115

Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras

شرح العقيدة الواسطية للهراس

प्रकाशक

دار الهجرة للنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الثالثة

प्रकाशन वर्ष

١٤١٥ هـ

प्रकाशक स्थान

الخبر

शैलियों

فَهَذِهِ الْآيَةُ تضمَّنت إِثْبَاتَ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، وَإِثْبَاتَ تَوْحِيدِ الرُّبوبية، فَإِنَّ اللَّهَ بَعْدَمَا أَخْبَر عَنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ وُجُودِ إِلَهٍ مَعَهُ أَوْضَحَ ذَلِكَ بِالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ وَالْحُجَّةِ الْبَاهِرَةِ، فَقَالَ: ﴿إِذًا﴾؛ أَيْ: إِذْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلهةٌ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ؛ ﴿لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض﴾ ٍ. وَتَوْضِيحُ هَذَا الدَّلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إِذَا تعدَّدت الْآلِهَةُ؛ فَلَا بدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ خَلْقٌ وَفِعْلٌ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّعَاوُنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ ضروريٌّ، كَمَا أَنَّ التَّعَاوُنَ بَيْنَهُمْ فِي الْخَلْقِ يَقْتَضِي عَجْزَ كُلٍّ مِنْهُمْ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَالْعَاجِزُ لَا يَصْلُحُ إِلَهًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يستقلَّ كلٌّ مِنْهُمْ بِخَلْقِهِ وَفِعْلِهِ، وحينئذٍ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا مُتَكَافِئِينَ فِي الْقُدْرَةِ، لَا يَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَقْهَرَ الْآخَرِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، فَيَذْهَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا خَلَقَ، وَيَخْتَصَّ بِمُلْكِهِ؛ كَمَا يَفْعَلُ مُلُوكُ الدُّنْيَا مِنَ انْفِرَادِ كُلٍّ بِمَمْلَكَتِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا لِقَهْرِ الْآخَرِينَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ أَقْوَى مِنَ الْآخَرِينَ، فَيَغْلِبَهُمْ، وَيَقْهَرَهُمْ، وَيَنْفَرِدَ دُونَهُمْ بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ، فَلَا بُدَّ إِذًا مَعَ تعدُّد الْآلِهَةِ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ: إِمَّا ذَهَابُ كُلٍّ بِمَا خَلَقَ، أَوْ عُلُوُّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَذَهَابُ كلٍّ بِمَا خَلَقَ غَيْرُ وَاقِعٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّنَافُرَ وَالِانْفِصَالَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْعَالَمِ، مَعَ أَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تُثْبِتُ أَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ كَجِسْمٍ وَاحِدٍ مُتَرَابِطِ الْأَجْزَاءِ، متَّسق الْأَنْحَاءِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا أَثَرًا لِإِلَهٍ وَاحِدٍ. وَعُلُوُّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ هُوَ الْعَالِيَ وَحْدَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ﴾؛ فَهُوَ نهيٌ لَهُمْ أَنْ يشبِّهوه بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ مَخْلُوقٌ. وَقَدْ قدَّمنا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي حَقِّهِ مِنَ الْأَقْيِسَةِ مَا يَقْتَضِي

1 / 135