Facilitating Islamic Creed - Edition 6
متن تسهيل العقيدة الإسلامية - ط ٦
प्रकाशक
مدار الوطن للنشر
संस्करण संख्या
السادسة؛ كما جاء صريحا في مقدمة المؤلف خلافًا لما أثبته الناشر على الغلاف
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
متن تَسهِيل العَقِيدَةِ
تأليف
أ. د عَبد الله بن عَبد العَزيز الجِبرِين
عضو الإفتاء سابقًا
والأستاذ المتقاعد بجامعة الملك سعود بالرياض
1 / 5
بسم الله الرحمن الرحيم
التمهيد
العقيدة هي: الإيمان الجازم بالله تعالى، وبما يجب له من التوحيد، والإيمان بملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرِّه، وبما يتفرع عن هذه الأصول ويلحق بها مما هو من أصول الدين.
وللعقيدة الصحيحة أسماء متعددة، أهمها: "السنة"، و"أصول الدين"، والفقه الأكبر.
والمتمسكون بالعقيدة الصحيحة هم "أهل السنة والجماعة"، وهم المتمسكون بالعقيدة التي كان عليها رسول الله ﷺ واتفق عليها أصحابه ﵃، ويسمى أهل السنة والجماعة "أصحاب الحديث"، أو "أهل الحديث". وهم "الفرقة المنصورة"، و"الفرقة الناجية".
والسلف هم أصحاب النبي ﷺ ومن اتبعهم وسار على طريقتهم من أئمة الدين من أهل القرون الثلاثة المفضلة.
1 / 6
ويقابل السلف: "الخلف"، وهم "من خالف طريقة النبي ﷺ وأصحابه في باب العقائد كالخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة، وكأهل الكلام الذين قدموا العقل البشري على النصوص الشرعية: كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم".
وللعقيدة الإسلامية خصائص كثيرة، منها: أنها عقيدة غيبية، وأنها عقيدة توقيفية.
وأهل السنة والجماعة وسط بين فرق الضلال، فهم وسط في أسماء الله وصفاته بين المعطلة والممثلة، فيؤمنون بجميع أسماء الله وصفاته الثابتة في النصوص الشرعية، ويؤمنون بأن جميع صفات الله تعالى صفات حقيقية تليق بجلاله تعالى ولا تماثل صفات المخلوقين، وهم وسط في القضاء والقدر بين القدرية والجبرية، فيؤمنون بأن العباد فاعلون حقيقة، وأن لهم مشيئة تحت مشيئة الله تعالى، وأن أفعالهم واقعة بتقدير الله تعالى، المتضمن علمه وكتابته لها، ومشيئته النافذة لوقوعها، وخلقه لها.
وهم وسط في الوعد والوعيد بين الوعيدية والمرجئة، فهم يؤمنون بأن المسلم إذا ارتكب معصية من الكبائر غير المكفرة لا يخرج من الإسلام، وأنه في الآخرة تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه حتى يطهره من ذنوبه ثم يدخله الجنة.
ويعتقدون أنه يجب على المسلمين السمع والطاعة في المعروف لمن تولى أمرهم من المسلمين، وأنه يحرم الخروج عليه ما لم يقع في الكفر البواح.
وهم وسط في الصحابة بين الشيعة الرافضة والخوارج، فيحبون جميع
1 / 7
أصحاب النبي ﷺ، ويترضون عنهم، ويمسكون عما حصل بينهم من التنازع.
الباب الأول: مراتب الدين:
لدين الله تعالى ثلاث مراتب، وهي الإسلام والإيمان والإحسان.
الفصل الأول، الإسلام:
إذا أطلق لفظ "الإسلام" مفردًا أريد به دين الله كله، وإن ذكر مقرونًا بالإيمان أريد به: الأعمال والأقوال الظاهرة.
وشرائع الإسلام كثيرة، منها: أركانه الخمسة، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام.
