Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras
شرح العقيدة الواسطية للهراس
प्रकाशक
دار الهجرة للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الثالثة
प्रकाशन वर्ष
١٤١٥ هـ
प्रकाशक स्थान
الخبر
शैलियों
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ (١)؛ بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى أنَّها ضميرٌ للرَّبِّ جَلَّ شَأْنُهُ.
وَلَيْسَ عَجَبُهُ سُبْحَانَهُ نَاشِئًا عَنْ خَفَاءٍ فِي الْأَسْبَابِ أَوْ جَهْلٍ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ؛ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي عَجَبِ الْمَخْلُوقِينَ؛ بَلْ هُوَ مَعْنًى يَحْدُثُ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مُقْتَضَى مَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِنْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُ.
وَهَذَا العَجَب الَّذِي وَصَفَ بِهِ الرسولُ ربَّه هُنَّا مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ، وَهُوَ مِنْ كَمَالِهِ تَعَالَى، فَإِذَا تأخَّر الْغَيْثُ عَنِ الْعِبَادِ مَعَ فَقْرِهِمْ وشدَّة حَاجَتِهِمْ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ الْيَأْسُ وَالْقُنُوطُ، وَصَارَ نَظَرُهُمْ قَاصِرًا عَلَى الْأَسْبَابِ الظاهرة، وحسبوا أن لا يَكُونَ وَرَاءَهَا فرجٌ مِنَ الْقَرِيبِ الْمُجِيبِ؛ فَيَعْجَبُ اللَّهُ مِنْهُمْ.
وَهَذَا محلٌّ عجيبٌ حَقًّا؛ إِذْ كَيْفَ يَقْنَطُونَ وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كلَّ شَيْءٍ، وَالْأَسْبَابُ لِحُصُولِهَا قَدْ توفَّرت؟! فَإِنَّ حَاجَةَ الْعِبَادِ وَضَرُورَتَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ رَحْمَتِهِ، وَكَذَا الدُّعَاءُ بِحُصُولِ الْغَيْثِ وَالرَّجَاءِ فِي اللَّهِ مِنْ أَسْبَابِهَا، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ الْيُسْرَ مَعَ الْعُسْرِ، وَأَنَّ الشِّدَّةَ لَا تَدُومُ، فَإِذَا انضمَّ إِلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْتِجَاءٍ وَطَمَعٍ فِي فَضْلِ اللَّهِ، وَتَضَرُّعٌ إِلَيْهِ ودعاء؛ فتح اللهم عَلَيْهِمْ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى الْبَالِ.
وَالْقُنُوطُ مَصْدَرُ (قَنَط)، وَهُوَ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى:
(١) الصافات: (١٢) . وقد ثبتت هذه القراءة عند الحاكم (٢/٤٣٠) بسند صحيح، ومن طريقه البيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/٢٢٥) . قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي» .
1 / 170