شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
शैलियों
الحكم على أهل البدع والضلال
قوله: [ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأردياء، وبالله العصمة والتوفيق].
أي: وهم عندنا ضلال؛ لأن أقوالهم بدع، كما قال ﷺ: (وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)، جاء في الصحيح من حديث جابر، وجاء في سنن أبي داود وغيره: (وكل ضلالة في النار)، وطائفة كـ شيخ الإسلام ابن تيمية يقولون بأن هذا الحرف ليس محفوظًا، ومعتبر شيخ الإسلام ومن يأخذ على طريقته أن الضلالة قد تكون مغفورةً، وأن البدعة قد تكون مغفورةً للعبد، أو قد تسقط عقوبتها بغير العذاب، ومن هنا قال شيخ الإسلام: إن هذا الحرف ليس محفوظًا عن الرسول ﷺ، يعني قوله: (وكل ضلالة في النار).
وهذا المعنى الذي قرره شيخ الإسلام وجعل به هذا الحرف ليس محفوظًا ليس لازمًا فيما يظهر، بمعنى أن هذا الحرف إذا لم يكن مشكلًا من جهة الرواية نفسها، فإنه من جهة المتن ليس مشكلًا، وإن كان المعنى الذي قرره شيخ الإسلام صحيحًا، لكن يقال: إن قوله: (كل ضلالة في النار)، يثبت كسائر النصوص التي جاءت في الوعيد، كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا﴾ [النساء:١٤] مع أنه لا يلزم أن سائر العصاة كذلك، وكقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء:١٠].
وقد يقال: إن معتبر شيخ الإسلام ﵀ هو التصريح بالعموم، فإنه قال: (وكل ضلالة في النار)، لكن يقال: إن السياق في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْصِ الله)، أيضًا هو من سياقات العموم، والسياق في مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء:١٠]، هو من سياقات القصر والحصر، فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن إعلال هذا الحرف بهذا الوجه ليس لازمًا، وإن كان المعنى الذي قصده شيخ الإسلام من المعاني البينة المحكمة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
31 / 6