الفصل الثاني، الإيمان:
إذا أطلق لفظ "الإيمان" مفردًا أريد به دين الله كله.
والإيمان بهذا الإطلاق هو: "قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح. فهو بهذا الإطلاق قول ونية وعمل.
والعمل ركن في الإيمان لا يصح الإيمان إلا به، فمن ترك العمل بجميع ما أوجبه الله تعالى كفر إجماعًا.
أما إذا أطلق لفظ الإيمان مقرونًا بالإسلام فيراد به حينئذ: الاعتقادات الباطنة.
والإيمان بهذا الإطلاق له أركان ستة: الركن الأول: الإيمان بالله تعالى، ويتضمن الإيمان بوجود الله تعالى واعتقاد تفرده في ربوبيته وألوهيته
1 / 8
وأسمائه وصفاته.
والركن الثاني: الإيمان بملائكة الله تعالى، ويتضمن أربعة أمور: أولها: الإيمان بوجودهم، وثانيها: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، وثالثها: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، ورابعها: الإيمان بما علمنا من أعمالهم.
والركن الثالث: الإيمان بكتب الله تعالى، ويتضمن أربعة أمور: أولها:
الإيمان بأن الله تعالى أنزل إلى كل نبي ورسول كتابًا، وثانيها: الإيمان بما علمنا اسمه من كتب الله تعالى باسمه، وثالثها: الإيمان بأن جميع ما في كتب الله قبل تغيير ما غيّر منها حق، وأن جميع كتب الله قد دخلها التغيير والتحريف سوى القرآن، ورابعها: الإيمان بأنه يجب على كل أمة أن تعمل بكتابها، وأنه بعد نزول القوآن نسخت جميع الكتب السابقة، ووجب على جميع الأمم العمل بالقرآن.
والركن الرابع: الإيمان برسل الله تعالى وأنبيائه ﵈ ويتضمن ثلاثة أمور: أولها: أن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا. وثانيها: الإيمان بمن ذكرت لنا أسماؤهم من رسل الله تعالى وأنبيائه بأسمائهم، ومن لم يذكر اسمه منهم نؤمن به على وجه الإجمال. وثالثها: أن عقيدة رسل الله تعالى واحدة، أما شرائعهم فمختلفة في تفصيلات أحكامها، ويجب على أهل الأرض إنسهم وجنهم بعد بعثة خاتم أنبياء الله ورسله محمد ﷺ أن يتبعوا شريعته.
الركن الخامس من أركان الإيمان: الإيمان باليوم الآخر، وهو يتضمن أمورًا كثيرة، أهمها ستة أمور: أولها: فتنة القبر. وثانيها: نعيم القبر وعذابه. وثالثها: النفخ في الصور. ورابعها: البعث. وخامسها: ما يكون في يوم القيامة
1 / 9
من حساب وغيره. وسادسها: الجنة والنار.
والركن السادس من أركان الإيمان: الإيمان بالقدر خيره وشره.
الفصل الثالث، الإحسان:
وللإحسان درجتان ومقامان: أولهما وأرفعهما: مقام المشاهدة.
والثاني: مقام الإخلاص.
الباب الثاني: التوحيد:
التوحيد هو الإيمان بوجود الله تعالى وإفراده بالربوبية والألوهية والإيمان بجميع أسمائه وصفاته.
وللتوحيد ثلاثة أنواع، هي: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
الفصل الأول: توحيد الربوبية: وهو الإيمان بوجود الله وأنه الخالق الرازق المدبر للكون وحده.
وهذا التوحيد لا يكفي وحده للدخول في الإسلام، فقد كان المشركون مقرين به، فلم يدخلهم ذلك في الإسلام، لإشراكهم في توحيد الألوهية.
وهذا التوحيد قد أقر به أكثر الخلق في القديم والحديث، ولم ينكره إلا القليل من البشر.
الفصل الثاني: توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بالعبادة، ومن أجل هذا التوحيد خلق الله الجن والإنس، ومن أجله قامت الخصومة بين الأنبياء وبين أممهم، وبين أهل التوحيد وبين أهل الشرك والخرافات.
