समझ विस्तार
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
शैलियों
وقد نزع «هسرل» في المراحل المتأخرة من فلسفته إلى إسداء دور نشط للأنا الترانسندتالية، وخلص إلى أن الأنا الترنسندنتالية، وليس الأنا الفردية، تشكل أو تشيد بطريقة نشطة معنى موضوعات الوعي، الأنا الخالصة تمنح الموضوعات معناها الذي يجعلها موضوعات للوعي، ولكن هذا بحد ذاته لا يفضي إلى المثالية (المذهب القائل بأن الواقع معتمد على الوعي)، فلعل الأنا الترانسندنتالية لا تفعل أكثر من أن تدرج عالما مستقلا وجوديا في مقولات مفهومة أو تصورات معقولة وبذلك تجعله موضوعا للوعي.
غير أنه إذا كان الواقع الوحيد الذي يمكن أن يعترف به لموضوع ما هو تلك الدلالة التي تسبغها عليه، بشكل نشط، تلك الأنا الترانسندنتالية، وهذه «مثالية»
Idealism ، وإذا كان أي عالم بدون دلالة للوعي هو عالم غير ممكن وجوديا، وكانت كل دلالة هي نتاج الأنا الترنسندنتالية، لترتب على ذلك أن العالم معتمد وجوديا على الأنا الترنسندنتالية، ويوحي ذلك أيضا بأن الأنا الترنسندنتالية هي «المطلق» الوحيد، ما دام كل شيء معتمدا وجوديا عليها وهي غير معتمدة وجوديا على أي شيء آخر.
تومئ نظرة «هسرل» إلى شكل من أشكال المثالية الذاتية (الواقع معتمد وجوديا على الذات) حيث الوجود كله مرتهن للمعنى الذي تسبغه الذات الترنسندنتالية (أو الذات بما هي كذلك) على الأشياء، ولكن يظل بالإمكان أيضا الرد بأن مثل هذه الدلالات أو الماهيات هي موضوعية من حيث إنها مستقلة عن وجود أي وعي بعينه وإنها عامة مشتركة تشمل كل وعي بما هو وعي، وقد مالت آراء هسرل المتأخرة تجاه المثالية؛ لأنه ذهب إلى أن الحديث عن الوجود الحقيقي للعالم بمعزل عن مقولات الدلالة التي تعتمد على الوعي الخالص هو حديث ممتنع ولا معنى له، ولكن مرة أخرى يظل بالإمكان القول بأن العالم قد يستمر في الوجود بمعزل عن الوعي المحض، إذا صح ذلك، فمن الممكن عندئذ الرد بأن العالم الذي يتسم بذلك سيكون بلا معنى بنفس الطريقة التي ستكون بها جملة مكتوبة هي غير ذات دلالة إذا لم يكن ثمة عقول لتعي معناها، إنه ليكون عالما غير قابل للتصور فعلا.
ينتقل «هسرل» إذن من فكرة أنه لا يمكن أن «يتصور» أي شيء إلا كموضوع للوعي إلى فكرة أنه لا يمكن أن «يوجد» أي شيء إلا كموضوع للوعي، وكان جوابه على النزعة الشكية حول الطبيعة ووجود العالم الخارجي هو أن يقول بأن العالم الذي يبدو ذا معنى هو فقط العالم الحقيقي، وأن افتراض عالم غير ذلك يمكن أن يوجد أو لا يوجد هو لغو أو هراء. (9) مجمل لإدموند هسرل
اتفق هسرل مع «ديكارت» في أن هناك شيئا واحدا لا يرقى إليه الشك بالنسبة لكل واحد منا، ذلك الشيء هو وعينا الخاص، ومن ثم فإذا شئنا أن نشيد تصورنا للواقع على أسس وطيدة، فهذه هي الصخرة التي نبدأ منها ونقيم عليها الصرح، غير أنه يتفق أيضا مع هيوم في أنني إذ أنظر إلى مائدة مثلا فإن وعيي يكون وعيا بالمائدة وليس وعيا بنفسي حائزا على خبرة النظر إلى المائدة، يأخذ الوعي دائما، في الظروف العادية، هذه الصيغة: أنا على وعي مباشر بالأشياء لا على وعي بنفسي كموضوع، ولكن كل محاولة لإثبات أن هذه الموضوعات توجد بمعزل عن وعيي ودرايتي هي محاولة مصيرها الفشل، وقد تبين دائما استحالة إثبات وجود العالم الخارجي نفسه.
ها هنا يقدم «هسرل» طرحا وجيها بارعا: فلنتجنب التورط في مشكلات لا حل لها عن الوجود المستقل لموضوعات الوعي، فمن المتيقن ومما لا يقبل الشك أنها موجودة بالنسبة لنا بوصفها «موضوعات للوعي» بغض النظر عن أي وضع وجودي آخر قد تحوزه أو لا تحوزه، فلندرس إذن هذه الموضوعات على أنها موضوعات وعي ونحن على يقين مطلق بوجودها بهذه الصفة، ودون أن نضع عنها أي فروض أخرى، فهي، كموضوعات وعي، قابلة مباشرة للبحث والدراسة بقدر ما يمكن لأي شيء آخر أن يقبل البحث والدراسة، فلننصرف إذن عن الأسئلة التي لا سبيل إلى حلها، ولنضرب عنها صفحا ونضعها جانبا (بين أقواس إن شئت)، ونعول على ما نحن مؤهلون جيدا لبحثه.
8
كانت فينومينولوجيا هسرل «منهجا» قبل أن تصبح مذهبا صريحا، بدأ هسرل بنقد الرياضيات قاصدا من ذلك أن يكتشف أولا طريقة تجعل في إمكاننا اكتساب حقائق أساسية وإثباتها بالبرهان، ومن ثم جعل قاعدته الجوهرية من البداية هي أن يتوجه «إلى الأشياء ذاتها»، لكي يتلقى منها ما يعرفنا بها، وبالتالي أن يستبعد أساسا كل حكم سابق وكل نظرية سبق تصورها عن الواقع، هناك إذن مبدآن تتضمنهما نقطة البداية هذه: مبدأ سلبي، وهو يتألف من رفض كل ما ليس ثابتا بالبرهان ، أي مبرهنا عليه بحيث يبدو من المحال تصور نقيضه، ومبدأ إيجابي يتألف من الرجوع إلى الحدس المباشر في إدراك الأشياء، من حيث إن هذا الحدس، وهذا الحدس وحده، هو الذي يمكن أن يكون المنبع الأول لكل يقين، «التوقف» و«الحدس»: هذان هما المبدآن الرئيسيان في المنهج الفينومينولوجي.
ومع ذلك، ينبغي ألا تضلنا لفظة «الأشياء» وتوقعنا في الخطأ، فبفضل التوقف (أو وضع كل ما ليس له مبرر جلي بذاته، وفقا لهسرل، بين قوسين) تكون الأشياء الوحيدة المعطاة لنا حقيقة هي «الظواهر»
अज्ञात पृष्ठ