شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
शैलियों
الفرق بين مذهب المعتزلة ومذهب السلف في الإيمان
بعد أن تقرر أن العمل أصلٌ في الإيمان، استشكل بعض الشراح الفرق بين مذهب أهل السنة والمعتزلة عند من يقول بأن العمل أصلٌ في الإيمان، فنقول:
الفرق بَيِّن، وذلك من جهة أن المعتزلة فضلًا عن الخوارج، يلتزمون أن الواحد من الواجبات يكون تركه موجبًا لعدم الإيمان، إما بالكفر عند الخوارج، وإما بالفسق المطلق عند المعتزلة، أما السلف فإنهم يخالفونهم في ذلك، ويجعلون الأصل في الواجبات الظاهرة أن ترك الواحد منها ليس كفرًا ولا يوجب عدم الإيمان، ولم يتنازعوا في الواجبات الظاهرة إلا في المباني الأربعة على الخلاف المتقدم، فهذا هو جهة الفرق.
وأما من فرق بينهما فقال: إن المعتزلة يجعلون العمل أصلًا في الإيمان، وأهل السنة أو السلف يجعلون العمل ليس أصلًا، فلا شك أن هذا غلط، وإنما الفرق باعتبار الآحاد، وأما باعتبار الأصل فإن السلف مجمعون على أن من ترك سائر العمل مطلقًا مع وجود الإرادة والقدرة فإنه يكون كافرًا.
ولا يعترض على هذا بأن يقال: رجل قال: لا إله إلا الله ثم مات، فإن قلتم: إنه مات مسلمًا لزم أن العمل ليس أصلًا في الإيمان.
ولا شك أن هذا إذا نظرته نظرًا عقليًا مجردًا وجدت أنه ليس له قوة، لأنك إذا قلت: إن العمل ليس أصلًا في الإيمان، قلنا: فما حكمه؟ فإن قلت: واجب، من تركه يكون آثمًا يوافي ربه بالإثم، قيل لك: فهل من قال: لا إله إلا الله ومات -على قول من يقول: إن العمل ليس أصلًا في الإيمان- يوافي ربه بالإثم؟
فالجواب: أنه لا أحد يلتزم بهذا.
ويقال: العمل أصل إذا تركه مع وجود الإرادة والقدرة، أي: أنه يشترط تحقق الاستطاعة وتحقق القدرة، وهذا هو الأصل في سائر أحكام التكليف الشرعية.
20 / 9