1 / 10
وهذا النوع تشمله كلمة التوحيد "لا إله إلا الله".
ومعناها: لا معبود بحق إلا الله.
ولهذه الكلمة سبعة شروط: أولها: العلم بمعناها، وثانيها: اليقين، وثالثها: القبول. ورابعها: الانقياد، وخامسها: الصدق. وسادسها: الإخلاص، وسابعها: المحبة.
ولهذه الكلمة نواقض كثيرة تجتمع في ثلاثة نواقض:
أولها: الشرك الأكبر، وثانيها: الكفر الأكبر، وثالثها: النفاق الاعتقادي.
والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
وهي تنقسم إلى قسمين: أولهما: العبادات المحضة، وهي كل قول أو فعل هو عبادة من أصل مشروعيته ودل الدليل على تحريم صرفه لغير الله.
وتشمل العبادات القلبية، والقولية، والبدنية، والمالية.
وثانيهما: العبادات غير المحضة، وهي: الأعمال والأقوال التي ليست عبادات من أصل مشروعيتها، ولكنها تتحول بالنية الصالحة إلى عبادات.
وتشمل فعل الواجبات والمندوبات والمباحات، وترك المحرمات والمكروهات، فإذا ابتغى المسلم بهذا الفعل أو الترك وجه الله تعالى كان ذلك عبادة يثاب عليها.
ولقبول العبادة شرطان رئيسان: أولهما: الإخلاص، والثاني: موافقة شرع الله تعالى.
1 / 11
وعبادة الله تعالى ترتكز على أصول ثلاثة: أولها: المحبة. وثانيها: الخوف. وثالثها: الرجاء.
الفصل الثالث: توحيد الأسماء والصفات
أسماء الله تعالى وصفاته من الغيب الذي لا يعرفه الإنسان على وجه التفصيل إلا عن طريق السمع، فلا يمكن للعقل البشري أن يستقل بالنظر في أسماء الله وصفاته.
وطريقة أهل السنة والجماعة في الصفات الإلهية: أنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ويؤمنون بأنها صفات حقيقية تليق بجلال الله تعالى.
كما أنهم ينفون عنه تعالى ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله ﷺ، مع اعتقادهم ثبوت كمال ضد الصفة المنفية له جل وعلا.
أما طريقتهم فيما لم يرد نفيه ولا إثباته: فإنهم يتوقفون في لفظه، أما معناه: فإن كان حقًا قبلوه، وإن كان باطلًا ردوه.
ومن أمثلة الصفات الإلهية: صفة العلو لله تعالى، وصفة الكلام، وصفة الاستواء على العرش، وصفة الوجه، وصفة اليدين، وصفة المحبة.
الباب الثالث: نواقض التوحيد:
الفصل الأول: الشرك الأكبر:
وهو أن يتخذ العبد لله ندًا يسوية به في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه أو
1 / 12
صفاته. وهو أعظم ذنب عصي الله تعالى به، ولهذا فإن الله لا يغفره، وصاحبه خارج من ملة الإسلام، ولا يقبل منه عمل، وهو مخلد في النار.
وللشرك الأكبر ثلاثة أقسام رئيسة:
أولها: الشرك في الربوبية، وهو أن يجعل لغير الله تعالى معه نصيبًا من الملك أو التدبير أو الخلق أو الرزق الاستقلالي.
وثانيها: الشرك في الأسماء والصفات، وهو أن يجعل لله تعالى مماثلًا في شيء من الأسماء أو الصفات أو يصفه تعالى بشيء من صفات خلقه.
وثالثها: الشرك في الألوهية، وهو اعتقاد أن غير الله تعالى يستحق أن يعبد أو صرف شيء من العبادة لغير الله.
