشه من قبله، أن يضع التراث الميتافيزيقي الغربي كله موضع التساؤل.
وجد «هيدجر» في فينومينولوجيا إدموند هسرل أدوات تصورية لم تكن متاحة لدلتاي أو نيتشه، ووجد فيها منهجا يمكن أن يسلط الضوء على كينونة الوجود الإنساني بطريقة يمكن للمرء بها أن يكشف النقاب عن الوجود ذاته لا عن مجرد أهوائه وتحيزاته وأيديولوجيته، ذلك أن الفينومينولوجيا قد فتحت عالما جديدا وأتاحت فهم الظواهر فهما سابقا على التصورات الذهنية، على أن هذا العالم الجديد كانت له عند «هيدجر» دلالة مختلفة عن تلك التي كانت عند هسرل، فبينما كان «هسرل» يقارب هذا العالم بغرض كشف عمل الوعي بوصفه ذاتية ترانسندنتالية، فقد رأى فيه «هيدجر» الوسط الحيوي للوجود الإنساني التاريخي في العالم، ورأى في تاريخيته وزمانيته مفاتيح لفهم طبيعة الوجود، فالوجود كما يكشف عن نفسه في الخبرة المعاشة يند عن التصور العقلي وعن المقولات اللازمانية للتفكير الذهني المتمركز على الأفكار وحدها. إن الوجود هو السجين المحجوب والمنسي للمقولات السكونية الغربية، والذي كان «هيدجر» يأمل في إطلاق سراحه، فهل نجحت الفينومينولوجيا كنظرية ومنهج في أن تقدم له الوسيلة المناسبة؟
لقد نجحت جزئيا، غير أن تأثر «هيدجر» بدلتاي ونيتشه، وكذلك طبيعة نقده للميتافيزيقا الغربية وبخاصة الأنطولوجيا، قد جعلاه متوجسا غاية التوجس من رغبة «هسرل» في رد كل الظواهر إلى الوعي الإنساني، أي إلى الذات الترانسندنتالية، لقد آمن «هيدجر» بأن حقيقة الوجود سابقة على الوعي والمعرفة الإنسانية وأكثر منهما بداءة وأساسية، بينما كان هسرل يميل إلى اعتبار كل شيء حتى حقيقة الوجود كمعطى من معطيات الوعي، لم يكن مثل هذا الموقف القائم على الذاتية ليقدم الإطار المناسب للنقد الذي كان يدور بخاطر «هيدجر»، ورغم نجاح فينومينولوجيا هسرل في تحقيق مراجعة تنقيحية طموح للإبستمولوجيا ما تزال ثمارها ملموسة اليوم في مجالات كثيرة، فهي لم تكن بحد ذاتها الأداة التي يمكن أن يستخدمها «هيدجر» في طرحه الجديد لقضية الوجود.
ومما يحمل دلالة كبيرة لتعريف الهرمنيوطيقا أن ذلك الصنف من الفينومينولوجيا الذي أنشأه «هيدجر» في كتابه «الوجود والزمان» يطلق عليه أحيانا اسم «الفينومينولوجيا التأويلية»
Hermeneutic Phenomenology ، وهو أكثر من مجرد بحث فرعي داخل الحقل الذي أسسه هسرل وألم به، فهو يشير إلى صنفين منفصلين تماما من الفينومينولوجيا، صحيح أن «هيدجر» قد أخذ الكثير عن هسرل، وأن كثرة مدهشة من تصوراته المبكرة تعود إلى أستاذه، غير أنه وضع هذه التصورات في سياق جديد وفي خدمة غرض مختلف، هكذا يكون من الخطأ أن ننظر إلى «المنهج الفينومينولوجي» على أنه مذهب صاغه هسرل واستخدمه «هيدجر» لغاية أخرى، فالحق أن «هيدجر» قد أعاد النظر في مفهوم الفينومينولوجيا ذاته، بحيث أخذت الفينومينولوجيا والمنهج الفينومينولوجي عنده طابعا مختلفا اختلافا جذريا.
يتمثل هذا الفرق بإيجاز في كلمة «هرمنيوطيقا» نفسها، فلم يسبق قط لهسرل أن استخدم هذه اللفظة في الإشارة إلى عمله، بينما صرح «هيدجر» في «الوجود والزمان» بأن الأبعاد الأصيلة لأي منهج فينومينولوجي تجعله هرمنيوطيقيا بالضرورة، لقد كان مشروعه في «الوجود والزمان» هو «تأويل للدازاين (الآنية)»
a Hermeneutic of Dasein ،
1
अज्ञात पृष्ठ