أبنا أحمد، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا أحمد بن مروان، قال: ثنا أحمد ابن محمد البغدادي، قال: ثنا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب أنه قال: أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل -يقال له: أرميا- حين ظهرت فيهم المعاصي: أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم: أن لهم قلوبا لا يفقهون بها، وأعينا لا يبصرون بها، وآذانا لا يسمعون بها، وإني تذكرت صلاح آبائهم فقطعني ذلك عن أبنائهم، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي؟ وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي؟ وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟ إن الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم، والتمسوا الكرامة من غير وجهها، أما خيارهم فأنكروا حقي، وأما قراؤهم فعبدوا غيري، وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما عملوا، وأما ولاتهم فكذبوا علي وعلى رسلي، خزنوا المكر في قلوبهم، وعودوا الكذب ألسنتهم، وإني أقسم بجلالي وعزتي، لأهيجن عليهم خيولا لا يفقهون ألسنتهم، ولا يعرفون وجوههم، ولا يرحمون بكاءهم، ولأبعثن فيهم ملكا جبارا [قاسيا]، له عساكر كقطع السحاب، ومواكب كأمثال العجاج، كأن خفقان راياته طيران النسور، وكأن حمل فرسانه كر العقبان، يعيدون العمران خرابا، ويتركون القرى وحشة، فيا ويل إيلياء وسكانها، كيف أذللهم للقتل، وأسلط عليهم السبي، وأعيد لجب الأعراس صراخا، وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب، وبعد شرافات القصور مساكن السباع، وبعد ضوء السراج وهج العجاج، وبالعز الذل، وبالنعمة العبودية، ولأبدلن [نساءهم] بعد الطيب التراب، وبالمشي على الزرابي الخبب، ولأجعلن أجسادهم زبلا للأرض، وعظامهم ضاحية للشمس، ولأدوسنهم بألوان العذاب، ثم لآمرن السماء فلتكون طبقا من حديد، والأرض سبيكة من نحاس، وإن أمطرت لم تنبت الأرض، وإن أنبتت شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم، ثم أحبسه في زمان الزرع، وأرسله في زمان الحصاد، فإن زرعوا في خلال ذلك شيئا سلطت عليه الآفة، فإن خلص منه شيء نزعت منه البركة، فإن دعوني لم أجبهم، وإن سألوني لم أعطهم، وإن بكوا لم أرحمهم، وإن تضرعوا صرفت وجهي عنهم.
पृष्ठ 39