ولهذا القسم من أقسام الشرك - وهو الشرك في الألوهية - أنواع ثلاثة، أولهاة اعتقاد أن غير الله تعالى يستحق أن يصرف له أي نوع من أنواع العبادة.
وثانيها: صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى، ومنه: الشرك في دعاء المسألة، كأن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وكدعاء الميت والغائب، وكاتخاذ الوسائط والشفعاء، ومنه: الشرك في دعاء العبادة، كالشرك في الخوف، والمحبة، والرجاء، والصلاة، والسجود، والركوع، والذبح، والنذر، والصدقة، والصيام، والحج، والطواف.
وثالث أنواع الشرك في الألوهية: الشرك في الحكم والطاعة، وذلك بأن يعتقد أن حكم غير الله أفضل من حكمه أو مثله، أو يجوز الحكم به، أو يعتقد مشروعية طاعة غير الله ورسوله في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله.
1 / 13
الفصل الثاني: الكفر الأكبر:
وهو كل اعتقاد أو قول أو فعل أو ترك يناقض الإيمان ومنه: أن ينكر المكلف شيئًا من أصول الدين أو أحكامه أو أخباره الثابتة ثبوتًا قطعيًا، أو يشك في شيء من ذلك.
ومنه: أن يسب شيئًا من دين الله تعالى أو يستهزئ به. ومنه: أن يبغض دين الله تعالى أويبغض شيئًا منه.
ومنه: أن يعرض عن دين الله كله أو يعرض عن امتثال جميع ما أوجبه الله تعالى.
ومن الأمور المهمة المتعلقة بالكفر والشرك: أن المسلم إذا وقع في ناقض من نواقض التوحيد سواء في باب الكفر أو في باب الشرك أو في باب النفاق لا يحكم بخروجه من الملة، حتى يعلم توفر جميع شروط الحكم عليه بالكفر وانتفاء جميع موانع الحكم عليه بذلك.
الفصل الثالث: النفاق الاعتقادي:
وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه. وحكم المنافق حكم المشرك شركًا أكبر والكافر كفرًا أكبر، وهو في الآخرة أشد عذابًا من سائر الكفار والمشركين.
الباب الرابع: منقصات التوحيد:
الفصل الأول: الوسائل التي توصل إلى الشرك الأكبر:
حمى النبي ﷺ جناب التوحيد من كل ما يهدمه أو
1 / 14
ينقصه، ومنع من كل الوسائل التي تفضي إليه.
ومن أخطر هذه الوسائل ثلاث وسائل تكاثرت النصوص في التحذير منها:
أولها: الغلو في الصالحين، كالمبالغة في مدحهم، وتصويرهم، وثانيها: التبرك البدعي والشركي: ومن التبرك البدعي: التمسح بالصالحين وبثيابهم وتراب قبورهم، والتبرك بالأزمان والأماكن والأشياء التي لم يرد في الشرع ما يدل على مشروعية التبرك بها. والتبرك المبتدع بالأماكن والأشياء الفاضلة.
وثالث هذه الوسائل: رفع القبور وتجصيصها، وإسراجها، وبناء الغرف فوقها، وبناء المساجد عليها، وعبادة الله عندها.
الفصل الثاني: الشرك الأصغر:
وهو كل ما كان فيه نوع شرك لكنه لم يصل إلى درجة الشرك الأكبر.
ولهذا الشرك أنواع ثلاثة: أولها: الشرك في العبادات القلبية، ومنه: الرياء، وهو أن يظهر الإنسان العمل الصالح للآخرين أو يحسنه عندهم، أو يَظهر عندهم بمظهر مندوب إليه ليمدحوه ويعظم في أنفسهم.
ومنه: أن يعمل الإنسان العبادة المحضة ليحصل على مصلحة دنيوية مباشرة.
ومنه: الاعتماد على الأسباب، ومنه التطير.
وثاني أنواع هذا الشرك: الشرك في الأفعال ومنه: الرقى الشركية، والتمائم الشركية.
