وان اردت الإفتخار بالفرسان والتفاضل بالشجعان فمن كان قبلنا منهم في مدة المنصور بن أبي عامر ومدة ملوك الطوائف أخبارهم مشهورة واثارهم مذكورة وكفاك من ابطال عصرنا ما سمعت عن الأمير أبي عبد الله بن مردنيش وأنه كان يدفع في مواكب النصارى ويشقها يمينا ويسارا منشدا
(اكر على الكتيبة لا ابالي ... احتفي كان فيها ام سواها)
حتى أنه دفع يوما في موكب من النصارى فصرع وقتل وظهر منه ما اعجبت به نفسه فقال لشيخ من خواصه عالم بامور الحرب مشهور بها كيف رأيت فقال له لو رآك السلطان زاد فيما لك في بيت المال واعلى مرتبتك امن يكون راس جيش يقدم هذا الإقدام ويتعرض بهلاك نفسه إلى هلاكهم فقال له دعني فإني لا اموت مرتين وإذا مت أنا فلا عاش من بعدي
والقائد ابو عبد الله بن قادوس الذي اشتهر من شجاعته ومواقعه في النصارى وحسن بلائه ما صير النصارى من رعبه والاقرار بفضله في هذا الشأن ان يقول أحدهم لفرسه إذا سقاه فلم يقبل على الماء مالك ارأيت ابن قادوس في الماء وهذه مرتبة عظيمة والفضل ما شهدت به الاعداء
ولقد أخبرني من اثق به أنه خرج من عسكر في كتيبة مجردة برسم الغارة على بلاد النصارى فوقع في جمع كبير منهم فجهد جهده في الخلاص منهم والرجوع إلى العسكر فجعل يقاتل مع اصحابه في حالة الفرار إلى ان كبا بأحد جنده فرسه وفر عنه فناداه مستغيثا فقال اصبر ثم نظر إلى فارس من النصارى قد طرق فقال اجر إلى هذا
पृष्ठ 49