362

फदाइल थक़लेन

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

शैलियों

ولهوات، ويسمع لا بحروف (1) وأدوات، يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة. يقول لما يريد كونه:

«كن» فيكون! لا بصوت ولا نداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله، لم يكن قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكن إلها ثانيا، لا يقال: كان بعد أن لم يكن، فتجري عليه الصفات المحدثات ولا يكون بينها وبينه فصل، ولا له عليها فضل، فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدع والبديع. خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الأود والاعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج، أرسى أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها، وخد أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه.

هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بمعرفته، والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته، لا يعجزه منها شيء طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه، خضعت الأشياء له، فذلت مستكينة لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فيمتنع من نفعه وضره، ولا كفو له فيكافيه، ولا نظير له فيساويه، هو المفني لها بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها.

وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها! وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها، وما كان مراحها وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة أممها وأكياسها، على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها.

وإنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان، ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات،

पृष्ठ 392