Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
शैलियों
ما يحصل من تصور الجن بصور الأنبياء والصالحين
هذه أيضًا قضية جديدة بدأها الشيخ، وهي من أخطر القضايا التي ينبغي التنبه لها في هذا العصر، وهي أيضًا من المسائل التي لا تزال قائمة عند المقابريين وعند أصحاب بدع المشاهد والآثار، والذين يرتادون المزارات ويتعلقون بالأشخاص أحياءً كانوا أو أمواتًا، وكذلك الذين يعوّلون على الخوارق ويسمونها الكرامات، ينظمهم هذا الكلام الذي يذكره الشيخ، وهو كلام جيد مؤصّل يوضح أن أغلب ما يعوّل عليه أهل الأهواء والبدع من دعاواهم أنهم يكلّمون الموتى ويكلمونهم، وأنهم يرون الخضر وغيره من الأنبياء، وأنهم يحدث لهم أن يخرج لهم أصحاب القبور، أو يحضر لهم البعيدون من ذويهم أو ممن يحبونهم من الأولياء، أو أنهم يرون ويشاهدون من الأمور الغيبية ما يدعونه كل هذه من فعل الشياطين.
ومن هنا نجد أن هذه المسألة تختلط فيها الكرامة بالمخرقة، وبهذا نفسّر اغترار كثير من الناس بأحوال أهل البدع من المعاصرين؛ لأنهم يقولون: نرى منهم كرامات، وفلان حدث على يده أن جاء الولي فلان وأسدى له الخدمة، وفلان كلّم فلانًا في قبره، وفلان حدث له أن جاءه قريبه أو والده فأنقذه من ذلك الموقف الحرج، وفلان نزلت له مثلًا مسألة فرجّت عنه كربة إلى آخره! كل هذه قضايا ينظمها أمر واحد وهي: أن أغلبها من باب الفتن وعبث الشياطين، حتى وإن حدثت على يد رجل صالح؛ لأن الشياطين يتشبهون بالصالحين ويتصورون بالصالحين.
فعلى أي حال كما قال الشيخ: لا ريب أن هذه المشاهد والأوثان والقبور والمزارات يتصور عندها من الشياطين ما يكون في جميع صور أفعال البشر، بما في ذلك تصور الشياطين بصور الأنبياء، أو تصور الشياطين بصور الصالحين، بل يحدث أن شياطين يتصورون لبعض أوليائهم على أنهم ربهم، كما حدث في عهد النبي ﷺ في قصة ابن صياد قال للنبي ﷺ: (ماذا ترى؟ قال: أرى عرشًا على الماء) يتوهم أنه ربه أو يزعم أنه ربه، تبدى له الشيطان على عرش فوق الماء، فقال النبي ﷺ: (ذاك عرش الشيطان).
فإذًا: هذه القضية تنسحب على كل أصحاب البدع، حتى وإن كان ظاهرهم الصلاح، بل بعض الصالحين الأولياء المتقين قد يحدث لهم ابتلاء بأن يعرض لهم الشيطان في مثل هذه الأحوال ابتلاء وفتنة، بل تعرّض الشيطان للنبي ﷺ، لكن الله أمكنه منه، وتعرّض الشيطان للنبي ﷺ فقبض عليه كما سيأتي، وتعرّض الشيطان للنبي ﷺ في بعض الأحوال، وأتاه بالشهب ليحرقه فاستعاذ منه وأتاه جبريل فعلمه كيف يستعيذ بالله منهم فاستعاذ النبي ﷺ.
فالنبي ﷺ حدث له مثل ذلك؛ لكن النبي ﷺ عصمه الله من أن تضره الشياطين، ولا يمكن أيضًا أن يحدث للنبي ﷺ أن يوهموه أنهم أهل حق، لكن أقول بناء على ذلك، فإن هذه الأحوال قد تحدث حتى للصالحين من باب الابتلاء والفتنة، وسيأتي ذكر المقاييس التي تعرف بها المخارق الباطلة وتميّز عن كرامات الأولياء أو الكرامات الصالحة بمقاييس دقيقة سيأتي الكلام عنها فيما بعد إن شاء الله.
5 / 4