फदाइल थक़लेन
فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل
शैलियों
مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى، وأعطانا البصيرة بعد العمى» (1).
1056 ومن غرر كلامه ودرر نظامه عليه من الله تعالى زواكي تحياته عند ما تلا قول الله تعالى: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله (2): «إن الله سبحانه جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح لله تعالى- عزت آلاؤه- في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظته في الأسماع والأبصار والأفئدة، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه بمنزلة الأدلة في الفلوات، من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن أخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق، وحذروه من الهلكة، وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات، وأدلة تلك الشبهات.
وإن للذكر أهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه، يقطعون به أيام الحياة ويهتفون بالزواجر عن محارم الله تعالى في أسماع الغافلين، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه، فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم منها، فشاهدوا ما وراء ذلك، وكأنما أطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه، وحققت القيامة عليهم عداتها، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا، حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون، فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة، ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة أمروا بها فقصروا عنها، أو نهوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا، وتجاوبوا نحيبا، يعجون إلى ربهم من مقام ندم واعتراف، لرأيت أعلام هدى، ومصابيح دجى، قد حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وفتحت لهم أبواب السماء، وأعدت لهم مقاعد الكرامات، في مقعد اطلع الله تعالى عليهم فيه، فرضي سعيهم، وحمد مقامهم، يتنسمون بدعائه روح التجاوز، رهائن فاقة إلى فضله، وأسارى ذلة لعظمته، جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم، لكل باب رغبة إلى الله تعالى منهم يد قارعة، يسألون
पृष्ठ 413