समझ विस्तार
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
शैलियों
حيث «الإنجيل/كلمة الله» يتحدث في كلمات إلى الفهم الذاتي الوجودي، يقول بلتمان إن العهد الجديد نفسه يتجه نحو فهم ذاتي أصيل جديد، والغاية من إعلان «العهد الجديد» هي غرس هذا الفهم الجديد في الإنسان الحديث الذي يخاطبه اليوم، «كلمة» العهد الجديد إذن هي شيء شبيه بتحقيق «نداء الضمير» الذي تحدث عنه هيدجر في «الوجود والزمان».
من المؤكد أن الدعوة إلى فهم ذاتي جديد هي تحد لطريقة المرء في «الوجود في العالم» في العصر الحاضر، إن بلتمان لا يود أن يمحو «فضائح» العهد الجديد بل أن يسلك «الفاضح» في نصابه ويضعه موضعه، وهو يفعل ذلك لا بالتوكيد الإيماني على أساطير تؤخذ بمعناها الحرفي، ولا بالاعتقاد في معلومات كوزمولوجية واضحة البطلان، بل بالإهابة بالطاعة المطلقة والانفتاح على النعمة والغبطة والحرية في الإيمان. تشير أطروحات بلتمان في مشكلة الهرمنيوطيقا بشكل واضح ومحدد إلى أنه يعرفها دائما على أنها نظرية في الفهم بما هو كذلك.
وفي كتابه «مشكلة الهرمنيوطيقا» (1950م) يعيد بلتمان التوكيد على المبدأ البروتستانتي القائل بالحرية التامة في البحث، ويمضي إلى حد القول مرة ثانية بأن الإنجيل يخضع لشروط الفهم نفسها وللمبادئ الفيولوجية والتاريخية نفسها التي تطبق على أي كتاب آخر، ومن ثم فإن «مشكلة الهرمنيوطيقا» ليست وقفا على اللاهوت بل هي قائمة في كل تفسير سواء كان تفسير وثائق قانونية أو تفسير أعمال تاريخية أو أدبية أو تفسير الكتاب المقدس، وبطبيعة الحال يبقى لب المشكلة هو تحديد مكونات الفهم التاريخي بالنسبة لنص من النصوص، يرى بلتمان أن السؤال الهرمنيوطيقي هو: «كيف نفهم الوثائق التاريخية المنحدرة إلينا في التراث؟» وهو بدوره يقوم على سؤال: «ما هي طبيعة المعرفة التاريخية؟» لهذه المشكلة كرس بلتمان نصف «محاضرات جيفورد» (1955م)، وإلى ذلك التحليل الذي قدمه في هذه المحاضرات على وجه التحديد وجه إميليو بتي فيما بعد اعتراضا عنيفا.
يبين بلتمان أن كل تفسير للتاريخ أو لأي وثيقة تاريخية يحدوه اهتمام معين وتوجهه مصلحة معينة، هذا الاهتمام بدوره يرتكز على فهم مبدئي معين للموضوع، من هذا الاهتمام وهذا الفهم يتشكل «السؤال» المطروح على النص، وبدون هذين الشرطين لن يمكن لسؤال أن يطرح ولن يكون هناك أي تفسير، ومن ثم فما من تأويل إلا وهو مسترشد ب «الفهم المسبق»
للمؤول (مما يذكر مرة أخرى بتحديدات هيدجر عن البنى المسبقة للفهم في «الوجود والزمان» بوصفها الشروط المسبقة للتأويل)، فإذا طبقنا ذلك على التاريخ فهو يعني أن المؤرخ يتخير دائما زاوية معينة للرؤية أو وجهة معينة من النظر، مما يعني بدوره أنه منفتح بالدرجة الأولى على ذلك الجانب من العملية التاريخية الذي ينكشف للأسئلة التي تطرح من هذه الوجهة من الرؤية، ومهما تذرع المؤرخ بالموضوعية في استقصاء موضوعه فما هو بقادر على أن يهرب من فهمه الخاص، يقول بلتمان: «بمجرد اختيار زاوية معينة للرؤية يكون قد بدأ عمله، ما يمكن أن أسميه التلاقي الوجودي مع التاريخ، فالتاريخ لا يتحلى بالمعنى إلا عندما يقف المؤرخ نفسه داخل التاريخ ويشارك في التاريخ.» ثم يستشهد بلتمان بكولنجوود في قوله بأن الأحداث يجب أن يعاد تمثيلها في عقل المؤرخ، وهكذا لا تغدو موضوعية ومعروفة له إلا لأنها أيضا ذاتية،
2
وما دام المعنى لا يبزغ إلا من علاقة المؤول بالمستقبل، فإنه يغدو مستحيلا الحديث عن معنى موضوعي، أي بلا وجهة رأي، وما دمنا لم نعد نزعم معرفة نهاية التاريخ وغايته فإن «السؤال عن المعنى في التاريخ (ككل) قد أصبح سؤالا بلا معنى».
والحق أن «مبدأ هيزنبرج» قد يسري هنا في صورة أكثر جذرية، أي إن الموضوع الملاحظ نفسه يتغير بعض الشيء بفعل حالة كونه يلاحظ. إن المؤرخ هو جزء من المجال نفسه الذي يلاحظه ، والمعرفة التاريخية هي نفسها حدث تاريخي، ومن ثم فإن الذات والموضوع في علم التاريخ لا ينفصلان ولا يوجد الواحد منهما بمعزل عن الآخر، ولهذه الحقيقة، في رأي بلتمان، متضمنات تخص الإيمان المسيحي، وخاصة من حيث إن المسيحي خلال اللحظة الأخروية يرتفع فوق التاريخ ويعود فيدخله بمستقبل جديد ومن ثم بمعنى جديد يضفيه على التاريخ، وقد يقول قائل هنا إن بلتمان في فكرة الأخرويات هذه يريد أن يمضي خطوة أبعد من كولنجوود ليستخدم مدخلا (تناولا) لاهوتيا (أخرويا) للسؤال عن المعنى في التاريخ، إلا أن الفكرة المحورية التي يرتكز عليها بلتمان واضحة وصريحة (وهي نفس الفكرة التي هاجمها بتي): وهي أننا لا يمكن أن نتحدث عن معنى موضوعي في التاريخ؛ وذلك لأن التاريخ لا يمكن أن يعرف إلا من خلال «ذاتية» المؤرخ نفسه! (2) تأويلية إميليبو بتي
E. Betti
في عام 1962م، أي بعد عامين من صدور «الحقيقة والمنهج»، أصدر المفكر والناقد والمؤرخ القانوني الإيطالي إميليو بتي
अज्ञात पृष्ठ