1 / 15
وثالث أنواع هذا الشرك: الشرك في الأقوال، ومنه: الحلف بغير الله، والتشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بالواو، والاستسقاء بالأنواء.
الفصل الثالث: الكفر الأصغر:
وهو كل معصية ورد في الشرع تسميتها كفرًا ولم تصل إلى حد الكفر الأكبر.
ومنه كفر النعمة والحقوق، وقتال المسلم لأخيه، والطعن في الأنساب، وإباق العبد، وانتساب العبد لغير أبيه.
الفصل الرابع: النفاق الأصغر:
وهو: أن يظهر الإنسان أمرًا مشروعًا، ويبطن أمرًا محرمًا غير كفري يخالف ما أظهره.
ومنه الكذب في الحديث، وإخلاف الوعد، والفجور في الخصومة، والغدر بالعهد، والخيانة للأمانة.
الفصل الخامس: البدعة:
وهي: كل اعتقاد أو قول أو فعل أو ترك تعبد به لله تعالى وليس في الشرع ما يدل على مشروعيته.
وللبدعة ثلاثة أقسام رئيسة
أولها: البدعة الاعتقادية، وهي: اعتقاد خلاف ما أخبر الله تعالى به أو أخبر به رسوله ﷺ، كالتمثيل والتعطيل ونفي القدر، واعتقاد أن الأولياء يتصرفون في الكون.
1 / 16
وثانيها: البدعة العملية، وهي: التعبد لله تعالى بغير ما شرع، كبناء الغرف أو المساجد على القبور والتعبد لله عندها، والاحتفالات المبتدعة.
وثالثها: بدعة الترك، وهي: ترك المباح أو ترك ما طلب فعله تعبدًا، كترك أكل اللحم تعبدًا، وترك الزواج تعبدًا.
ولخطورة البدعة ولكون صاحبها يريد الزيادة في دين الله تعالى ويدعي - كما قال إمام دار الهجرة - أن محمدًا ﷺ خان الرسالة فلم يبلغها كاملة وردت نصوص شرعية كثيرة تدل على تحريم البدع وعظم جرم فاعلها وأن فعله لها مردود عليه وأنه مرتكب ضلالة، وأنه بابتداعها قد رغب عن سنة المصطفى ﷺ، وأنه ليس من حزبه وأوليائه، وأن فاعليها المكثرين منها هم من شر الناس.
وأمثلة البدع كثيرة، سبق ذكر بعضها، وهي تنقسم من جهة غلظها إلى نوعين:
النوع الأول: ما يصل إلى الشرك الأكبر.
والنوع الثاني: ما لا يصل إلى الشرك الأكبر، ولكن أدى الوقوع فيها إلى الوقوع في الشرك الأكبر، ومن أخطر بدع هذا النوع وأكثرها شيوعًا ثلاث بدع عملية، أولها: التوسل البدعي، كأن يتوسل إلى الله تعالى في الدعاء بذات نبي أو عبد صالح، أو بحقه، أو بجاهه، وثانيها: إقامة الأعياد والاحتفالات البدعية، وهذه الاحتفالات المبتدعة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولها: الاحتفال في أيام لم تعظمها الشريعة، كأول يوم من رجب وليلة الجمعة التي تليه.
1 / 17
وثانيها: الاحتفال في الأيام والليالي التي جاء في الشرع ما يدل على فضلها، كيوم عرفة، ويوم عاشوراء، وليلة القدر، وليلة النصف من شعبان.
وثالثها: الاحتفال في الأيام والليالي التي يقال: إنها حدثت فيها حوادث مهمة، كالليلة التي يقال: إنه حصل فيها الإسراء والمعراج بنبينا محمد ﷺ، وكيوم الثاني عشر من ربيع الأول الذي هو يوم وفاة النبي ﷺ، والذي زعم أعداء النبي ﷺ من العبيديين الملاحدة الذين أحدثوا الاحتفال في هذا اليوم أنه يوم ولادة النبي ﷺ، ثم تبعهم كثير من المسلمين في الاحتفال في هذا اليوم.
