أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الكلواذي، المعروف بالسمعوني، قال: قرئ على الشيخ أبي طالب محمد بن علي بن عطية الحارثي المكي، في كتابه الملقب بقوت القلوب، وأنا حاضر أسمع، حدثونا في الإسرائيليات عن وهب بن منبه اليماني: أن سليمان بن داود -عليه السلام- لما قبضه الله تعالى إليه، خلف من بعده رجال من ولده، يعمرون بيت المقدس ويعظمونه برهة من الدهر، حتى خلف بعدهم رجل من ولد سليمان، فخالف طريقة آبائه، وترك شريعتهم، وتكبر في الأرض وطغى، وقال: بنى جدي داود وأبي سليمان مسجدا، فما لي لا أبني مسجدا مثل ما بنوا، وأدعو الناس إلى شريعتي كما دعوا، فبنى مسجدا يضاهي به مسجد بيت المقدس، وادعى على الله تعالى أنه أمره بذلك، وصرف الناس إليه، وبذل لهم الأموال، وأخرب مسجد بيت المقدس وهجره، فدخل الناس في دينه رغبة ورهبة، قال: فابتعث الله نبيا من بعض القرى فقال له: اركب أتانك هذه، وأت هؤلاء القوم أحفل ما يكونون، فناد في مسجدهم ومجمعهم بأعلى صوتك: يا مسجد الضرار، إن الله تعالى قد حلف باسمه ليوحشنك من عمارك، وليقتلن أهلك فيك، وليشدخنهم بخشبك وجبدلك، وليلغن الكلاب دماءهم، ولتأكلن لحومهم فيك، وناد في المدينة بأعلى صوتك مثل ذلك، ولا تأكل ولا تشرب ولا تستظل، ولا تنزل عن أتانك هذه حتى ترجع إلى قريتك التي خرجت منها، قال: ففعل ذلك، فثار إليه الناس فضربوه بالخشب، وشجونه بالحجارة، وهو على أتانه لا ينزل عنها، فناله على ذلك أذى كثير، وضرب عظيم.
पृष्ठ 43