Explanation of the Six Principles
شرح الأصول الستة
शैलियों
الاجتماع في الدين ونبذ الفرقة من الأصول التي جاء بها الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀: [الأصل الثاني: أمر الله بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرق فيه، فبين الله هذا بيانًا شافيًا تفهمه العوام، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، وذكر أنه أمر المسلمين بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه، ويزيده وضوحًا ما وردت به السنة من العجب العجاب في ذلك، ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين، وصار الأمر بالاجتماع في الدين لا يقوله إلا زنديق أو مجنون] .
يقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀: (الأصل الثاني) أي: من الأصول التي دل عليها القرآن، وجاءت بها السنة على وجه الاستفاضة، قال: (أمر الله بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرق فيه) الاجتماع في الدين لا يمكن ولا يتحقق إلاّ بالاعتصام بالكتاب الحكيم والأخذ بسنة خاتم النبيين ﷺ، والسير على صراط الصحابة والتابعين من خير القرون، هذه الأمور الثلاثة بها يحصل الاجتماع في الدين، ومن غيرها لا يمكن أن يحصل اجتماع، بل غيرها هو الفرقة التي نهى الله ﷾ عنها، وحذر منها رسوله ﷺ.
وقد أمر الله ﷿ بالاجتماع في الدين في آياتٍ كثيرة، كما أنه نهى عن الفرقة في آياتٍ كثيرة، فمن الأمر بالاجتماع في الدين قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى:١٣] فهذا هو الذي شرعه الله ﷿ لهذه الأمة، كما أنه أمر به من تقدم من الرسل، وأمره للرسل أمر للأمم، فإن الله ﷿ أمر الرسل وأمر أممهم بإقامة الدين فقال: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾، وإقامة الدين لا تتحقق إلاّ بالأخذ بالكتاب الحكيم وسنة سيد المرسلين، ﷺ، فالواجب على الأمة إذا أرادت الاجتماع أن تنبذ ماعدا هذين الوحيين: كتاب الله وسنة النبي ﷺ، وكذلك ما أجمع عليه السلف؛ لأن ما أجمع عليه سلف الأمة لابد أن يكون له دليل من الكتاب أو السنة، وقد قال الله جل وعلا في بيان ذلك: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران:١٠٣]، وحبله هو شرعه الذي أوحاه إلى رسوله ﷺ، فالأمر بالاجتماع ليس مجرد الاتفاق على أي وجهٍ كان، كما يدعو إليه بعض من قل نصيبه من العلم، فيقول: الواجب على الأمة أن تجتمع مذاهبها على اختلافها، وعلى تناحرها، فهذا هو الواجب على الأمة في نظره، ونحن نقول: هذا هو الواجب، لكن مع أمرك بالاجتماع لابد أن تبين طريق الاجتماع، وهو ما بينه الله في كتابه، أما أن تطلق الدعوة إلى الاجتماع دون بيان الطريق الموصل للاجتماع فهذا لا يحقق المقصود؛ لأن الله لما أمر بالاجتماع لم يأمر به مطلقًا، بل أمر به أمرًا واضحًا مقيدًا فقال ﷾: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ وقال جلّ وعلا: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى:١٣]، وإقامته لا تكون إلا بأخذه من مصادره الأصيلة الكتاب والسنة، فالأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق مما دل عليه الكتاب والسنة دلالةً واضحة، ولذلك قال المؤلف ﵀: (فبين الله هذا بيانًا شافيًا تفهمه العوام) يعني: لا يختلط، ولا يحتاج إلى عميق نظر وكبير تأمل حتى يتوصل الإنسان لهذه النتيجة، بل هي واضحة بينة لكل من أحسن قراءة أو سَمْع القرآن، فإن الله ﷾ أمر بذلك أمرًا واحدًا.
وأما النهي عن الفرقة فإنه كثير، ومن ذلك قوله ﷾: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران:١٠٥] ثم قال ﵀: (ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا) .
نهانا كما ذكرنا في الآية: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ وقوله جلّ وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام:١٥٩]، والآيات التي تحذر من التفرق في الدين كثيرة جدًا.
2 / 2