الموصلة في المسجد الحرام فلما قعدوا وأخذوا مراتبهم ثم تكلم عبد المطلب وقال اعلموا أني قد دبرت تدبيرا فقال المشايخ وما دبرت يا رئيس قريش وكبير بني هاشم فقال يا قوم إنكم تحتاجون أن تخرجوا معي نحو سيف بن ذي يزن لتهنئته في ولايته وهلاك عدوه ليكون أرفق بنا وأميل إلينا فقالوا له بأجمعهم نعم ما رأيت ونعم ما دبرت ثم أمر عبد المطلب أن يستحكموا آلات السفر ففرغوا من ذلك قال فخرج عبد المطلب ومعه سبعة وعشرون رجلا على نوق جياد نحو اليمن فلما وصلوا إلى سيف بن ذي يزن بعد أيام سألوا عن الوصول إليه قالوا لهم إن الملك في قصر الوادي وكان من عاداته في أوان الورد أن يدخل قصر غمدان ولا يخرج إلا بعد نيف وأربعين يوما ولا يصل إليه ذو حاجة ولا زائر وأنتم قصدتم الملك في أيام الورد فذهب عبد المطلب إلى باب بستانه وكان لقصر غمدان في وسط البستان أبواب وكان لهذا البستان باب يفتح إلى البرية وقد وكل بذلك الباب بواب واحد فقال عبد المطلب لأصحابه لعلنا يتهيأ لنا الدخول بحيلة ولا يتهيأ لنا إلا بها فقال القوم صدقت قال الواقدي ثم إن عبد المطلب نزل واتجه نحو الباب فنظر إلى البواب وسلم عليه وضحك في وجهه ولم يظهر للبواب شيئا ولم يقعد إلا إلى جانبه ثم قال له يا بواب دعني أن أدخل البستان فقال له البواب وا عجبا منك ما أقل فهمك وأضعف رأيك أمصروع أنت فقال له عبد المطلب ما رأيت من جنوني فقال له البواب أما علمت أن سيف بن ذي يزن في القصر مع جواريه وخدمه قاعد فإن أبصرك في بستانه أمر بقتلك وإن سفك دمك عنده أهون من شربة ماء فقال له عبد المطلب دعني أدخل ويكون من الملك إلي ما يكون فقال له البواب يا مغلوب العقل إن الملك في القصر وعيناه للباب والبواب وإنه قدر ما يرفق أن يأمر بقتلك فقال عقيل بن أبي وقاص يا أبا الحارث أما علمت أن المسارج لا تضيء إلا بالدهن فقال عبد المطلب صدقت قال الواقدي ثم إن عبد المطلب دعا بكيس من أديم فيه ألف دينار وقال بعد أن صب الكيس
पृष्ठ 39