وثالث البدع العملية: الأذكار المبتدعة، وهي: أن يأتي الإنسان بذكر لم يرد في النصوص الشرعية، أو يأتي بذكر مشروع بطريقة محدثة، أو يكرره في زمان أو مكان أو في عبادة لم يرد ما يدل على مشروعية تكراره فيه.
الباب الخامس: الولاء والبراء:
المبحث الأول: تعريف الولاء والبراء وبيان حكمهما:
الولاء هو: محبة المؤمنين لأجل إيمانهم ونصرتهم والنصح لهم وإعانتهم ورحمتهم وما يلحق بذلك من حقوق المؤمنين.
والبراء هو: بغض أعداء الله من المنافقين وعموم الكفار وعداونهم والبعد عنهم وجهاد الحربيين منهم بحسب القدرة.
وهما واجبان وأصلان عظيمان من أصول الإيمان.
1 / 18
المبحث الثاني: مظاهر الولاء الواجب والولاء المحرم
ومظاهر الولاء الواجب: المحبة للمسلم ونصرته ومساعدته، والتألم لما يصيبه من المصائب، والسرور بما فيه خير له.
ويحرم على المسلم موالاة أعداء الله من سائر طوائف الكفار. وموالاتهم تنقسم إلى قسمين رئيسين، أولهما: الموالاة الكفرية، ومنها: أن يقيم ببلاد الكفار مع الرضا بدينهم، ومنها: التجنس بجنسية دولة كافرة تحارب المسلمين ملتزمًا بحربها للمسلمين، ومنها: التشبه المطلق بالكفار، ومنها: الدعوة إلى وحدة الأديان أو التقريب بينها، ومنها: إعانتهم على المسلمين محبة لهم ورغبة في انتصارهم على المسلمين.
وثاني قسمي موالاة الكفار: الموالاة المحرمة غير الكفرية، ومن مظاهرها: محبتهم، والاستيطان الدائم في بلادهم، والسفر إليها لغير حاجة، ومشاركتهم في أعيادهم الدينية، والتشبه بهم فيما هو خاص بهم مما يتميز به الكفار عن المسلمين، وتركهم يظهرون شعائر دينهم في بلاد المسلمين، واتخاذ الكافر بطانة، والسكن معه.
المبحث الثالث: ما يجوز أو يجب التعامل به مع الكفار مما لا يدخل في الولاء المحرم:
يجب على المسلمين حماية أهل الذمة والمستأمنين، والعدل عند الحكم فيهم أو بينهم وبين غيرهم، وإحسان جوارهم، ورد السلام عليهم، كما يجب عليهم دعوة جميع الكفار إلى الإسلام، ويحرم على المسلم أن يعتدي على كافر غير حربي، أو يظلمه، أو يغشه، كما يحرم إجبار اليهودي أو النصراني أو المجوسي على
1 / 19
الدخول في الإسلام.
ويجوز للمسلم استئجار الذمي والمستأمن في عمل ليس فيه استعلاء على مسلم، ويستحب له الإحسان إلى المحتاج منهم، وصلة قريبه منهم، ويجوز برهم بالهدية ونحوها عند وجود مصلحة شرعية، ويستحب إكرام أحدهم إذا نزل ضيفًا على المسلم، ويجوز للمسلم الأكل العارض معهم، والتعامل معهم في الأمور الدنيوية المباحة، وأن يعمل عندهم، وأن يشاركهم، كما يجوز أن يتزوج بكافرة كتابية عفيفة، ويجوز للمسلمين أن يستعينوا بالكفار إذا اضطروا إلى ذلك وأمنوا من مكرهم وضررهم، ويجوز للمسلم العلاج عند الكفار غير الحربيين إذا وثق بهم، ودفع الزكاة إلى المؤلف منهم، كما يجوز له أن يقبل الهدية من الكافر إذا لم يكن في قبولها موالاة له.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 / 20